- الحديث الثامن : روى .
- أنه عليه السلام كبر أربعا في آخر صلاة صلاها قلت : روى من حديث ابن عباس ومن حديث عمر بن الخطاب ومن حديث ابن أبي حثمة ومن حديث أنس .
أما حديث ابن عباس فله طرق : أحدها : عند الحاكم في " المستدرك ( 1 ) " . والدارقطني في " سننه " عن الفرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن عبد الله بن عباس قال : آخر ما كبر النبي صلى الله عليه وسلّم على الجنائز أربع تكبيرات ( 2 ) وكبر عمر على أبي بكر أربعا وكبر ابن عمر على عمر أربعا وكبر الحسن بن علي على علي أربعا وكبر الحسين بن علي على الحسن أربعا وكبرت الملائكة على آدم أربعا انتهى . قال الدارقطني : والفرات بن السائب متروك انتهى . وسكت الحاكم عنه .
- طريق آخر : أخرجه البيهقي في " سننه ( 3 ) " . والطبراني في " معجمه " عن النضر أبي عمر عن عكرمة عن ابن عباس قال : آخر جنازة صلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلّم كبر عليها أربعا انتهى . قال البيهقي : تفرد به النضر بن عبد الرحمن أبو عمر الخراز عن عكرمة وهو ضعيف وقد روى هذا من وجوه أخر كلها ضعيفة إلا أن اجتماع أكثر الصحابة Bهم على الأربع كالدليل على ذلك انتهى كلامه .
- طريق آخر : رواه أبو نعيم ( 4 ) الأصبهاني في " تاريخ أصبهان - في ترجمة المحمديين " حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن عمران حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا نافع أبو هرمز حدثنا عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يكبر على أهل بدر سبع تكبيرات وعلى بني هاشم خمس تكبيرات ثم كان آخر صلاته أربع تكبيرات إلى أن خرج من الدنيا انتهى .
- طريق آخر : رواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " من حديث محمد بن معاوية أبي علي النيسابوري عن أبي المليح عن ميمون بن مهران عن ابن عباس وأعله بمحمد بن معاوية وقال : إنه يأتي عن الثقات بما لا يتابع عليه فاستحق الترك إلا فيما وافق الثقات فإنه كان صاحب حفظ وإتقان قبل أن ظهر منه ما ظهر انتهى .
وأما حديث عمر : فأخرجه الدارقطني في " سننه ( 5 ) " عن يحيى بن أبي أنيسة عن جابر عن الشعبي عن مسروق قال : صلى عمر على بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم فسمعته يقول : لأصلين عليها مثل آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلّم على مثلها فكبر عليها أربعا انتهى . ويحيى بن أبي أنيسة . وجابر الجعفي ضعيفان .
طريق آخر : رواه محمد بن الحسن في " كتاب الآثار ( 6 ) أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن الناس كان يصلون على الجنائز خمسا . وستا . وأربعا حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلّم ثم كبروا كذلك في ولاية أبي بكر الصديق ثم ولى عمر بن الخطاب ففعلوا ذلك فقال لهم عمر : إنكم معشر أصحاب محمد متى تختلفون يختلف الناس بعدكم والناس حديث عهد بالجاهلية فأجمعوا علي شيء يجمع عليه من بعدكم فأجمع رأى أصحاب محمد على أن ينظروا إلى آخر جنازة كبر عليها النبي صلى الله عليه وسلّم حين قبض فيأخذون ويتركون ما سواه فنظروا فوجدوا آخر جنازة كبر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلّم أربعا انتهى . وكان فيه انقطاعا بين إبراهيم . وعمر .
وأما حديث ابن أبي حثمة فرواه أبو عمر في " الاستذكار " عن عبد الوارث بن سفيان عن قاسم عن ابن وضاح عن عبد الرحمن بن إبراهيم - دحيم - عن مروان بن معاوية الفزاري عن عبد الله بن الحارث عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يكبر على الجنائز أربعا . وخمسا . وستا . وسبعا فثمانيا حتى جاءه موت النجاشي فخرج إلى المصلى فصف الناس وراءه وكبر عليه أربعا ثم ثبت النبي صلى الله عليه وسلّم على أربع حتى توفاه الله D انتهى .
وأما حديث ابن عمر : فرواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " حدثنا حفص بن حمزة أنبأ فرات بن السائب أنبأ بن مهران أن عبد الله بن عمر قال : آخر ما كبر النبي صلى الله عليه وسلّم فذكره بلفظ حديث ابن عباس وزاد : وكبر على علي يزيد ( 7 ) بن المكفف أربعا وكبر ابن الحنفية على ابن عباس بالطائف أربعا انتهى .
وأما حديث أنس : فأخرجه الحازمي في " كتاب الناسخ والمنسوخ " عن أبي بكر أحمد ابن علي بن سعيد القاضي المروزي حدثنا شيبان الأيلي أنا نافع أبو هرمز حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كبر على أهل بدر سبع تكبيرات وعلى بني هاشم سبع تكبيرات وكان آخر صلاته أربعا حتى خرج من الدنيا انتهى . قال : وإسناده واه وقد روى : آخر صلاته كبر أربعا من عدة روايات كلها ضعيفة وكذلك جعل بعض العلماء الأمر على التوسع وأن لا وقت ولا عدد ( 8 ) وجمعوا بين الأحاديث قالوا : كان النبي صلى الله عليه وسلّم يفضل أهل بدر على غيره وكذا بني هاشم فكان يكبر عليهم خمسا وعلى من دونهم أربعا وأن الذي حكى آخر صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم لم يكن الميت من بني هاشم ولا من أهل بدر وقد جعل بعض العلماء حديث النجاشي ناسخا فإن حديث النجاشي مخرج في " الصحيحين " من رواية ابي هريرة أن رسول الله A نعاه في اليوم الذي مات وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات قالوا : وأبو هريرة متأخر الإسلام وموت النجاشي كان بعد إسلام أبي هريرة بمدة فإن قيل : إن كان في حديث أبي هريرة ما يدل على التأخير فليس في تلك الأحاديث المنسوخة ما يدل على التقديم فليس أحدهما أولى بالتأخير من الآخر قلنا : قد ورد التصريح بالتأخير من رواية عمر . وابن عباس . وابن أبي أوفى . وجابر انتهى كلامه . وأما ما روى عن علي أنه صلى بعد ذلك على سهل بن حنيف ستا فلأنه كان بدريا والبدريون يزادون في التكبير رواه ابن أبي شيبة . وعبد الرزاق في " مصنفيهما ( 9 ) " حدثنا ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عبد الله بن مغفل أن عليا صلى على سهل ابن حنيف فكبر عليه ستا ثم التفت إلينا فقال : إنه بدري انتهى . ورواه البخاري في " تاريخه ( 10 ) " حدثنا حجاج حدثنا أبو عوانة عن ابن أبي خالد به قال النووي في " الخلاصة " : ورواه البرقاني في " صحيحه " ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره فعزاه للترمذي ويؤيد هذا ما أخرجه الطحاوي ( 11 ) . والدارقطني ثم البيهقي عن عبد خير قال : كان علي يكبر على أهل بدر ستا وعلى أصحاب رسول الله A خمسا وعلى سائر المسلمين أربعا ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " ( 12 ) حدثنا حفص بن عبد العلى بن سلع عن عبد خير به .
قوله : والبداءة ( 13 ) بالثناء ثم بالصلاة لأنها سنة الدعاء .
قلت : أخرجه أبو داود ( 14 ) . والنسائي في " الصلاة " . والترمذي في " الدعوات " عن حيوة بن شريح عن أبي هانئ عن أبي علي الجنبي عن فضالة بن عبيد قال : سمع رسول الله A رجلا يدعو لم يمجد الله ولم يصل على النبي A فقال رسول الله A : " عجل هذا ثم دعاه فقال له : إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه والثناء عليه ثم يصلي على النبي A ثم يدعو بعده بما شاء " انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح ورواه ابن حبان في " صحيحه " . والحاكم في " المستدرك " وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه انتهى .
واعلم أن نسخ السنن مختلفة في هذا اللفظ : لم يحمد الله ولم يمجد الله وقوله : فليبدأ بتمجيد الله . وتحميد الله والأقرب أنه بتحميد الله فإن القاضي عياش في " الشفا " ساقه من طريق الترمذي وقال فيه : بتحميد الله قال : وروى من غير هذا السند : بتمجيد الله وهو أصح انتهى .
قوله : والمسبوق لا يبتدئ بما فاته إذ هو منسوخ .
قلت : روى مسندا ومرسلا فالمسند روى من حديث معاذ ومن حديث أبي أمامة .
فحديث معاذ : أخرجه أبو داود في " سننه " ( 15 ) في الأذان " عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال قال : وحدثنا أصحابنا أن رسول الله A قال : لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين واحدة حتى لقد هممت أن أبث رجالا في الدور ينادون الناس لحين الصلاة إلى أن قال : فقال عمر : أما إني قد رأيت مثل الذي رأى لكن لما سبقت استحييت قال : حدثنا أصحابنا قال : كان الرجل إذا جاء يسأل فخبر بما سبق من صلاته وأنهم قاموا مع رسول الله A من بين قائم . وراكع . وقاعد . ومصل قال ابن المثنى : قال عمرو : وحدثني بها حصين عن ابن أبي ليلى حتى جاء معاذ فأشاروا إليه فقال معاذ : لا أراه على حال إلا كنت عليها قال : فقال عليه السلام : إن معاذا قد سن لكم سنة كذلك فافعلوا مختصر قال الحازمي في " كتابه الناسخ والمنسوخ " : قال المزني : معنى قوله : إن معاذا قد سن لكم يحتمل أن يكون E أمر أن يستن بهذه السنة فوافق ذلك فعل معاذ فإن بالناس حاجة إلى رسول الله A في كل ما يسن وليس بالناس حاجة إلى غيره انتهى . وكذلك نقله البيهقي في " المعرفة " عن المزني C وكذلك رواه الإمام أحمد في " مسنده " . والطبراني في " معجمه " عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ قال : كان الناس على عهده عليه السلام إذا سبق الرجل ببعض صلاته سألهم فأومأوا إليه بالذي سبق به فيبدأ ليقضي ما سبق ثم يدخل مع القوم فجاء معاذ والقوم قعود في صلاتهم فقعد فلما فرغ E قام فقضى ما كان سبق به فقال E : " قد سن لكم معاذ فاقتدوا به إذا جاء أحدكم وقد سبق بشيء من الصلاة فليصل مع الإمام بصلاته فإذا فرغ الإمام فليقض ما سبق به " انتهى . وفي سماع ابن أبي ليلى من معاذ نظر تقدم في " الأذان " .
وأما حديث أبي أمامة فأخرجه الطبراني في " معجمه " عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال : كان الناس على عهد رسول الله A إذا سبق الرجل ببعض صلاته سألهم فأومأوا إليه بالذي سبق به فيبدأ فيقضي ما سبق به ثم يدخل مع القوم فجاء معاذ والقوم قعود في صلاتهم فقعد فلما فرغ عليه السلام قام فقضى ما كان سبق به فقال E : " قد سن لكم معاذ فاقتدوا به إذا جاء أحدكم " الحديث وسنده ضعيف وأما المرسل فله وجهان : أحدهما : رواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا سفيان الثوري عن حصين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كان الناس على عهد رسول الله A إذا جاء الرجل وقد فاته شيء من الصلاة أشار إليه الناس فصلى ما فاته ثم دخل في الصلاة حتى جاء يوما معاذ بن جبل فأشاروا إليه فدخل ولم ينتظر ما قالوا فلما صلى النبي A ذكروا له فقال : قد سن لكم معاذ فاقبلوا انتهى . الوجه الآخر : رواه البيهقي في " المعرفة " من طريق الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح . قال : الرجل إذا جاء وقد صلى رسول الله A شيئا من صلاته سأل فإذا أخبر بشيء سبق به صلى الذي سبق به ثم دخل معهم في الصلاة فأتى ابن مسعود فدخل مع النبي A . ولم يسأل فلما فرغ E قام ابن مسعود فقضى ما بقى عليه فقال عليه السلام : إن ابن مسعود قد سن لكم سنة فاتبعوها انتهى . قال البيهقي : وقد رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى فجعل القصة في معاذ ثم أخرجه كذلك قال : والدليل على أن ذلك من سنة رسول الله A ما أخرجاه في " الصحيحين " ( 16 ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله A : " إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا أو فاقضوا " انتهى . وينبغي أن ينظر في حديث المغيرة بن شعبة وصلاة النبي عليه السلام خلف عبد الرحمن بن عوف الصبح أخرجوه ( 17 ) - إلا الترمذي - مختصرا ومطولا وفي لفظ أحمد : فصلينا معه التي أدركنا ثم قضينا التي سبقنا بها .
قوله : وعن أبي حنيفة أنه يقوم من الرجل بحذاء رأسه ومن المرأة بحذاء وسطها لأن أنسا فعل كذلك وقال : هو السنة قلنا : تأويله إن جنازتها لم تكن منعوشة فحال بينها وبينهم .
( يتبع ... )