ثم قال ( في المقاصد ) : وكنت أردت إدراج كلمات تستعملها الناس في كلامهم لها أصول يرجع إليها فرأيت ذلك خروجا عن المقصود وإن جرى ذكر شيء منها في الأثناء فلمناسبة لا تخفى .
وكذلك الكلمات المذكورة : أرغم الله أنفه استأصل الله شأفته أفلح الوجه أكذب من دب ودرج أنا النذير العريان بنى بأهله حمي الوطيس رفع عقيرته شاهت الوجوه كبر حتى صار كأنه قفة لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ما به قلبة وافق شن طبقة والكثير من ذلك ما قاله النبي صلى الله عليه وسلّم ونحوها قوم جرى المثل بأسمائهم كرجع بخفي حنين على يد عدل مواعيد عرقوب وكذا إدراج أشعار شهيرة اشتملت على أحاديث بعضها له أصل وبعضها لا أصل له .
ومن القسم الثاني قوله : .
إذا اعتذر الخليل إليك يوما ... تجاوز عن مساويه الكثيرة .
فإن الشافعي روى حديثا ... بإسناد صحيح عن مغيرة .
فقد قال الرسول سيمحو ربي ... بعذر واحد ألفي كبيرة .
ومنه أيضا قول من قال مما نسبه للحافظ ابن حجر قال السخاوي وحاشاه من ذلك : .
في قص ظفرك يوم السبت آكلة ... تبدو وفيما يليه يذهب البركه .
وعالم فاضل يبدو بتلوهما ... وإن يكن في الثلاثا فاحذر الهلكه .
ويورث السوء في الأخلاق رابعها ... وفي الخميس الغنى يأتي لمن سلكه .
والعلم والرزق زيدا في عروبتها ... عن النبي روينا فاقتفوا نسكه .
وقال الجلال السيوطي في الأسفار عن قلم الأظفار : قد اشتهر على الألسنة هذه الأبيات ولا يدرى قائلها ولا هي صحيحة في نفسها وذكر هذه الأبيات المنسوبة للحافظ ابن حجر .
ومن هذا القسم الثاني أيضا : ما ذكره بعضهم ونسبه إلى علي كرم الله وجهه قال السخاوي وكذب القائل : .
إبدأ بيمناك بالخنصر ... في قص أظفارك واستبصر .
وثن بالوسطى وثلث كما ... قد قيل بالإبهام والبنصر .
واختتم الكف بسبابة ... في اليد والرجل ولا تمتر .
وفي اليد اليسرى بإبهامها ... والإصبع الوسطى وبالخنصر .
وبعد سبابتها بنصر ... فإنها خاتمة الأيسر .
فذاك أمن خذ به يا فتى ... من رمد العين فلا تزدر .
هذا حديث قد روى مسندا ... عن الإمام المرتضى حيدر .
ونقل السيوطي عن الزركشي في شرح التنبيه أنه قال وأصل الأثر المشار إليه عند عبيد الله بن بطة من قص أظفاره مخالفا لم ير في عينيه رمدا .
وقال ابن نباتة : .
قي قص يمنى رتبت خوابس ... أو خسب لليسرى وباء خامس .
ثم قال السيوطي قد أنكر ابن دقيق العيد جميع هذه الأبيات وقال لا يعتبر هيئة مخصوصة وما اشتهر من قصها على وجه مخصوص لا أصل له في الشريعة ثم ذكر الأبيات وقال هذا لا يجوز اعتقاد استحبابه لأن الإستحباب حكم شرعي لا بد له من دليل وليس استسهال ذلك بصواب .
وقال ابن حجر المكي في التحفة والمعتمد في كيفية تقليم اليدين أن يبدأ بمسبحة يمينه إلى خنصرها ثم إبهامها ثم خنصر يسارها إلى إبهامها على التوالي والرجلين أن يبدأ بخنصر اليمنى إلى خنصر اليسرى على التوالي وخبر من قص أظفاره مخالفا لم ير في عينه رمدا لم يثبت قال الحافظ السخاوي هو في كلام غير واحد ولم أجده بمكان وأثره الحافظ الدمياطي عن بعض مشايخه ونص أحمد على استحبابه .
وكذا مما لم يثبت خبر فرقوها فرق الله همومكم وعلى ألسنة الناس في ذلك وأيامه أشعار منسوبة لبعض الأئمة وكلها زور وكذب وينبغي البدار بغسل محل القلم لأن الحك به قيل يخشى منه البرص .
ومن القسم الأول وهو ما اشتمل على أحاديث صحيحة قول القائل : .
لم لا نرجى العفو من ربنا ... أم كيف لا نطمع في حلمه .
وفي الصحيحين أتى أنه ... بعبده أرحم من أمه .
فإنه يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلّم الواقع في الصحيحين : لله أرحم بعباده من هذه بولدها ومنه أيضا قول آخر : .
قد جاءنا في خبر مسند ... عن أحمد المبعوث بالمرحمة .
من حسن الرحمن من خلقه ... وخلقه فالنار لن تطعمه .
فإنه يشير إلى ما رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رفعه : ما حسن الله خلق رجل وخلقه فتطعمه النار . وله شواهد بالمعنى .
ومن ذلك قول آخر : .
يا سيدي عندك لي مظلمة ... فاستفت فيها ابن أبي خيثمة .
فإنه يرويه عن جده ... وجده يرويه عن عكرمة .
عن ابن عباس عن المصطفى ... نبينا المبعوث بالمرحمة .
أن انقطاع الخل عن خله ... فوق الثلاث ربنا حرمه .
وأنت من شهر لنا هاجر ... أما تخاف الله فينا أمه .
فإنه يشير إلى الحديث الصحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلّم : " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث " قال السخاوي ولكن السند الذي نظمه فيه نظر .
ومن ذلك أيضا قول الآخر : .
مت مسلما ومن الذنوب فلا تخف ... حاشى الموحد أن يرى تعسيرا .
ما جاء أن الله يخزي مسلما ... يوم الحساب ولو أتى مأزورا .
فأما البيت الأول فهو إشارة إلى ما مضى في حرف الميم وهو : مت مسلما ولا تبالي . وإن تقدم أن السخاوي قال لا أعلمه في المرفوع بهذا اللفظ لكن الأحاديث في دخول الجنة لمن مات مسلما لا يشرك بالله شيئا كثيرة وأقول في معنى قوله مت مسلما البيت الآخر : .
كن كيف شئت فإن الله ذو كرم ... وما عليك إذا أذنبت من باس .
إلا اثنتان فلا تقربهما أبدا ... الشرك بالله والإضرار للناس .
وأما الثاني فيمكن أن يكون إشارة إلى حديث : لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره في الآخرة . وفي لفظ : سترتها عليك اليوم في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم . إلى غير ذلك من أمثلة القسمين رزقنا الله إحدى الحسنيين