23 - ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا .
- 24 - إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا .
هذا إرشاد من الله تعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى الأدب فيما إذا عزم على شيء ليفعله في المستقبل أن يرد إلى مشيئة الله D علام الغيوب كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال : " قال سليمان بن داود عليهما السلام لأطوفن الليلة على سبعين امرأة - وفي رواية مائة امرأة - تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله فقيل له - وفي رواية قال له الملك : قل إن شاء الله فلم يقل فطاف بهن فلم يلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم - والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته " . وفي رواية : " ولقاتلوا في سبيل الله فرسانا أجمعون " . وقد تقدم في أول السورة ذكر سبب نزول هذه الآية في قول النبي صلى الله عليه وسلّم لما سئل عن قصة أصحاب الكهف : " غدا أجيبكم " فتأخر الوحي خمسة عشر يوما وقوله { واذكر ربك إذا نسيت } : قيل معناه إذا نسيت الاستثناء فاستثن عند ذكرك له ( قاله أبو العالية والحسن البصري ) وقال ابن عباس في الرجل يحلف له أن يستثني ولو إلى سنة وكان يقول { واذكر ربك إذا نسيت } ذلك ومعنى قول ابن عباس أنه يستثنى ولو بعد سنة أي إذا نسي أن يقول في حلفه أو في كلامه إن شاء الله وذكر ولو بعد سنة فالسنة له أن يقول ذلك ليكون آتيا بسنة الاستثناء حتى ولو كان بعد الحنث . قاله ابن جرير C ونص على ذلك لا أن يكون رافعا لحنث اليمين ومسقطا للكفارة وهذا الذي قاله ابن جرير C هو الصحيح وهو الأليق بحمل كلام ابن عباس عليه والله أعلم . وقال عكرمة { واذكر ربك إذا نسيت } : إذا غضبت . وقال الطبراني عن ابن عباس في قوله { واذكر ربك إذا نسيت } أن تقول إن شاء الله . وروى الطبراني أيضا عنه استثن إذا ذكرت وقال هي خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلّم وليس لأحد منا أن يستثني إلا في صلة من يمينه ويحتمل في الآية وجه آخر وهو أن يكون الله تعالى قد أرشد من نسي الشيء في كلامه إلى ذكر الله تعالى لأن النسيان منشؤه من الشيطان كما قال فتى موسى : { وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره } وذكر الله تعالى يطرد الشيطان فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان فذكر الله تعالى سبب للذكر ولهذا قال : { واذكر ربك إذا نسيت } . وقوله : { وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا } أي إذا سئلت عن شيء لا تعلمه فاسأل الله تعالى فيه وتوجه إليه في أن يوفقك للصواب والرشد في ذلك