78 - قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون .
يقول تعالى مخبرا عن جواب قارون لقومه حين نصحوه وأرشدوه إلى الخير { قال إنما أوتيته على علم عندي } أي أنا لا افتقر إلى ما تقولون فإن الله تعالى إنما أعطاني هذا المال لعلمه باني أستحقه ولمحبته لي فتقديره إنما أعطيته لعلم الله في أني أهل له وهذا كقوله تعالى : { وإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم } أي على علم من الله بي وقد روي عن بعضهم أنه أراد { إنما أوتيته على علم عندي } أي أنه كان يعني علم الكيمياء وهذا القول ضعيف لأن علم الكيمياء في نفسه علم باطل لأن قلب الأعيان لا يقدر أحد عليه إلا الله D ( رد ابن كثير على هذا القول وبين أن من ادعى أنه يحيل ماهية ذات إلى ماهية أخرى فإنما هو كذب وجهل وضلال وزغل وتمويه على الناس ثم قال : فأما ما يجريه الله سبحانه من خرق العوائد على يدي بعض الأولياء فهذا أمر لا ينكره مسلم ولا يرده مؤمن وقد أجاد C في هذا المقام وأفاده ) وقال بعضهم : إن قارون كان يعرف الاسم الأعظم فدعا الله به فتمول بسببه والصحيح المعنى الأول ولهذا قال الله تعالى رادا عليه فيما ادعاه من اعتناء الله به فيما أعطاه من المال { أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا } ؟ أي قد كان من هو أكثر منه مالا وما كان ذلك عن محبة منا له وقد أهلكهم الله مع ذلك بكفرهم وعدم شكرهم ولهذا قال : { ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون } أي لكثرة ذنوبهم قال قتادة { على علم عندي } على خير عندي وقال السدي : على علم أني أهل لذلك وقد أجاد في تفسير هذه الاية الإمام عبد الرحمن بن زيد بن اسلم فإنه قال في قوله { قال إنما أوتيته على علم عندي } قال : لولا رضا الله عني ومعرفته بفضلي ما أعطاني هذا المال وقرأ : { أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا } الآية وهكذا يقول من قل علمه إذا رأى من وسع الله عليه لولا أنه يستحق ذلك لما أعطي