حديث أبي زيد الأنصاري : رواه ابن عدي أيضا من حديث داود بن الزبرقان حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي زيد الأنصاري مرفوعا نحوه وأعله والذي قبله : بداود بن الزبرقان وضعفه عن النسائي وابن معين قال : وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم .
- حديث ابن مسعود : رواه العقيلي في " ضعفائه " حدثنا أحمد بن داود بن موسى - بصرى - حدثنا معاوية بن عطاء ( 22 ) حدثنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله بن مسعود قال : مر النبي عليه السلام على رجلين يحجم أحدهم الآخر فاغتاب أحدهما ولم ينكر عليه الآخر فقال : " أفطر الحاجم والمحجوم " قال عبد الله : لا للحجامة ولكن للغيبة انتهى .
- أحاديث الخصوم : روى البخاري في " صحيحه " ( 23 ) من حديث عكرمة عن ابن عباس أن النبي عليه السلام احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم انتهى . ورواه الترمذي ( 24 ) من حديث الحكم عن مقسم عن ابن عباس مقتصرا على : احتجم وهو صائم وقال : حديث صحيح انتهى . قال صاحب " التنقيح " : حديث ابن عباس روي على أربعة أوجه : أحدها : " احتجم وهو محرم " والثاني : " احتجم وهو صائم " . والثالث : " احتجم وهو صائم محرم " . والرابع : احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم " وهذا الرابع انفرد به البخاري فأما احتجامه وهو محرم فمجمع على صحته وأما احتجامه وهو صائم فصححه البخاري والترمذي وغيرهما وضعفه أحمد بن حنبل ( 25 ) ويحيى بن سعيد القطان وغيرهما قال : سألت أحمد بن حنبل عن حديث ابن عباس أن النبي عليه السلام احتجم وهو صائم محرم فقال : ليس فيه : صائم إنما هو محرم قلت : من ذكره ؟ قال سفيان بن عيينة : عن عمرو بن دينار عن عطاء وطاوس عن ابن عباس أنه عليه السلام احتجم وهو محرم وكذلك رواه روح عن زكريا بن إسحاق عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس مثله وكذلك رواه عبد الرزاق عن معمر عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله قال أحمد : فهؤلاء أصحاب ابن عباس لا يذكرون صياما وقال شعبة : لم يسمع الحكم حديث مقسم في الحجامة للصائم وأجيب عن حديث ابن عباس على تقدير صحته فإنه عليه السلام إنما احتجم صائما وهو محرم ولم يكن محرما إلا وهو مسافر قال الحاكم في " مستدركه " ( 26 ) سمعت أبا بكر محمد بن جعفر المزكي ( 27 ) يقول : سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة - وهو إمام أهل الحديث في عصره - يقول : ثبتت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال : " أفطر الحاجم والمحجوم " واحتج من خالفنا بأنه عليه السلام احتجم وهو صائم محرم وليس فيه حجة لأنه عليه السلام إنما احتجم وهو صائم محرم ولم يكن قط محرما إلا وهو مسافر والمسافر يباح له الإفطار انتهى . ولفظ البخاري ربما يدفع هذا التأويل لأنه فرق بين الخبرين فقال : احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم فلينظر في ذلك والله أعلم . وقال ابن حبان في " صحيحه " بعد أن روى حديث ثوبان : وحديث شداد وحديث رافع كما تقدم وحديث ابن عباس : أنه عليه السلام احتجم وهو صائم محرم لا يعارض هذه الأحاديث لأنه عليه السلام لم يكن قط محرما إلا وهو مسافر والمسافر يباح له الإفطار وروى من حديث أبي الزبير عن جابر ( 28 ) أن النبي عليه السلام أمر أبا طيبة أن يأتيه مع غيبوبة الشمس فأمره أن يضع المحاجم مع إفطار الصائم فحجمه ثم سأله فقال : كم خراجك ؟ قال : صاعان : فوضع النبي عليه السلام عنه صاعا انتهى . وكأن ابن حبان احتج بهذا الحديث أنه عليه السلام إنما احتجم وقت الإفطار فكان مفطرا بالحجامة فلا ينهض الاستدلال بحديث ابن عباس والله أعلم . وهذا لا يصلح ( 29 ) جوابا ثانيا عن حديث ابن عباس وهو غير ناجح لمن يتأمله ومن الخصوم من ادعى نسخ أحاديث : أفطر الحاجم والمحجوم بحديث ابن عباس ونقل ذلك البيهقي عن الشافعي في " كتاب المعرفة " ( 30 ) فقال : قال الشافعي : وسماع ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم عام الفتح ولم يكن يومئذ محرما ولم يصحبه محرما قبل حجة الإسلام فذكر ابن عباس حجامة النبي عليه السلام عام حجة الإسلام سنة عشر وحديث : " أفطر الحاجم والمحجوم " في الفتح سنة ثمان قبل حجة الإسلام بسنتين فإن كانا ثابتين فحديث ابن عباس ناسخ لحديث : أفطر الحاجم وقال بعض من روى : أفطر الحاجم : إنه عليه السلام مر بهما وهما يغتابان رجلا والفطر في الحديث محمول على سقوط الأجر كما روى : من ترك العصر فقد حبط عمله تفرد به البخاري عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله " انتهى . أي سقط أجره وكما روى : أن رجلا تكلم في الجمعة فقال له بعض الصحابة : لا جمعة لك فقال النبي عليه السلام : " صدق " - أي سقط أجرك - بدليل أنه عليه السلام لم يأمره بالإعادة انتهى .
- حديث آخر للخصوم : روى البخاري في " صحيحه " ( 31 ) من حديث ثابت أنه سأل أنس بن مالك أكنتم تكرهون الحجامة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم ؟ قال : لا إلا من أجل الضعف انتهى .
- حديث آخر : دال على النسخ روى الدارقطني في " سننه " ( 32 ) من حديث خالد بن مخلد عن عبد الله بن المثنى عن ثابت عن أنس قال : أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم . فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : " أفطر هذان " ثم رخص النبي عليه السلام بعد في الحجامة للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم انتهى . قال الدارقطني : كلهم ثقات ولا أعلم له علة انتهى . قال صاحب " التنقيح " : هذا حديث منكر لا يصح الاحتجاج به لأنه شاذ الإسناد والمتن وكيف يكون هذا الحديث صحيحا سالما من الشذوذ والعلة ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة ولا هو في المصنفات المشهورة ولا في السنن المأثورة ولا في المسانيد المعروفة وهم يحتاجون إليه أشد احتياج ولا نعرف أحدا رواه في الدنيا إلا الدارقطني رواه عن البغوي عن عثمان بن أبي شيبة حدثنا خالد بن مخلد به وكل من رواه بعد الدارقطني إنما رواه من طريقه ولو كان معروفا لرواه الناس في " كتبهم " وخصوصا الأمهات " كمسند " أحمد و " مصنف " ابن أبي شيبة و " معجم " الطبراني وغيرهما ثم إن خالد بن مخلد القطواني وعبد الله بن المثنى وإن كانا من رجال الصحيح فقد تكلم فيهما غير واحد من الأئمة قال أحمد بن حنبل في خالد : له أحاديث مناكير وقال ابن سعد : منكر الحديث مفرط التشيع وقال السعدي : كان معلنا بسوء مذهبه ومشاه ابن عدي فقال : هو عندي إن شاء الله لا بأس به وأما ابن المثنى فقال أبو عبيد الآجري : سألت أبا داود عن عبد الله بن المثنى الأنصاري فقال : لا أخرج حديثه وقال النسائي : ليس بالقوي وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال : ربما أخطأ وقال الساجي : فيه ضعف لم يكن صاحب حديث وقال الموصلي : روى مناكير وذكره العقيلي في " الضعفاء " وقال : لا يتابع على أكثر حديثه ثم قال : حدثنا الحسين الدارع حدثنا أبو داود سمعت أبا سلمة يقول : حدثنا عبد الله بن المثنى وكان ضعيفا منكر الحديث وأصحاب الصحيح إذا رووا لمن تكلم فيه فإنهم يدعون من حديثه ما تفرد به وينتقون ما وافق فيه الثقات ( 33 ) وقامت شواهده عندهم وأيضا فقد خالف عبد الله بن المثنى في رواية هذا الحديث عن ثابت أمير المؤمنين في الحديث شعبة بن الحجاج فرواه بخلافه كما هو في " صحيح البخاري " ثم لو سلم صحة هذا الحديث لم يكن فيه حجة لأن جعفر بن أبي طالب Bه قتل في غزوة مؤتة وهي قبل الفتح وحديث : أفطر الحاجم والمحجوم كان عام الفتح بعد قتل جعفر بن أبي طالب انتهى كلام " صاحب التنقيح " .
- حديث آخر : دال على النسخ روى النسائي في " سننه " ( 34 ) عن إسحاق بن راهويه حدثنا معتمر بن سليمان سمعت حميد الطويل يحدث عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم رخص في القبلة للصائم ورخص في الحجامة للصائم ثم أخرجه عن إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان بسند الطبراني ومتنه ثم أخرجه عن ابن المبارك عن خالد الحذاء به موقوفا وهذا الحديث استدل به الحازمي في كتابه " الناسخ والمنسوخ " على نسخ حديث : أفطر الحاجم قال : لأن ظاهر الرخصة يقتضي تقدم النهي انتهى . ورواه الطبراني في " معجمه الأوسط " ( 35 ) حدثنا محمود بن محمد الواسطي حدثنا يحيى بن داود الواسطي حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري أن النبي عليه السلام رخص في الحجامة للصائم انتهى . وقال : لم يروه عن سفيان إلا إسحاق الأزرق قال الترمذي في " علله الكبرى " : حديث إسحاق الأزرق هذا خطأ إنما هو موقوف حدثنا إبراهيم بن سعيد حدثنا ابن علية عن حميد الطويل عن أبي المتوكل عن أبي سعيد .
قوله : ولم يرفعه وهذا أصح انتهى .
- حديث آخر للخصوم : ثلاث لا يفطرن الصائم وسيأتي الكلام عليه مستوفى إن شاء الله تعالى .
- حديث آخر : دال على النسخ لم أر أحدا تعرض له رواه الطبراني في " معجمه الوسط " ( 36 ) فقال : حدثنا محمود بن المروزي حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق حدثنا أبي حدثنا أبو حمزة العسكري ( 37 ) عن أبي سفيان عن أبي قلابة عن أنس أن النبي عليه السلام احتجم بعد ما قال : أفطر الحاجم والمحجوم انتهى . ثم قال : لم يروه عن أبي قلابة إلا أبو سفيان السعدي ( 38 ) واسمه : طريف تفرد به أبو حمزة العسكري انتهى . وينظر في إسناده .
وبالجملة فهذا الحديث - أعني حديث : أفطر الحاجم - روى من طرق كثيرة وبأسانيد مختلفة كثيرة الاضطراب وهي إلى الضعف أقرب منه إلى الصحة مع عدم سلامته من معارض أصح منه أو ناسخ له والإمام أحمد الذي يذهب إليه ويقول به لم يلتزم صحته وإنما الذي نقل عنه كما رواه ابن عدي في " الكامل - في ترجمة سليمان الأشدق " بإسناده إلى أحمد بن حنبل أنه قال : أحاديث : أفطر الحاجم والمحجوم يشد بعضها بعضا وأنا أذهب إليها فلو كان عنده منها شيء صحيح لوقف عنده وقال صاحب " التنقيح " : وقد ضعف يحيى بن معين هذا الحديث وقال : إنه حديث مضطرب ليس فيه حديث يثبت قال : ولما بلغ أحمد بن حنبل هذا الكلام قال : إن هذا مجازفة وقال إسحاق بن راهويه : هو ثابت من خمسة أوجه ( 39 ) وقال بعض الحفاظ : إنه متواتر قال : وليس ما قاله ببعيد ومن أراد معرفة ذلك فلينظر " مسند أحمد " " ومعجم الطبراني " " والسنن الكبير للنسائي " انتهى كلامه .
قوله : والحديث مؤول بالإجماع قلت : يشير إلى حديث : الغيبة تفطر الصائم وورد في ذلك أحاديث كلها مدخولة فمنها ما رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " وإسحاق بن راهويه في " مسنده " قالا : حدثنا وكيع حدثنا الربيع حدثنا يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس بن مالك Bه عن النبي عليه السلام قال : " ما صام من ظل يأكل لحوم الناس " زاد إسحاق في حديثه : إذا اغتاب الصائم فقد أفطر انتهى .
- حديث آخر : رواه البيهقي في " شعب الإيمان - في الباب الثالث والأربعين " أخبرنا أبو الحسن المقري أنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا المثنى ابن بكر حدثنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلين صليا صلاة الظهر والعصر وكانا صائمين فلما قضى النبي عليه السلام الصلاة قال : أعيدا وضوءكما وصلاتكما وامضيا في صومكما واقضيا يوما آخر قالا : لم يا رسول الله ؟ قال : اغتبتما فلانا انتهى .
- حديث آخر : رواه البيهقي ( 40 ) أيضا أخبرنا أبو علي الروزباري أنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا الحسن بن الفضل عن السمح حدثنا غياث بن كلوب الكوفي حدثنا مطرف بن سمرة بن جندب عن أبيه قال : مر النبي عليه السلام على رجلين بين يدي حجام وذلك في رمضان وهما يغتابان رجلا فقال : " أفطر الحاجم والمحجوم " انتهى . قال : غياث مجهول .
- حديث آخر : رواه العقيلي في " ضعفائه " حدثنا أحمد بن داود بن موسى - وهو بصري - حدثنا معاوية ( 41 ) بن عطاء حدثنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله بن مسعود قال : مر عليه السلام على رجلين يحجم أحدهما الآخر فاغتاب أحدهما ولم ينكر عليه الآخر فقال : " أفطر الحاجم والمحجوم " قال عبد الله : لا للحجامة ولكن للغيبة انتهى .
- حديث آخر : رواه ابن الجوزي ( 42 ) في " الموضوعات " من حديث عنبسة ( 43 ) حدثنا بقية حدثنا محمد بن الحجاج عن جابان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " خمس يفطرن الصائم وينقضن الوضوء : الكذب . والنميمة . والغيبة . والنظر بشهوة . واليمين الكاذب " انتهى . وقال : هذا حديث موضوع وقال ابن معين : سعيد كذاب ومن سعيد إلى أنس كلهم مطعون فيهم انتهى . وقال ابن أبي حاتم في " كتاب العلل " ( 44 ) : سألت أبي عن حديث رواه بقية عن محمد بن الحجاج عن ميسرة بن عبد ربه عن جابان عن أنس أن النبي عليه السلام قال : " خمس يفطرن الصائم " فذكره فقال أبي : إن هذا كذب وميسرة كان يفتعل الحديث انتهى ( 45 ) .
قوله : لورود النهي عن صوم هذه الأيام قلت : يشير إلى حديث عمر أخرجه البخاري ومسلم ( 46 ) عن عبيد قال : شهدت العيد مع عمر فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهى عن صيام هذين اليومين أما يوم الأضحى فيأكلون من لحم نسككم وأما يوم الفطر ففطركم من صيامكم انتهى . وأخرجا أيضا عن الخدري قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن صيامين : صيام يوم الأضحى وصيام يوم الفطر انتهى . وفي لفظ لهما : سمعته يقول : لا يصح الصيام في يومين : يوم الأضحى ويوم الفطر من رمضان انتهى . وأخرجا عن أبي هريرة نحوه سواء وأخرج مسلم عن عائشة نحوه .
( يتبع ... )