- الحديث الثالث عشر : روي أنه عليه السلام لما دخل مكة ابتدأ بالمسجد .
قلت : أخرج البخاري ومسلم ( 1 ) عن عائشة أن النبي عليه السلام أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت مختصر وأخرجا أيضا عن كعب بن مالك قال : كان النبي عليه السلام إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين قبل أن يجلس ثم يجلس للناس انتهى . ورواه البخاري في " الجهاد " ومسلم في " الصلاة " وفي لفظ لمسلم : كان لا يقدم من سفر إلا نهارا في الضحى فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس فيه انتهى . وأخرج مسلم عن محمد ابن جعفر عن أبيه عن جابر قال : لما قدم النبي عليه السلام مكة دخل المسجد فاستلم الحجر ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم أتى المقام فقال : ( واتخذوا ) الحديث . وروى أبو الوليد الأزرقي في " تاريخ مكة " ( 2 ) حدثني أحمد بن محمد بن الوليد حدثني مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج قال : قال عطاء : لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلّم مكة لم يلو على شيء ولم يعرج ولا بلغنا أنه دخل بيتا ولا لوى بشيء حتى دخل المسجد فبدأ بالبيت فطاف به وهذا أجمع في حجته وعمرته كلها انتهى . واستشهد شيخنا علاء الدين لهذا الحديث بما أخرجه عن ابن عمر ( 3 ) رأيت النبي عليه السلام حين يقدم مكة يستلم الركن الأسود .
هذا وليس فيه مقصود مع أن لفظ الحديث ليس كذلك وإنما لفظه : رأيت النبي صلى الله عليه وسلّم حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف يخب ثلاثة أشواط من السبع انتهى . أخرجاه عن الزهري عن سالم عن ابن عمر واستشهد هذا الجاهل بما في حديث جابر الطويل : حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن الحديث والآخر ليس فيه مقصود أو هو بعيد عن المقصود .
قوله : روي عن ابن عمر أنه كان يقول إذا لقي البيت : بسم الله والله أكبر قلت : غريب والذي رواه البيهقي عنه ( 4 ) أنه كان يقول ذلك عند استلام الحجر قال المصنف : ومحمد لم يعين في الأصل لمشاهد الحج شيئا من الدعوات لأن التوقيت يذهب بالرقة وإن تبرك بالمنقول منها فحسن قال الشيخ في " الإمام " : رأيت في " كتاب ابن المغلس " قال : وذكر هشيم عن يحيى عن ابن سعيد عن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه عن عمر كان إذا نظر إلى البيت قال : اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام انتهى . قال : ورواه سعيد بن منصور حدثنا أبو الأحوص أن يحيى بن سعيد عن ابن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه كان إذا دخل المسجد استقبل القبلة وقال : اللهم أنت السلام إلى آخره فجعله من قول سعيد وروى البيهقي ( 5 ) عن الحكم بسنده عن يحيى بن معين ثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن طريف عن حميد بن يعقوب سمع سعيد ابن المسيب يقول : سمعت من عمر كلمة ما بقي أحد من الناس سمعها غيري سمعته يقول إذا رأى البيت : اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام قال الشيخ : وهذا الحديث شاهد لسماع سعيد من عمر والله أعلم وروى الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أن النبي عليه السلام كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال : اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا وهذا معضل قال الشافعي : ولست أكره رفع اليدين عند رؤية البيت ولا أستحبه ولكنه عندي حسن انتهى . وروى الواقدي في " كتاب المغازي " حدثني ابن أبي سبرة عن موسى بن سعد عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم دخل مكة نهارا من كدى فلما رأى البيت قال : اللهم زد هذا تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من عظمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وبرا وحدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أن النبي عليه السلام لما انتهى إلى الركن استلمه وهو مضطبع بردائه وقال : بسم الله والله أكبر إيمانا بالله وتصديقا بما جاء به محمد وحدثني ابن جريج ( 6 ) عن يحيى بن عبيد عن أبيه عن عبد الله ابن السائب المخزومي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلّم يقول فيما بين الركن اليماني والأسود : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
_________ .
( 1 ) عند البخاري في " باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة " الخ ص 219 - ج 1 ، وعند مسلم : ص 405 .
( 2 ) وكذا البيهقي في " السنن الكبرى " ص 77 - ج 5 .
( 3 ) عند مسلم : ص 411 ، والبخاري : ص 218 .
( 4 ) عند البيهقي : ص 79 - ج 5 .
( 5 ) عند البيهقي : ص 73 - ج 5 : وفيه قال العباس : قلت ليحيى : من إبراهيم بن طريف هذا ؟ قال : يمامي قلت : فمن حميد بن يعقوب هذا ؟ قال : روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري .
( 6 ) أخرجه الحاكم : ص 455 - ج 1 ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه