- الحديث الحادي والثلاثون : قال عليه السلام : .
- " ابدءوا بما بدأ الله به " .
قلت : اعلم أن هذا الحديث ورد بصيغة الخبر وهي : أبدأ كما رواه مسلم في حديث جابر الطويل أو : نبدأ كما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ومالك في " الموطأ " ( 1 ) والثاني بصيغة الأمر ( 2 ) فهي إبدءوا وهذا هو حديث الكتاب وهو عند النسائي والدارقطني ثم البيهقي في " سننهما " وإنما ذكرت ذلك لأن بعض الفقهاء عزا لفظ الأمر لمسلم وهو وهم منه وقد يحتمل هذا من المحدث لأن المحدث إنما ينظر في الإسناد وما يتعلق به ولا يحتمل ذلك من الفقيه لأن وظيفته استنباط الأحكام من الألفاظ فالمحدث إذا قال : أخرجه فلان فإنه يريد أصل الحديث لا بتلك الألفاظ بعينها ولذلك اقتصر أصحاب الأطراف على ذكر طرف الحديث فعلى الفقيه إذا أراد أن يحتج بحديث على حكم أن تكون تلك اللفظة التي تعطيه موجودة فيه حتى إن بعض الفقهاء احتج بهذه اللفظة أعني قوله : ابدءوا بما بدأ الله به على وجوب الترتيب في الوضوء وقد بسط القول في ذلك الشيخ تقي الدين في " شرح الإلمام " ولم يحسن شيخنا علاء الدين C إذ أهمل ذكر هذا الحديث معتمدا على ما في حديث جابر فإنه خلافه ولكنه قلد غيره فأهملاه وقال في " الإمام " : الحديث واحد ومخرجه واحد ولكنه اختلف اللفظ وقد يؤخذ الوجوب بلفظ الخبر أيضا مع ضميمة قوله عليه السلام : " خذوا عني مناسككم " أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول لنا : خذوا مناسككم فاني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه انتهى .
_________ .
( 1 ) عند الترمذي في " باب ما جاء أنه يبدأ بالصفا " ص 117 ، وعند أبي داود في حديث جابر : ص 262 ، وعند ابن ماجه في " باب حجة رسول الله صلى الله عليه وسلّم " ص 228 ، و " موطأ مالك - في باب البدء بالصفا في السعي " ص 145 .
( 2 ) عند النسائي في " باب القول بعد ركعتي الطواف " في حديث جابر : ص 39 - ج 2 ، والبيهقي : ص 94 - ج 5 ، وعند الدارقطني : ص 270