6 - فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا .
- 7 - إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا .
- 8 - وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا .
يقول تعالى مسليا لرسوله صلوات الله وسلامه عليه في حزنه على المشركين لتركهم الإيمان وبعدهم عنه كما قال تعالى : { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } وقال : { ولا تحزن عليهم } وقال : { لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين } باخع : أي مهلك نفسك بحزنك عليهم ولهذا قال : { فعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث } ( أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اجتمع عتبة بن ربيعة وأبو جهل بن هشام في نفر من قريش وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد كبر عليه ما يرى من خلاف قومه إياه وإنكارهم ما جاء به من الفضيلة فأحزنه حزنا شديدا فأنزل الله : { فعلك باخع نفسك على آثارهم } الآية ) يعني القرآن { أسفا } يقول : لا تهلك .
نفسك أسفا قال قتادة : قاتل نفسك غضبا وحزنا عليهم . وقال مجاهد : جزعا والمعنى متقارب أي : لا تأسف عليهم بل أبلغهم رسالة الله فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تذهب نفسك عليهم حسرات ثم أخبر تعالى أنه جعل الدنيا دارا فانية مزينة بزينة زائلة وإنما جعلها دار اختيار لا دار قرار فقال : { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لهم لنبلوهم أيهم أحسن عملا } . عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال : " إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " . ثم أخبر تعالى بزوالها وفنائها وذهابها وخرابها فقال تعالى : { وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا } أي وإنا لمصيروها بعد الزينة إلى الخراب والدمار فنجعل كل شيء عليها هالكا { صعيدا جرزا } لا ينبت ولا ينتفع به كما قال ابن عباس : يهلك كل شيء عليها ويبيد وقال مجاهد { صعيدا جرزا } بلقعا . وقال قتادة : الصعيد الأرض التي ليس فيها شجر ولا نبات . وقال ابن زيد : الصعيد الأرض التي ليس فيها شيء ألا ترى إلى قوله تعالى : أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون } ؟