- الحديث الثالث : وقد سر النبي صلى الله عليه وسلّم بقول القائف في أسامة .
قلت : أخرجه الأئمة الستة في " كتبهم " ( 1 ) فرواه البخاري في " الفرائض " ومسلم في " الرضاع " وأبو داود في " اللعان " والترمذي في " الولاء " والنسائي في " الطلاق " وابن ماجه في " الأحكام " كلهم عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلّم ذات يوم مسرورا فقال : يا عائشة ألم تري أن مجززا المدلجي دخل علي وعندي أسامة بن زيد فرأى أسامة بن زيد وزيدا وعليهما قطيفة وقد غطيا رءوسهما وبدت أقدامهما فقال : هذه أقدام بعضها من بعض انتهى . قال أبو داود : كان أسامة أسود وكان زيد أبيض انتهى . وفي لفظ للبخاري ومسلم قالت : دخل قائف ورسول الله صلى الله عليه وسلّم شاهد وأسامة بن زيد وزيد ابن حارثة مضطجعان فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض فسر بذلك النبي صلى الله عليه وسلّم انتهى . وروى عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة أن رجلين اختصما في ولد فدعا عمر القائفة واقتدى في ذلك ببصر القائفة وألحقه أحد الرجلين انتهى .
قوله : وسرور النبي صلى الله عليه وسلّم - فيما روى - لأن الكفار كانوا يطعنون في نسب أسامة وكان قول القائف مقطعا لطعنهم فسر به .
قوله : روي أن عمر Bه كتب إلى شريح في هذه الحادثة لبسا فليس عليهما ولو بينا لبين لهما وهو ابنهما يرثهما ويرثانه وهو للباقي منهما وكان ذلك بمحضر من الصحابة وعن علي مثل ذلك قلت : الحارثة هي أمة كانت بين شريكين أتت بولد فادعياه والحديث رواه البيهقي بنقص يسير أخرجه عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن عمر في رجلين وطئا جارية في طهر واحد فجاءت بغلام فارتفعا إلى عمر فدعا له ثلاثة من القافة فاجتمعوا على أنه أخذ الشبه منهما جميعا وكان عمر قائفا يقوف فقال : قد كانت الكلبة ينزوا عليها الأسود الأصفر والأحمر فيؤدي إلى كل كلب شبه ولم أكن أرى هذا في الناس حتى رأيت هذا فجعله عمر لهما يرثهما ويرثانه وهو للباقي منهما انتهى . قال البيهقي : هو منقطع ومبارك بن فضالة ليس بحجة ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا معمر عن قتادة قال : رأى القائفة وعمر جميعا شبهه فيهما وشبههما فيه فقال عمر : هو بينكما يرثكما وترثانه قال : فذكرت ذلك لابن المسيب فقال : نعم هو للآخر منهما انتهى .
- وأما أثر علي : فأخرجه الطحاوي في " شرح الآثار " ( 2 ) عن سماك عن مولى لبني مخزوم قال : وقع رجلان على جارية في طهر واحد فعلقت الجارية فلم يدر من أيهما هو فأتيا عليا فقال : هو بينكما يرثكما وترثانه وهو للباقي منكما انتهى . ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا سفيان الثوري عن قابوس بن أبي ظبيان عن علي قال : أتاه رجلان وقعا على امرأة في طهر فقال : الولد بينكما وهو للباقي منكما انتهى . وضعفه البيهقي وقال : يرويه سماك عن رجل مجهول لم يسمه وقابوس - وهو غير محتج به - عن أبي ظبيان عن علي قال : وقد روي عن علي مرفوعا خلاف هذا ثم أخرج من طريق أبي داود ( 3 ) حدثنا خشيش بن أصرم ثنا عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن صالح الهمداني عن الشعبي عن عبد خير عن زيد بن أرقم قال : أتى علي عليه السلام بثلاثة - وهو باليمن - وقعوا على امرأة في طهر واحد فسأل اثنين أتقران لهذا بالولد ؟ قالا : لا حتى سألهم جميعا فجعل كلما سأل اثنين قالا : لا فأقرع بينهم فألحق الولد بالذي صارت عليه القرعة وجعل عليه ثلثي الدية قال : فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلّم فضحك حتى بدت نواجذه انتهى . قال البيهقي : وقد اختلف في رفعه وقد ذكرناه في " السنن " انتهى .
_________ .
( 1 ) عند البخاري في " الفرائض - باب القائف " ص 1001 - ج 2 ، وفي " باب صفة النبي صلى الله عليه وسلّم " ص 502 - ج 1 ، وفي " باب مناقب زيد بن حارثة " ص 528 - ج 1 ، وعند مسلم في " الرضاع - باب العمل بالحاق القائف الولد " ص 471 - ج 1 ، وعند أبي داود في " اللعان - باب في القافة " ص 309 - ج 1 ، وعند ابن ماجه فيه : ص 171 - ج 1 ، وعند الترمذي في " الولاء - باب ما جاء في القافة " ص 36 - ج 2 ، وعند النسائي في " الطلاق - باب القافة " ص 111 - ج 2 .
( 2 ) باب حكم الولد إذا ادعاه الرجلان " ص 294 - ج 2 .
( 3 ) في " اللعان - باب من قال بالقرعة إذا تنازعوا في الولد " ص 309 - ج 1