62 - ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون .
- 63 - بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون .
- 64 - حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون .
- 65 - لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون .
- 66 - قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون .
- 67 - مستكبرين به سامرا تهجرون .
يقول تعالى مخبرا عن عدله في شرعه على عباده في الدنيا أنه لا يكلف نفسا إلا وسعها : أي إلا ما تطيق حمله والقيام به وأنه يوم القيامة يحاسبهم بأعمالهم التي كتبها عليهم في كتاب مسطور لا يضيع منه شيءن ولهذا قال : { ولدينا كتاب ينطق بالحق } يعني كتاب الأعمال { وهم لا يظلمون } أي لا يبخسون من الخير شيئا وأما السيئات فيعفو ويصفح عن كثير منها لعباده المؤمنين ثم قال منكرا على الكفار والمشركين من قريش : { بل قلوبهم في غمرة } أي في غفلة وضلالة من هذا أي القرآن الذي أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلّم وقوله : { ولهم أعمال .
من دون ذلك هم لها عاملون } قال ابن عباس : { ولهم أعمال } أي سيئة من دون ذلك يعني الشرك .
{ هم لها عاملون } قال : لا بد أن يعملوها وقال آخرون { ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون } : أي قد كتبت عليهم أعمال سيئة لا بد أن يعملوها قبل موتهم لا محالة لتحق عليهم كلمة العذاب ( وروي نحو هذا عن مقاتل والسدي وابن أسلم ) وهو ظاهر قوي حسن وقد قدمنا في حديث ابن مسعود : " فوالذي لا إله غيره إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها " وقوله : { حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون } يعني حتى إذا جاء مترفيهم - وهم المنعمون في الدنيا - عذاب الله وبأسه ونقمته بهم { إذا هم يجأرون } أي يصرخون ويستغيثون كما قال تعالى : { ذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا } وقال تعالى : { وكم أهلكنا من قلبهم من قرن فنادوا ولات حين مناص } وقوله : { لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون } أي لا يجيركم أحد مما حل بكم سواء جأرتم أو سكتم لا محيد ولا مناص ولا وزر لزم الأمر ووجب العذاب ثم ذكر أكبر ذنوبهم فقال : { قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون } : أي إذا دعيتم أبيتم وإن طلبتم امتنعتم { ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير } وقوله : { مستكبرين به سامرا تهجرون } الضمير للقرآن كانوا يسمرون ويذكرون القرآن بالهجر من الكلام : إنه سحر إنه شعر إنه كهانة إلى غير ذلك من الأقوال الباطلة . وقيل : إنه محمد صلى الله عليه وسلّم كانوا يذكرونه في سمرهم بالأقوال الفاسدة ويضربون له الأمثال الباطلة من أنه شاعر أو كاهن أو ساحر أو كذاب أو مجنون . وقيل المراد بقوله : { مستكبرين به } أي بالبيت يفتخرون به وتعتقدون أنهم أولياءه وليسوا به كما قال ابن عباس : إنما كره السمر حين نزلت الآية { مستكبرين به سامرا تهجرون } فقال : مستكبرين بالبيت يقولون : نحن أهله { سامرا } قال : كانوا يتكبرون ويسمرون فيه ولا يعمرونه ويهجرونه ( أخرجه النسائي في التفسير عن ابن عباس )