14 - ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون .
- 15 - فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين .
هذه تسلية من الله تعالى لعبده ورسوله صلى الله عليه وسلّم يخبره عن نوح عليه السلام أنه مكث في قومه هذه المدة يدعوهم إلى الله تعالى ليلا ونهارا وسرأ وجهارا ومع هذا ما زادهم ذلك إلا فرارأ وما آمن معه منهم إلا قليل ولهذا قال تعالى : { فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون } أي بعد هذه المدة الطويلة ما نجع فيهم البلاغ والإنذار فأنت يا محمد لا تأسف على من كفر بك من قومك ولا تحزن عليهم فإن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء وبيده الأمر وإليه ترجع الأمور واعلم أن الله سيظهرك وينصرك ويؤيدك ويذل عدوك ويكبتهم ويجعلهم أسفل السافلين . عن ابن عباس قال : بعث نوح وهو لأربعين سنة ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما وعاش بعد الطوفان ستين عاما حتى كثر الناس وفشوا وقوله تعالى : { فأنجينا وأصحاب السفينة } أي الذين أمنوا بنوح عليه السلام وقد تقدم تفسيره بما أغنى عن إعادته وقوله تعالى : { وجعلناها آية للعالمين } أي وجعلنا تلك السفينة باقية إما عينها - كما قال قتادة - إنها بقيت إلى أول الإسلام على جبل الجودي أو نوعها جعله للناس تذكرة لنعمه على الخلق كيف أنجاهم من الطوفان كما قال تعالى : { وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون } وقال تعالى : { إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية ... لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية } وقال ههنا : { فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين }