6 - النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا .
علم الله تعالى شفقة رسوله صلى الله عليه وسلّم على أمته ونصحته لهم فجعله أولى بهم من أنفسهم وحكمه فيهم مقدم على اختيارهم لأنفسهم كما قال تعالى : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } وفي الصحيح : " والذي نفسي بيده لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين " . وفي الصحيح أيضا أن عمر Bه : يا رسول الله والله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال صلى الله عليه وسلّم : " لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك " فقال : يا رسول الله والله لأنت أحب إلي من كل شيء حتى من نفسي فقال صلى الله عليه وسلّم : " الآن يا عمر " ولهذا قال تعالى في هذه الآية : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم } وقال البخاري عند هذه الآية الكريمة عن أبي هريرة Bه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة إقرأوا إن شئتم : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم } . فأيما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا وإن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه " ( أخرجه البخاري ورواه أحمد وابن أبي حاتم ) . وقال تعالى : { وأزواجه أمهاتهم } أي في الحرمة والاحترام والتوقير والإكرام والإعظام ولكن لا تجوز الخلوة بهن ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع .
وقوله تعالى : { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } أي في حكم الله { من المؤمنين والمهاجرين } أي القرابات أولى بالتوارث من المهاجرين والأنصار وهذه ناسخة لما كان قبلها من التوارث بالحلف والمؤاخاة التي كانت بينهم كما قال ابن عباس وغيره : كان المهاجري يرث الأنصاري دون قراباته وذوي رحمه للأخوة التي آخى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الزبير بن العوام Bه قال : أنزل الله D فينا خاصة معشر قريش والأنصار : { وأولو الأرحام بعضهم أولى بعض } وذلك أنا معشر قريش لما قدمنا من المدينة قدمنا ولا أموال لنا فوجدنا الأنصار نعم الإخوان فواخيناهم ووارثناهم فآخى أبو بكر Bه ( خارجة بن زيد ) وآخى عمر Bه فلانا وآخى عثمان Bه رجلا من بني زريق ( ابن سعد الزرقي ) ويقول بعض الناس غيره قال الزبير Bه وواخيت أنا ( كعب بن مالك ) فجئته فابتعلته فوجدت السلاح قد ثقله فيما يرى فوالله يا بني لو مات يؤمئذ عن الدنيا ما ورثه غيري حتى أنزل الله تعالى هذه الآية فينا معشر قريش والأنصار خاصة فرجعنا إلى مواريثنا . وقوله تعالى : { إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا } أي ذهب الميراث وبقي النصر والبر والصلة والإحسان والوصية وقوله تعالى : { كان ذلك في الكتاب مسطورا } أي هذا الحكم وهو أن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض حكم من الله مقدر مكتوب في الكتاب الأول الذي لا يبدل ولا يغير وإن كان تعالى قد شرع خلافه في وقت لما له في ذلك من الحكمة البالغة وهو يعلم أنه سينسخه إلى ما هو جار في قدره الأزلي وقضائه القدري الشرعي والله أعلم