151 - كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون .
- 152 - فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون .
يذكر تعالى عباده المؤمنين ما أنعم به عليهم من بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم إليهم يتلو عليهم آيات الله مبينات { ويزكيهم } أي يطهرهم من رذائل الأخلاق ودنس النفوس وأفعال الجاهلية ويخرجهم من الظلمات إلى النور ويعلمهم الكتاب وهو القرآن والحكمة وهي السنة ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون فكانوا في الجاهلية الجهلاء يسفهون بالقول القراء فانتقلوا ببركة رسالته ويمن سفارته إلى حال الأولياء وسجايا العلماء فصاروا أعمق الناس علما وأبرهم قلوبا وأقلهم تكلفا وأصدقهم لهجة . وقال تعالى : { قد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم } الآية . وذم من لم يعرف قدر هذه النعمة فقال تعالى : { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار } قال ابن عباس : يعني بنعمة الله محمدا صلى الله عليه وسلّم ولهذا ندب الله المؤمنين إلى الاعتراف بهذه النعمة ومقابلتها بذكره وشكره . وقال : { فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون } قال مجاهد في قوله : { كما أرسلنا فيكم رسولا منكم } يقول : كما فعلت فاذكروني .
قال زيد بن أسلم : إن موسى عليه السلام قال : يا رب كيف أشكرك ؟ قال له ربه : " تذكرني ولا تنساني فإذا ذكرتني فقد شكرتني وإذ نسيتني فقد كفرتني " قال الحسن البصري : إن الله يذكر من ذكره ويزيد من شكره ويعذب من كفره وقال بعض السلف في قوله تعالى : { اتقوو الله حق تقاته } هو " أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر " وقال الحسن البصري في قوله : { فاذكروني أذكركم } اذكروني فيما افترضت عليكم اذكركم فيا أوجبت لكم على نفسي عن سعيد بن جبير : اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي وفي رواية برحمتي . وفي الصحيح : " يقول الله تعالى من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه " وعن أنس قال : قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " قال الله D يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملائكة - أو قال في ملأ خير منه - وإن دنوت مني شبرا دنوت منك ذراعا وإن دنوت مني ذراعا دنوت منك باعا وإن أتيتني تمشي أتيتك هرولة " ( أخرجه البخاري من حديث قتادة ورواه الإمام أحمد عن أنس بن مالك ) " قال قتادة : الله أقرب بالرحمة وقوله : { واشكروا لي ولا تكفرون } أم الله تعالى بشكره ووعد على شكره بمزيد الخير فقال : { وإذ تأذن ربكم لئن شركتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد } روى أبو رجاء العطاردي قال : خرج علينا ( عمران بن حصين ) وعليه مطرف من خز لم نره عليه قبل ذلك ولا بعده فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " من أنعم الله عليه نعمة فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على خلقه ( أخرجه الإمام أحمد عن ابي رجاء العطاردي ) " وروي : على عبده