52 - لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا .
هذه الآية نزلت مجازاة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلّم على حسن صنيعهن في اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة لما خيرهن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كما تقدم فلما اخترن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان جزاؤهن أن الله تعالى قصره عليهن وحرم عليه أن يتزوج بغيرهن أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن ثم إنه تعالى رفع عنه الحرج في ذلك وأباح له التزوج ولكن لم يقع منه بعد ذلك تزوج لتكون المنة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم عليهن روي عن عائشة Bها أنها قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى أحل الله له النساء ( أخرجه أحمد والترمذي والنسائي ) . وروى ابن أبي حاتم عن أم سلمة أنها قالت : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى أحل له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم وذلك قول الله تعالى : { ترجي من تشاء منهن } ( أخرجه ابن أبي حاتم ) فجعلت هذه ناسخة للتي بعدها في التلاوة كآيتي عدة الوفاة في البقرة الأولى ناسخة للتي بعدها والله أعلم . وقال آخرون : بل معنى الآية { لا يحل لك النساء من بعد } أي من بعدما ذكرنا لك من صفة النساء اللاتي أحللنا لك من نسائك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك وبنات العم والعمات والخال والخالات والواهبة وما سوى ذلك من أصناف النساء فلا يحل لك .
قال ابن جرير عن زياد عن رجل من الأنصار قال قلت لأبي بن كعب : أرأيت لو أن أزواج .
النبي صلى الله عليه وسلّم توفين أما كان له أن يتزوج ؟ فقال : وما يمنعه من ذلك ؟ قال قلت : قول الله تعالى : { لا يحل لك النساء من بعد } فقال : إنما أحل الله له ضربا من النساء فقال تعالى : { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك - إلى قوله تعالى - إن وهبت نفسها للنبي } ثم قيل له : { لا يحل لك النساء من بعد } وروى الترمذي عن ابن عباس قال نهي رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات بقوله تعالى : { لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك } فأحل الله فتياتكم المؤمنات وامرأة مؤمنة أن وهبت نفسها للنبي وحرم كل ذات غير دين الإسلام ثم قال : { ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله } الآية وقال تعالى : { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتتيت أجورهن - إلى قوله تعالى - خالصة لك من دون المؤمنين } وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء ( رواه الترمذي عن ابن عباس Bهما ) . وقال مجاهد : { لا يحل لك النساء من بعد } أي من بعد ما سمى لك لا مسلمة ولا يهودية ولا نصرانية ولا كافرة وقال عكرمة { لا يحل لك النساء من بعد } : أي التي سمى الله واختار ابن جرير C أن الآية عامة فيمن ذكر من أصناف النساء وفي النساء اللواتي في عصمته وكن تسعا وهذا الذي قاله جيد ولعله مراد كثير ممن حكينا عنه من السلف فإن كثيرا منهم روى عنه هذا وهذا ولا منافاة والله أعلم