- الحديث التاسع : قال عليه السلام : .
- " لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة وتحللت منها " .
قلت : أخرجه البخاري ومسلم عن أنس قال : خرجنا نصرخ بالحج فلما قدمنا مكة أمرنا النبي عليه السلام أن نجعلها عمرة وقال : " لو استقبلت من أمري ما استدبرت جعلتها عمرة ولكن سقت الهدي وقرنت بين الحج والعمرة " وفي لفظ لهما : ولولا أن معي الهدي لأحللت وفي حديث جابر الطويل : حتى إذا كان آخر طوافه على المروة قال : لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة فقام سراقة بن جعشم فقال : يا رسول الله ألعامنا أم للأبد ؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلّم أصابعه واحدة في الأخرى وقال : دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل للأبد . وأخرج البخاري ومسلم عن جابر قال : أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالحج فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة فكبر ذلك علينا وضاقت به صدورنا فبلغ ذلك النبي عليه السلام فما ندري أشيء بلغه من السماء أم من قبل الناس ؟ فقال : أيها الناس أحلوا فلولا الهدي الذي معي فعلت كما فعلتم قال : فأحللنا حتى وطئنا النساء وفعلنا ما يفعل الحلال حتى إذا كان يوم التروية أهللنا بالحج انتهى .
قوله : روي عن عدة من التابعين : إذا رجع إلى أهله بعد فراغه من العمرة ولم يكن ساق الهدي يبطل تمتعه قلت : رواه الطحاوي في " كتاب أحكام القرآن " عن سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس ومجاهد والنخعي : أن المتمتع إذا رجع إلى أهله بعد العمرة بطل تمتعه وكذا ذكره الرازي في " أحكامه " .
قوله : روي عن العبادلة الثلاثة وعبد الله بن الزبير : أشهر الحج : شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة قلت : العبادلة في اصطلاح أصحابنا ثلاثة : عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس Bهم وفي اصطلاح غيرهم أربعة : فأخرجوا ابن مسعود وأدخلوا ابن عمرو بن العاص وزادوا ابن الزبير قاله أحمد بن حنبل وغيره وغلطوا صاحب الصحاح إذ أدخل ابن مسعود وأخرج ابن العاص قال البيهقي : لأن ابن مسعود تقدمت وفاته وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى عملهم ويلتحق بابن مسعود كل من سمي بعبد الله من الصحابة وهم نحو من مائتين وعشرين رجلا قاله النووي وغيره .
[ أحاديث مختلفة ] : .
- فحديث ابن عمر : أخرجه الحاكم في " المستدرك - في تفسير سورة البقرة " عن عبيد الله ابن عمر عن نافع عن ابن عمر في قوله تعالى : { الحج أشهر معلومات } قال : شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ويوم النحر منها انتهى . وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى . وعلقه البخاري في " صحيحه " فقال : وقال ابن عمر : الحج شوال إلى آخره وعن الحاكم رواه البيهقي في " المعرفة " بسنده ومتنه .
- وحديث ابن عباس : أخرجه الدارقطني ( 1 ) في " سننه " عن شريك عن أبي إسحاق عن الضحاك عن ابن عباس قال : أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة انتهى . وعلقه البخاري أيضا فقال : وعن ابن عباس : أشهر الحج التي ذكر الله : شوال وذو القعدة إلى آخره وأخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " .
- وحديث ابن مسعود : أخرجه الدارقطني أيضا عن شريك عن أبي إسحاق أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود نحوه ورواه ابن أبي شيبة أيضا .
- وحديث ابن الزبير : أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن عبيد الله الثقفي عن عبد الله ابن الزبير بنحوه قال الطبري : إنما أراد من قال : أشهر الحج : شوال وذو القعدة وذو الحجة أن هذه الأشهر ليست أشهر العمرة وإنما هي للحج وإن كان عمل الحج قد انقضى بانقضاء أيام منى انتهى . وقد روي هذا مرفوعا رواه الطبراني في " معجمه الأوسط " حدثنا أحمد بن محمد بن أسيد الأصبهاني ثنا محمد بن بواب الهنائي ثنا حصين بن المخارق ثنا يونس بن عبيد عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم في قوله تعالى : { الحج أشهر معلومات } : شوال وذو القعدة وذو الحجة انتهى . قال ابن كثير في " تفسيره " بعد أن عزاه لابن مردويه في " تفسيره " : هذا حديث موضوع ولا يصح رفعه فإن حصين بن المخرق اتهم بالوضع انتهى .
_________ .
( 1 ) عند الدارقطني في " الحج " ص 258 ، وكذا حديثا ابن مسعود وابن الزبير