128 - أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى .
- 129 - ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى - 130 - فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى .
يقول تعالى : { أفلم يهد } لهؤلاء المكذبين بمل جئتهم به يا محمد كم أهلكنا من الأمم المكذبين بالرسل قبلهم فبادوا فليس لهم باقية ولا عين ولا أثر كما يشاهدون ذلك من ديارهم الخالية التي خلفوهم فيها يمشون فيها { إن في ذلك لآيات لأولي النهى } أي العقول الصحيحة والألباب المستقيمة كما قال تعالى : { أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها } وقال : { أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم } الآية ثم قال تعالى : { ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى } أي لولا الكلمة السابقة من الله وهو .
أنه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه والأجل المسمى الذي ضر به الله تعالى لهؤلاء .
المكذبين إلى مدة معينة لجاءهم العذاب بغتة ولهذا قال لنبيه مسليا له : { فاصبر على ما يقولون } أي من تكذيبهم لك { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس } يعني صلاة الفجر { وقبل غروبها } يعني صلاة العصر كما جاء في الصحيحين : " إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا " ثم قرأ هذه الآية وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها " ( رواه مسلم وأخرجه الإمام أحمد ) . وفي الحديث الصحيح : " إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة ينظر إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناه وإن أعلاهم منزلة لمن ينظر إلى الله تعالى في اليوم مرتين " ( الحديث أخرجه الإمام أحمد ورواه أصحاب السنن عن عبد الله بن عمر ) . وقوله : { ومن آناء الليل فسبح } : أي من ساعته فتهجد به وحمله بعضهم على المغرب والعشاء { وأطراف النهار } في مقابلة آناء الليل { لعلك ترضى } كما قال تعالى : { ولسوف يعطيك ربك فترضى } . وفي الصحيح : " يقول الله تعالى : يا أهل الجنة فيقولون : لبيك ربنا وسعديك فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : ربنا وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ؟ فيقول : إني أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون : وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا "