- ثم اعترض للقائلين بالرخصة : بأن بسرة غير مشهورة واختلاف الرواة في نسبها يدل على جهالتها لأن بعضهم يقول : هي كناينة وبعضهم يقول : هي أسدية ولو سلم عدم جهالتها فليست توازي طلقا في شهرته وكثرة روايته وطول صحبته واختلاف الرواة أيضا في حديثها يدل على ضعف حديثها .
وبالجملة فحديث النسار إلى الضعف ما هو قال : وروى عن عمر بن علي الفلاس أنه قال : حديث طلق عندنا أثبت من حديث بسرة وأجاب : بأن بسرة مشهورة لا ينكر شهرتها إلا من لا يعرف أحوال الرواة ثم أسند إلى مالك أنه قال : بسرة بنت صفوان هي جدة عبد الملك بن مروان أو أمه فاعرفوها وقال مصعب الزبيري : بسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد من التابعات وورقة بن نوفل عمها وليس لصفوان بن نوفل عقب إلا من قبل بسرة وهي زوجة معاوية بن المغيرة بن أبي العاص قال : وأما اختلاف الرواة في حديثها فقد وجد في حديث طلق نحو ذلك ثم إذا صح للحديث طريق واحد وسلم من شوائب الطعن تعين المصير إليه ولا عبرة باختلاف الباقين وطريق مالك إليها لا يختلف في صحته وعدالة رواته قال : وقد روى هذا الحديث جماعة من الصحابة غير بسرة نحو عبد الله بن عمرو بن العاص . وأبي هريرة . وعائشة وأم حبيبة وكثرة الرواة مؤثرة في الترجيح وأما حديث الرخصة \ فإنه لا يحفظ من طريق توازي هذه الطرق أو تقاربها إلا من حديث طلق بن علي اليمامي وهو حديث فرد في الباب قال : وزعم بعض الكوفيين أن كثرة الرواة لا أثر لها في باب الترجيحات لأن طريق كل ولحد منهما غلبة الظن فصار كشهادة شاهدين مع شهادة أربعة ورده بان غلبة الظن إنما يعتبر في باب الرواية دون الشهادة ألا ترى أنه لو شهد خمسون امرأة بشهادة لم تقبل شهادتهن ؟ ولو شهد بها رجلان قبلا ومعلوم أن شهادة خمسين امرأة أقوى في اليقين وكذلك سوى الشارع بين شهادة إمامين عالمين وشهادة رجلين جاهلين وأما في الرواية فترجح رواية الأعلم الدين على غيره من غير خلاف يغرف في ذلك فظهر الفرق بينهما ووجب المصير إلى حديث بسرة والله أعلم انتهى .
- الحديث الثاني من أحاديث الأصحاب أخرجه ابن ماجه في " سننه " ( 87 ) عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة أن رجلا ( 88 ) سأل النبي صلى الله عليه وسلّم فقال : إني مسست ذكري وأنا أصلي فقال : " لا بأس إنما هو جزء منك " انتهى . وهو حديث ضعيف قال البخاري . والنسائي والدارقطني في " جعفر بن الزبير " : متروك . والقاسم أيضا : ضعيف .
- الحديث الثالث : أخرجه الدارقطني في " سننه " ( 89 ) عن الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي - وكان من الصحابة - أن رجلا قال : يا رسول الله إني احتككت في الصلاة فأصابت يدي فرجي انتهى . فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : " وأنا أفعل ذلك " انتهى . وهو حديث ضعيف أيضا قال ابن عدي : الفضل بن مختار أحاديثه منكرة وقال أبو حاتم : هو مجهول . وأحاديثه منكرة يحدث بالأباطيل انتهى . قال الطحاوي ( 90 ) في " شرح الآثار " : وقد روى عن جماعة من الصحابة مثل مذهبنا ثم أخرج عن علي بن أبي طالب ( 91 ) Bه أنه قال : ما أبالي مسست أنفي أو ذكري وأخرج عن ابن مسعود نحو ذلك وأخرج عن عمار بن ياسر أنه قال : وإنما هو بضعة منك وأن لكفك موضعا غيره ثم أخرج عن حذيفة . وعمران بن حصين كانا لا يريان في مس الذكر وضوءا قال : ولا نعلم أحدا من الصحابة أفتى بالوضوء منه غير ابن عمر وقد خالفه في ذلك أكثر الصحابة وما رواه عن ابن عباس أنه قال : " فيه وضوء " فقد روي عنه خلافه ثم أخرج عنه أنه قال : ما أبالي إياه : مسست ذكري . أو أنفي قال : وما رووه عن الحكم بن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص قال : كنت أمسك المصحف على أبي فمسست ذكري فأمرني أن أتوضأ فمحمول على غسل اليدين بما أخبرنا وأسند إلى الزبير عن عدي بن مصعب بن سعد مثله وقال فيه : قم فاغسل يدك انتهى . وحكى صاحب التنقيح " قال : اجتمع ( 92 ) سفيان . وابن جريج فتذاكرا مس الذكر فقال : ابن جريج يتوضأ منه وقال سفيان : لا يتوضأ منه أرأيت لو أمسك بيده منيا ما كان عليه ؟ قال : ابن جريج : يغسل يده قال : فأيهما أكبر المني . أو مس الذكر ؟ فقال : ما ألقاها على لسانك إلا الشيطان انتهى .
_________ .
( 87 ) ص 37 .
( 88 ) قلت : متنه عند ابن ماجه هكذا : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن مس الذكر فقال : " إنما هو جزء منك " اه وأخرجه ابن أبي شيبة وفيه : " هل هو إلا جذوة منك " ؟ .
( 89 ) ص 54 .
( 90 ) ص 47 .
( 91 ) وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود . وسعد . وحذيفة . وابن عباس . وعمار بن ياسر . وعمران بن حصين . وعلي بن أبي طالب نحوه .
( 92 ) أسنده البيهقي في " سننه الكبرى " ص 136 - ج 1