- الحديث التاسع والثلاثون : قال عليه السلام .
- لامرأة ابن مسعود حين سألته عن التصدق عليه : " لك أجران : أجر الصدقة . وأجر الصلة " قلت : أخرجه الجماعة ( 1 ) إلا أبا داود عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود Bه قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " يا معاشر النساء تصدقن ولو من حليكن " قالت : فرجعت إلى عبد الله فقلت : إنك رجل خفيف ذات اليد وأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد أمرنا بالصدقة فأته فاسأله فإن كان ذلك يجزئ عني وإلا صرفتها إلى غيركم قالت : فقال لي عبد الله : بل أئتيه أنت قالت : فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلّم حاجتي حاجتها قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد ألقى عليه المهابة قالت : فخرج علينا بلال Bه فقلنا له : أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن امرأتين بالباب تسألانك : أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما ولا تخبره من نحن قالت : فدخل بلال فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : من هما ؟ قال : امرأة من الأنصار وزينب قال : أي الزيانب ؟ قال : امرأة عبد الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : لهما أجران : أجر القرابة وأجر الصدقة انتهى . ووهم الحاكم فرواه في آخر " المستدرك " وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى . قال ابن الجوزي في " التحقيق " : وقولهما : أتجزئ : يدل على زكاة الفرض لا التطوع لأن لفظ الإجزاء إنما يستعمل في الواجب انتهى . وضعف ابن القطان في " كتابه " الاستدلال بهذا الحديث على المقصود منه بثلاثة أوجه : .
أحدها : قال : إن فيه انقطاعا بين عمرو بن الحارث وزينب وبينهما ابن أخي زينب هكذا رواه أبو علي بن السكن في " سننه " عن أبي معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن عمرو بن الحارث عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله عن زينب فذكره . قلت : الإسنادان عند النسائي في " عشرة النساء " وعند الترمذي ( 2 ) في " الزكاة " .
الثاني : قال : إنه ليس في الحديث ما يدل على أن زينب سمعته من النبي صلى الله عليه وسلّم أعني قوله : لهما أجران الخ . ولا أخبرها بلال به لكن ظهر أن زينب سمعته من النبي صلى الله عليه وسلّم في حديث آخر من رواية أبي سعيد ( 3 ) رواه البزار في " مسنده " من حديث محمد بن جعفر بن أبي كثير عن زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن أبي سعيد قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم في أضحى أو فطر فصلى ثم انصرف فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة ثم مر على النساء فقال لهن : تصدقن فلما انصرف وصار إلى منزله جاءته امرأة عبد الله فاستأذنت عليه فأذن لها فقالت : يا نبي الله إنك اليوم أمرتنا بالصدقة وعندي حلي لي فأردت أن أتصدق به فزعم ابن مسعود أنه هو وولده أحق من تصدق ( 4 ) به عليهم فقال عليه السلام : " صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم " انتهى .
الثالث : قال : إن هذا الحديث واقعة عين خاص بهاتين المرأتين فإن حكم لغيرهما بمثل ذلك فمن دليل آخر لا من نفس الخبر انتهى كلامه ملخصا .
_________ .
( 1 ) البخاري في " باب الزكاة على الزوج والأيتام " ص 198 ، ومسلم في " باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين " ص 323 ، واللفظ له والنسائي في " باب الصدقة على الأقارب " ص 361 ، وابن ماجه في " باب الصدقة على ذى قرابة " ص 133 مختصرا والترمذي في " باب زكاة الحلي " ص 81 مختصرا ليس فيه متعلق وفي إسناده زيادة واستدرك به الحاكم في " المستدرك " ص 603 - ج 4 ، وقال : لم يخرجاه بهذه السياقة وهذا ليس منه بعجيب لأن له في مئين من الأحاديث مثل هذا والمتيقظ في هذا الباب صاحبه البيهقي فإنه لم يقع له مثل هذا إلا في أقل قليل كحديث ابن مسعود في وفد جن نصيبين : ص 108 ، والله أعلم .
( 2 ) الترمذي في " باب زكاة الحلي " ص 81 ، وأما النسائي فلم أجد فيه في " عشرة النساء " والله أعلم .
( 3 ) قلت : حديث أبي سعيد هذا رواه البخاري في " باب الزكاة على الأقارب " ص 197 عن ابن أبي مريم عن محمد بن جعفر به كأنه خفى هذا على ابن القطان ورواه البخاري في ثلاثة مواضع غير هذا الموضع ومسلم في " الايمان " بهذا الاسناد عن ابن أبي مريم عن محمد بن جعفر لكنه مختصر ليس فيه متعلق وبمعنى هذا الحديث حديث أبي هريرة رواه أحمد في " مسنده " ص 373 ، والطحاوي في " شرح الآثار " ص 308 ، واستدل به على أن تلك الصدقة كانت تطوعا ولكني لم أدر كيف يستدل بهما على أن زينب لم تسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلّم وظني أن لفظ : قلت سقط من الناسخ قبل قوله : في حديث آخر وحديث أبي سعيد ذكره المخرج ردا على ابن القطان أو انقلب نظام كلام على الناسخ حيث أورد الحديث في خلال كلام ابن القطان ولم يكن كذلك قال الحافظ في " الدراية " بعد ذكره حديث زينب : وفي الباب عن أبي سعيد عن البزار اه . ( أقول : نعم : كان في العبارة ههنا سقط من الناسخ ولكن استدركناه في التصحيح الأخير فلم يبق الآن اختلال في نظم الكلام كما تراه " البجنوري " ) .
( 4 ) في البخاري " تصدقت "