- الحديث الثالث : قال عليه السلام : .
- " كل طلاق واقع إلا طلاق الصبي والمجنون " .
قلت : حديث غريب وأعاده المصنف في " الحجر " بلفظ : المعتوه عوض : المجنون وأخرجه الترمذي ( 1 ) عن عطاء بن عجلان عن عكرمة بن خالد المخزومي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله " انتهى . وقال : هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن عجلان وهو ضعيف ذاهب الحديث انتهى . وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا حفص بن غياث عن حجاج عن عطاء عن ابن عباس قال : لا يجوز طلاق الصبي انتهى . وروى أيضا حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن عابس ( 2 ) ابن ربيعة عن علي قال : كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه انتهى . ورواه عبد الرزاق حدثنا الثوري عن الأعمش به وعلقه البخاري في " صحيحه " ( 3 ) فقال : وقال علي : فذكره وروى عبد الرزاق أيضا حدثنا إبراهيم بن محمد بن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي قال : لا يجوز على الغلام طلاق حتى يحتلم انتهى .
- أحاديث في طلاق المكره : لأصحابنا في وقوعه حديث رواه العقيلي في " كتابه " ( 4 ) أخبرنا مسعدة بن سعد ثنا إسماعيل بن عياش ثنا الغازي بن جبلة الجبلاني عن صفوان بن غزوان الطائي أن رجلا كان نائما فقامت امرأته فأخذت سكينا فجلست على صدره فوضعت السكين على حلقه فقالت : لتطلقني ثلاثا أو لأذبحنك فناشدها الله فأبت فطلقها ثلاثا ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلّم فذكر له ذلك وقال : " لا قيلولة في الطلاق " انتهى . قال : وحدثنا يحيى بن عثمان ثنا نعيم بن حماد ثنا بقية عن الغازي بن جبلة عن صفوان الأصم الطائي عن رجل من الصحابة أن رجلا كان نائما مع امرأته الحديث قال ابن القطان في " كتابه " : الأول وإن كان مرسلا لكنه أحسن إسنادا من المسند فإنه سالم من بقية ومن نعيم بن حماد وفيه إسماعيل بن عياش وهو يروي عن شامي وبالجملة فلا بد فيه من الغازي بن جبلة وهو لا يعرف إلا به ولا يدري ممن الجناية فيه أمنه أم من صفوان الأصم ؟ حكى ذلك ابن أبي حاتم عن أبيه وقال : هو منكر الحديث - يعني الغازي بن جبلة - وقال البخاري : هو منكر الحديث في " طلاق المكره " وقال في " التنقيح " : قال البخاري : لصفوان الأصم عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم في " طلاق المكره " حديث منكر لا يتابع عليه انتهى .
- الآثار : أخرج عبد الرزاق في " مصنفه " ( 5 ) عن ابن عمر أنه أجاز طلاق المكره وأخرج عن الشعبي والنخعي والزهري وقتادة وأبي قلابة أنهم أجازوه وأخرج عن سعيد ابن جبير أنه بلغه قول الحسن : ليس طلاق المكره بشيء فقال : يC إنما كان أهل الشرك يكرهون الرجل على الكفر والطلاق فذلك الذي ليس بشيء وأما ما صنع أهل الإسلام بينهم فهو جائز انتهى . وأخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن الشعبي والنخعي وابن المسيب وأبي قلابة وشريح .
- أحاديث الخصوم : واستدل ابن الجوزي في " التحقيق " الشافعي وأحمد على عدم وقوعه بما أخرجه أبو داود وابن ماجه ( 6 ) عن صفية بنت شيبة عن عائشة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق " انتهى . قال أبو داود : أظنه الغضب - يعني الإغلاق - قال ابن الجوزي : قال ابن قتيبة : الإغلاق الإكراه ورواه الحاكم في " المستدرك " وقال : على شرط مسلم قال في " التنقيح " : وقد فسره أحمد أيضا بالغضب قال شيخنا : والصواب أنه يعم الإكراه والغضب والجنون وكل أمر انغلق على صاحبه علمه وقصده مأخوذ من غلق الباب واستدل عليه بحديث : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وهذا الحديث تقدم في " الصلاة " بجميع طرقه وأصحها حديث ابن عباس : رواه ابن حبان وابن ماجه والحاكم في " المستدرك " وقال : على شرط الشيخين والله أعلم .
- الآثار : روى مالك في " الموطأ " ( 7 ) عن مالك عن ثابت الأحنف أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال : فدعاني ابنه عبد الله بن عبد الرحمن فإذا بسياط موضوعة وقيدين من حديد وعبدين قد أجلسهما وقال لي : تزوجت أم ولد أبي بغير رضائي فأنا لا أزال أضربك حتى تموت ثم قال : طلقها وإلا فعلت فقلت : هي طالق ألفا فلما خرجت من عنده أتيت عبد الله بن عمر فأخبرته فقال : ليس هذا بطلاق ارجع إلى أهلك فأتيت عبد الله بن الزبير فقال مثل ذلك انتهى .
- آثر آخر : أخرجه البيهقي في " المعرفة " ( 8 ) عن عبد الملك بن قدامة بن إبراهيم الجمحي عن أبيه أن رجلا تدلى بحبل فوقفت امرأته على رأس الحبل وحلفت لتقطعنه أو لتطلقني ثلاثا فذكرها الله فأبت فطلقها ثلاثا فلما ظهر أتى عمر بن الخطاب فأخبره فقال له : ارجع إلى أهلك فليس هذا بطلاق انتهى . قال البيهقي : وأخطأ أبو عبيد فرواه عن عبد الملك به فذكر القصة وقال فيها : فرفع إلى عمر فأبانها منه وقد تنبه له أبو عبيد فقال : وروي عن عمر بخلافه والخبر على الروايتين منقطع انتهى . قال في " التنقيح " : قدامة الجمحي لم يدرك عمر انتهى . وأخرج ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن ابن عباس قال : ليس لمكره طلاق وكذا عن علي وعمر وابن عمر وابن الزبير وعن عمر بن عبد العزيز والحسن وعطاء والضحاك والله أعلم .
- الأحاديث في طلاق السكران : أخرج ابن أبي شيبة في " مصنفه " أن عمر أجاز طلاق السكران بشهادة نسوة انتهى . وأخرج عن عطاء ( 9 ) ومجاهد والحسن وابن سيرين وابن المسيب وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن يسار والنخعي والزهري والشعبي قالوا : يجوز طلاقه أخرج عن الحكم قال : من طلق في سكر من الله فليس طلاقه بشيء ومن طلق في سكر من الشيطان فطلاقه جائز وأخرج عن عثمان أنه كان لا يجيز طلاق السكران وأن عمر بن عبد العزيز كان يجيزه حتى أبان بذلك وأخرج عن جابر بن زيد وعكرمة وطاوس كانوا لا يجيزونه وأخرج مالك في " الموطأ " عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران فقالا : إذا طلق السكران جاز طلاقه وإن قتل قتل قال مالك : وذلك الأمر عندنا انتهى .
_________ .
( 1 ) عند الترمذي " باب ما جاء في طلاق المعتوه " ص 154 - ج 1 ، وقال الترمذي : والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم وغيرهم أن طلاق المعتوه المغلوب على عقله لا يجوز إلا أن يكون معتوها يفيق الأحيان فيطلق في حال إفاقته انتهى .
( 2 ) عابس بن ربيعة النخعي الكوفي روى عن عمر وعلي وحذيفة وعائشة وعنه أولاده وإبراهيم بن يزيد النخعي ذكره ابن حبان في الثقات وقال : أبو نعيم في الصحابة كذا في " التهذيب " ص 38 - ج 5 .
( 3 ) في " باب الطلاق في الأغلاق والكره " ص 194 .
( 4 ) أخرجه ابن حزم في " المحلى - في الطلاق " ص 203 - ج 10 ، وقال : الغازي بن جبلة مغموز وفي " اللسان " ص 412 - ج 4 ، قال ابن عدي : ليس له إلا هذا الحديث الواحد انتهى .
( 5 ) ذكر صاحب " الجوهر النقي في الرد على البيهقي " ص 358 - ج 7 ، وفي " الاستذكار " كان الشعبي والنخعي والزهري وابن المسيب وأبو قلابة وشريح في رواية يرون طلاق المكره جائزا وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وكذا ذكرهم ابن المنذر في " الأشراف " إلا أنه ذكر بدل شريح قتادة ودليل هذا المذهب ما رواه أبو هريرة مرفوعا : " ثلاث جدهن جد وهزلهن جد : النكاح والطلاق والرجعة " صحح الحاكم إسناده وقال الترمذي : حسن غريب والعمل عليه عند أهل العلم والصحابة وغيرهم واحتج الطحاوي : ص 560 - ج 2 بقوله عليه السلام لحذيفة وأبيه حين حلفهما المشركون : نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم قال : وكما ثبت حكم الوطء في الاكراه فيحرم به على الواطىء ابنة المرأة وأمها فكذا لا يمنع الاكراه وقوع ما حلف عليه انتهى .
وأخرج ابن حزم : ص 23 - ج 10 أن امرأة سلت سيفا فوضعته على بطن زوجها وقالت : والله لأنفذنك أو لتطلقني فطلقها ثلاثا فرفع ذلك إلى عمر فأمضى طلاقها انتهى . وفي " فتح القدير " ص 40 - ج 3 عن عمر Bه أنه قال : أربع مبهمات مقفلات ليس فيهن رد : النكاح والطلاق والعتاق والصدقة انتهى .
( 6 ) عند أبي داود في " الطلاق في غيظ " ص 298 - ج 1 ، وعند ابن ماجه " باب طلاق المكره والناسي " ص 148 ، وفي " المستدرك - باب لا طلاق ولا عتاق في إغلاق " ص 198 - ج 2 ، إلا أن في سند ابن ماجه عن ثور عن عبيد بن أبي صالح وفي إسناد أبي داود والحاكم عن ثور بن يزيد عن محمد بن عبيد بن أبي صالح وقال الذهبي : قلت : ومحمد بن عبيد لم يحتج به وقال أبو حاتم : ضعيف .
( 7 ) عند مالك في " الموطأ - باب جامع الطلاق " ص 215 ، واختصره المخرج .
( 8 ) عند البيهقي في " السنن - باب ما جاء في طلاق المكره " ص 357 - ج 7 ، ولفظه . أن رجلا تدلى يشتار عسلا في زمن عمر بن الخطاب انتهى .
( 9 ) وفي " المحلى " ص 208 - ج 1 ، وجوزه ميمون بن مهران وحميد بن عبد الرحمن وقتادة وجابر بن زيد والثوري والحسن بن حي والشافعي في أحد قوليه وقال مالك طلاق السكران ونكاحه وجميع أفعاله جائزة إلا الردة وزاد ابن قدامة في " المغني " ص 254 - ج 8 ، والأوزاعي وابن شبرمة وأحمد في رواية : وسليمان بن حرب انتهى