بسم الله الرحمن الرحيم .
- 1 - طه .
- 2 - ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى .
- 3 - إلا تذكرة لمن يخشى .
- 4 - تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى .
- 5 - الرحمن على العرش استوى .
- 6 - له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى .
- 7 - وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى .
- 8 - الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى .
قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته .
روي عن ابن عباس قال : { طه } يا رجل وهكذا روي عن مجاهد وعكرمة والضحاك وأسند القاضي عياض في كتابه " الشفاء " عن الربيع بن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلّم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى فأنزل الله تعالى : { طه } يعني طأ الأرض يا محمد ( هذا التفسير غريب ولم ينكره ابن كثير C ولم يثبت في أحاديث صحيحة عنه صلى الله عليه وسلّم أنه كان يقوم على رجل واحدة وإنما ثبت أنه كان يقوم من الليل حتى تفطرت قدماه فتفسير ( طه ) بمعنى طأها مستبعد والله أعلم ) { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } ثم قال : ولا يخفى ما في هذا من الإكرام وحسن المعاملة وقوله : { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } قال الضحاك : لما أنزل الله القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلّم قام به هو وأصحابه فقال المشركون من قريش : ما أنزل هذا القرآن على محمد إلا ليشقى فأنزل الله تعالى : { طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى } فليس الأمر كما زعمه المبطلون بل من آتاه العلم فقد أراد به خيرا كثيرا كما ثبت في الصحيحين عن معاوية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " . وما أحسن الحديث الذي رواه الحافظ الطبراني عن ثعلبة بن الحكم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " يقول الله تعالى للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده إني لم أجعل علمي وحكمتي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ولا أبالي " ( قال ابن كثير : إسناده جيد وثعلبة بن الحكم هو الليثي نزل البصرة ثم تحول إلى الكوفة ) . وقال مجاهد في قوله { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } هي كقوله : { فاقرأوا ما تيسر منه } وكانوا يعلقون الحبال بصدروهم في الصلاة . وقال قتادة : لا والله ما جعله شقاء ولكن رحمة ونورا ودليلا إلى الجنة { إلا تذكرة لمن يخشى } أن الله أنزل كتابه وبعث رسوله رحمة رحم بها عباده ليتذكر ذاكر وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله وهو ذكر أنزل الله فيه حلاله وحرامه وقوله : { تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى } أي هذا القرآن الذي جاءك يا محمد هو تنزيل من ربك الذي خلق الأرض بانخفاضها وكثافتها وخلق السماوات العلى في ارتفاعها ولطافتها وقد جاء في الحديث الذي صححه الترمذي وغيره ان سمك كل سماء مسيرة خمسمائة عام وبعد ما بينها والتي تليها مسيرة خمسمائة عام .
وقوله تعالى : { الرحمن على العرش استوى } المسلك الأسلم طريقة السلف وهو إمرار ما جاء في ذلك من الكتاب والسنة من غير تكييف ولا تحريف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تمثيل وقوله : { له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى } أي الجميع ملكه وفي قبضته وتحت تصرفه ومشيئته وإرادته وحكمه وهو خالق ذلك ومالكه وإلهه لا إله سواه وقوله : { وما تحت الثرى } قال محمد بن كعب : أي ما تحت الأرض السابعة { وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى } أي أنزل هذا القرآن الذي خلق الأرض والسماوات العلى الذي يعلم السر وأخفى كما قال تعالى : { قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما } قال ابن عباس { يعلم السر وأخفى } قال : السر ما أسره ابن آدم في نفسه { وأخفى } ما أخفي على ابن آدم مما هو فاعله قبل أن يعلمه فالله يعلم ذلك كله فعلمه فيما مضى من ذلك وما بقي علم واحد وجميع الخلائق في ذلك عنده كنفس واحدة وهو قوله : { ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة } . وقال الضحاك { يعلم السر وأخفى } قال : السر ما تحدث به نفسك وأخفى ما لم تحدث نفسك به بعد . وقال سعيد بن جبير : أنت تعلم ما تسر اليوم ولا تعلم ما تسر غدا والله يعلم ما تسر اليوم وما تسر غدا وقال مجاهد { وأخفى } يعني الوسوسة وقال أيضا { وأخفى } أي ما هو عامله مما لم يحدث به نفسه وقوله : { الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى } : أي الذي أنزل عليك القرآن هو الله الذي لا إله إلا هو ذو الأسماء الحسنى والصفات العلى وقد تقدم بيان الأحاديث الواردة في الأسماء الحسنى في أواخر سورة الأعراف ولله الحمد والمنة