- الحديث الرابع والثلاثون : قال المصنف : .
- { وفي سبيل الله } منقطع الغزاة وعند محمد : منقطع الحاج لما روى أنه عليه السلام أمر رجلا جعل بعيرا له في سبيل الله أن يحمل عليه الحاج قلت : استشهد له شيخنا علاء الدين بحديث أخرجه أبو داود عن أم معقل قالت : كان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله إلى أن قال : فهل أخرجت عليه فإن الحج في سبيل الله مختصر وهذا لا يغني لأن المقصود تفسير قوله تعالى : { وفي سبيل الله } وأيضا فلفظ الحديث لا يمنع دخول الغزاة في الحاج ولا يتم الاستدلال إلا على تقدير الحصر وأيضا فليس فيه أمر فلا يكفي في المقصود والحديث أخرجه أبو داود ( 1 ) في " كتاب الحج - في باب العمرة " عن إبراهيم بن مهاجر عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال : أخبرني رسول مروان الذي أرسل إلى أم معقل قالت : كان أبو معقل حاجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلما قدم قالت أم معقل : قد علمت أن علي حجة فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه قال : فقالت : يا رسول الله إن علي حجة وإن لأبي معقل بكرا قال أبو معقل : جعلته في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : اعطها فلتحج عليه فإنه في سبيل الله فأعطاها البكر ورواه أحمد في " مسنده " ( 2 ) ومن طريقه الحاكم في " المستدرك " وقال : صحيح على شرط مسلم وفيه نظر فإن فيه رجلا مجهولا وإبراهيم بن مهاجر متكلم فيه ولفظ الحاكم عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال : أرسل مروان إلى أم معقل يسألها عن هذا الحديث فحدثت أن زوجها جعل بكرا في سبيل الله وأنها أرادت العمرة فسألت زوجها البكر فأبى عليها فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فأمره أن يعطيها وقال : إن الحج والعمرة لمن سبيل الله انتهى . ورواه النسائي من حديث الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن امرأة من بني أسد يقال لها : أم معقل بنحوه ورواه أيضا من حديث جامع بن شداد عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي معقل أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فقال : إن أم معقل جعلت عليها حجة فذكر نحوه ورواه أبو داود أيضا من طريق ابن إسحاق عن عيسى بن معقل بن أم معقل الأسدي - أسد خزيمة - حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام عن جدته أم معقل قالت : لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلّم حجة الوداع وكان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله وأصابنا مرض وهلك أبو معقل وخرج النبي عليه السلام فلما فرغ من حجه جئته فقال : يا أم معقل ما منعك أن تخرجي معنا ؟ قالت : لقد تهيأنا فهلك أبو معقل وكان لنا جمل هو الذي نحج عليه فأوصى به أبو معقل في سبيل الله قال : فهلا خرجت عليه ؟ فإن الحج في سبيل الله فأما إذا فاتتك هذه الحجة معنا فاعتمري في رمضان فإنها الحجة ( 3 ) ورواه أيضا حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث عن عامر الأحول عن بكر بن عبد الله عن ابن عباس قال : أراد رسول الله صلى الله عليه وسلّم الحج فقالت امرأة لزوجها : أحجني مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم على جملك فقال : ما عندي ما أحجك عليه قالت : أحجني على جملك فلان قال : ذاك حبيس في سبيل الله فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : أما إنك لو حججتها عليه كان في سبيل الله مختصر وله طريق آخر رواه الطبراني في " معجمه " حدثنا محمد بن أبان الأصبهاني حدثنا حميد بن مسعدة حدثنا عمر بن علي المقدمي عن موسى بن عقبة عن عيسى بن معقل عن جدته أم معقل قالت : مات أبو معقل وترك بعيرا جعله في سبيل الله فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقلت : يا رسول الله إن أبا معقل هلك وترك بعيرا جعله في سبيل الله وعلي حجة فقال : يا أم معقل حجي على بعيرك فإن الحج في سبيل الله انتهى .
- حديث آخر : من هذا المعنى رواه الطبراني في " معجمه " حدثنا عمرو بن أبي الطاهر بن السرح ( 4 ) : حدثنا يوسف بن عدي حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن المختار بن فلفل عن طلق بن حبيب عن أبي طليق الأشجعي قال : طلبت مني أم طليق جملا تحج عليه فقلت : قد جعلته في سبيل الله فقالت : لو أعطيتنيه لكان في سبيل الله فسألت النبي عليه السلام فقال : صدقت لو أعطيتها لكان في سبيل الله وأن العمرة في رمضان تعدل حجة انتهى . ورواه البزار في " مسنده " حدثنا علي بن حرب حدثنا محمد بن فضيل عن المختار بن فلفل به .
قوله : والذي ذهبنا إليه مروي عن عمر وابن عباس Bهما - يعني جواز الاقتصار على صنف واحد في دفع الزكاة - قلت : حديث ابن عباس رواه البيهقي وحديث عمر رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " ( 5 ) وروى الطبري في " تفسيره " في هذه الآية ( 6 ) أخبرنا عمران بن عيينة عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } الآية قال : في أي صنف وضعته أجزأك انتهى . أخبرنا جرير ( 7 ) عن ليث عن عطاء عن عمر بن الخطاب Bه أنه قال : { إنما الصدقات للفقراء } الآية قال : أيما صنف ( 8 ) أعطيته من هذا أجزأ عنك انتهى . حدثنا حفص عن ليث عن عطاء عن عمر أنه كان يأخذ الفرض في الصدقة فيجعله في صنف واحد انتهى . وروى أيضا ( 9 ) عن الحجاج بن أرطاة عن المهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن حذيفة أنه قال : إذا وضعتها في صنف واحد أجزأك انتهى . وأخرج نحو ذلك ( 10 ) عن سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وأبي العالية وميمون بن مهران بأسانيد حسنة واستدل ابن الجوزي في " التحقيق " على ذلك بحديث معاذ ( 11 ) فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم قال : والفقراء صنف واحد ولم يذكر سواهم وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الأموال " ( 12 ) : ومما يدل على صحة ذلك أن النبي عليه السلام أتاه بعد ذلك مال فجعله في صنف واحد سوى صنف الفقراء وهم المؤلفة قلوبهم : الأقرع بن حابس وعيينة بن حصين وعلقمة ابن علاثة وزيد الخيل قسم فيهم الذهبية التي بعث بها إليه علي من اليمن وإنما تؤخذ من أهل اليمن الصدقة ثم أتاه مال آخر فجعله في صنف آخر وهم الغارمون فقال لقبيصة بن المخارق حين أتاه وقد تحمل حمالة : يا قبيصة أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها وفي حديث سلمة ( 13 ) بن صخر البياضي أنه أمر له بصدقة قومه ولو وجب صرفها إلى جميع الأصناف لم يجز دفعها إلى واحد وأما الآية التي احتج بها الشافعي Bه فالمراد بها بيان الأصناف التي يجوز الدفع إليهم دون غيرهم وكذا المراد بآية الغنيمة انتهى كلامه .
_________ .
( 1 ) أبو داود : ص 279 - ج 1 .
( 2 ) أحمد في " مسنده " ص 405 - ج 6 ، والحاكم في " المستدرك " ص 482 - ج 1 من طريقه .
( 3 ) في نسخة - الدار - كحجة " البجنوري " .
( 4 ) كذا في " الصغير " ص 15 " السرح " والله أعلم .
( 5 ) ابن أبي شيبة : ص 42 - ج 3 ، وإسناده منقطع .
( 6 ) الطبري في " تفسيره " ص 116 - ج 10 إسناده حسن .
( 7 ) الطبري : ص 115 - ج 10 .
( 8 ) الطبري : ص 115 - ج 10 ، ولفظه : أيما صنف أعطيته من هذا أجزأك اه .
( 9 ) الطبري في " التفسير " ص 115 - ج 10 .
( 10 ) أخرج ابن أبي شيبة . ص 42 عنهم وعن عكرمة والحسن وحذيفة وعمر Bهم .
( 11 ) حديث معاذ متفق عليه .
( 12 ) " كتاب الأموال " ص 58 ، إلى قوله : فنأمر لك بها .
( 13 ) حديث سلمة أخرجه أحمد في " مسنده " ص 37 - ج 4 ، وأخرجه أبو داود في باب الظهار ص 309 - ج 1