- الحديث الثاني : روى .
- أنه E صلى الظهر بطائفتين ركعتين ركعتين قلت : أخرجه مسلم ( 1 ) عن أبي سلمة عن جابر قال : أقبلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى إذا كنا بذات الرقاع قال : كنا إذا أتينا على شجرة ظليلة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلّم معلق بشجرة فأخذه فاخترطه ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلّم : أتخافني ؟ قال : لا قال : فمن يمنعك مني ؟ قال : الله يمنعني منك قال : فتهدده أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم ن فأغمد السيف وعلقه قال : ثم نودي بالصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين قال : فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلّم أربع ركعات وللقوم ركعتان انتهى . ولم يصل البخاري سنده به فقال في " كتاب المغازي ( 2 ) في غزوة ذات الرقاع " : وقال أبان : حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر فذكره . ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره فقال : أخرجاه ( 3 ) وقد نص على ذلك الحميدي . وعبد الحق في " كتابيهما - الجمع بين الصحيحين " مع أن البخاري وصل سنده به في مواضع لكن ليس فيه قصة الصلاة والله أعلم قال شيخنا علاء الدين عقيب ذكره حديث جابر هذا : وللنسائي في رواية كأنها كانت صلاة الظهر وقال من قلده الشيخ : ولأبي داود . والنسائي أن الصلاة كانت صلاة الظهر وهذا كله وهم أما النسائي فإنه لم يذكر هذه الرواية أصلا لا في حديث جابر ولا في حديث أبي بكرة وأما أبو داود فإنه لم يذكرها إلا في حديث أبي بكرة والله أعلم .
- حديث آخر : أخرجه أبو داود ( 4 ) بسند صحيح عن الحسن عن أبي بكرة قال : صلى النبي صلى الله عليه وسلّم في خوف الظهر فصف بعضهم خلفه وبعضهم بإزاء العدو فصلى ركعتين ثم سلم وانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موقف أصحابهم ثم جاء أولئك فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين ثم سلم فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلّم أربعا ولأصحابه ركعتين انتهى . وهذا هو حديث الكتاب فإن فيه ذكر الظهر .
واعلم أن هذا الحديث صريح في أنه E سلم من الركعتين وحديث جابر ليس صريحا فلذلك حمله بعضهم على حديث أبي بكرة ومنهم النووي ( 5 ) ومنهم من لم يحمله عليه ومنهم القرطبي وقال المنذري في " مختصره " : قال بعضهم : كان النبي عليه السلام في غير حكم سفر وهم مسافرون وقال بعضهم : هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلّم لفضيلة الصلاة خلفه وقيل : فيه دليل على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل ويعترض عليه بأنه لم يسلم من الفرض كما في حديث جابر وقيل : إنه عليه السلام كان مخيرا بين القصر والإتمام في السفر . فاختار الإتمام واختار لمن خلفه القصر وقال بعضهم : كان في حضر ببطن نخلة على باب المدينة وكان خوف فخرج منه محترسا انتهى .
قلت : قد يتقوى هذا بحديث أخرجه البيهقي في " المعرفة " من طريق الشافعي أخبرنا الثقة بن علية أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يصلي بالناس صلاة الظهر في الخوف ببطن نخلة ( 6 ) فصلى بطائفة ركعتين ثم سلم ثم جاءت طائفة أخرى فصلى بهم ركعتين ثم سلم انتهى . وأخرج الدارقطني عن عنبسة عن الحسن عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان محاصرا لبني محارب فنودي بالصلاة فذكر نحوه والأول أصح إلا أن فيه شائبة الانقطاع فإن شيخ الشافعي مجهول وأما الثاني : ففيه عنبسة بن سعيد القطان الواسطي ضعفه غير واحد وقال غيره : لم يحفظ عن النبي عليه السلام أنه صلى صلاة خوف قط في حضر ولم يكن له حرب قط في حضر إلا يوم الخندق ولم يكن آية الخوف نزلت بعد والله أعلم . ولما ذكر الطحاوي ( 7 ) حديث أبي بكرة المذكور قال : يحتمل أن يكون ذلك كان في وقت كانت الفريضة تصلى مرتين فإن ذلك كان يفعل أول الإسلام حتى نهى عنه ثم ذكر حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى أن يصلى فريضة في يوم مرتين قال : والنهي لا يكون إلا بعد الإباحة والله أعلم .
- فائدة : ذكر بعض الفقهاء أن النبي صلى الله عليه وسلّم صلى صلاة الخوف في عشرة مواضع والذي استقر عند أهل السير . والمغازي أربعة مواضع : ذات الرقاع . وبطن نخل . وعسفان . وذى قرد فحديث ذات الرقاع أخرجه البخاري . ومسلم ( 8 ) عن مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة وفي لفظ للبخاري : عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلّم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه الحديث وحديث بطن نخلة أخرجه النسائي ( 9 ) عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر قال : كنا مع النبي A بنخل والعدو بيننا وبين القبلة الحديث وحديث عسفان أخرجه أبو داود ( 10 ) . والنسائي عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي زيد ابن الصامت قال : كنا مع النبي A بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد الحديث ورواه البيهقي في " المعرفة " بلفظ : حدثنا أبو عياش قال : وفي هذا تصريح بسماع مجاهد من أبي عياش وحديث ذي قرد ( 11 ) أخرجه النسائي ( 12 ) عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن رسول الله A صلى بذي قرد الحديث وروى الواقدي ( 13 ) في " المغازي " حدثني ربيعة بن عثمان عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله قال : قال : أول ما صلى رسول الله A صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع ثم صلاها بعد بعسفان بينهما أربع سنين قال الواقدي : وهذا عندنا أثبت من غيره انتهى .
_________ .
( 1 ) مسلم في " صلاة الخوف " ص 279 .
( 2 ) البخاري : ص 593 .
( 3 ) وكذا وهم صاحب " المشكاة " حيث قال : متفق عليه .
( 4 ) أبو داود في " باب من قال : يصلي بكل طائفة ركعتين " ص 184 ، وقد تقدم الحديث : ص 56 من هذا الجزء .
( 5 ) قال النووي في " شرح مسلم " ص 279 : معناه صلى بالطائفة الأولى ركعتين وسلم وسلموا وبالثانية كذلك وكان النبي A متنفلا وهم مفترضون اه وقال الحافظ في " التلخيص " ص 140 : أورده الشافعي . والنسائي . وابن خزيمة عن طريق الحسن عن جابر وفيه : أنه سلم من الركعتين أولا ثم صلى ركعتين بالطائفة الأخرى اه . قلت : تقدم : ص 92 - ج 1 أن الحسن روى عن جابر أحاديث ولم يسمع منه اه وروى الطحاوي في " شرح اآثار " ص 187 عن قتادة عن اليشكري عن جابر وقال البخاري . وابن معين : إن قتادة لم يسمع من اليشكري ومنهم ابن حزم في " المحلى " ص 226 - ج 4 .
( 6 ) بطن نخل - جمع نخلة - قرية قريبة من المدينة موضعها على أربعة أميال من المدينة - " وفاء الوفاء ص 261 ، فليراجع " الفتح " ص 325 - ج 7 .
( 7 ) الطحاوي : ص 186 ، وقال قبله بسطرين : يجوز أن يكون النبي A صلاها كذلك لأنه لم يكن في سفر يقصر في مثله الصلاة وهكذا نقول إذا حضر العدو في مصر اه .
( 8 ) عند البخاري في " غزوة ذات الرقاع " ص 592 - ج 2 ، ومسلم : ص 279 ، ولكن فيهما عمن صلى مع رسول الله A وأخرج البخاري فقط حديث سهل عن طريق آخر دون طريق مالك عن يزيد .
( 9 ) النسائي في " صلاة الخوف " ص 230 ، والطحاوي : ص 188 ، والطيالسي : ص 240 ، وأحمد : ص 374 .
( 10 ) أبو داود في " باب صلاة الخوف " ص 181 ، والنسائي في " صلاة الخوف " ص 231 ، والطحاوي : ص 188 ، والبيهقي : ص 256 ، وقال : إسناده صحيح وأحمد : ص 59 - ج 4 ، وغيرهم .
( 11 ) قرد " بفتح القاف والراء " هو موضع على نحو يوم من المدينة مما يلي بلاد غطفان " فتح الباري " ص 324 - ج 7 .
( 12 ) النسائي في " صلاة الخوف " ص 328 ، والطحاوي ص 182 ، والحاكم في " المستدرك " ص 335 ، وقال : على شرطهما .
( 13 ) قال البخاري في " صحيحه " تعليقا : ص 592 - ج 2 عن جابر أن النبي A صلى بأصحابه في - الخوف - في الغزوة السابعة " غزوة ذات الرقاع " اه . وروى أحمد في " مسنده " ص 348 - ج 3 عن جابر قال : غزا رسول الله A ست مرار قبل - صلاة الخوف - وكانت صلاة الخوف في السنة السابعة اه . لكن فيه ابن لهيعة وفيه كلام وعند الطحاوي : ص 188 ، والنسائي : ص 231 ، والحاكم في " المستدرك " ص 337 - ج 1 ، وغيرهم من حديث أبي عياش أن القصر نزل بعسفان وروى أحمد في " مسنده " ص 522 - ج 2 من حديث أبي هريرة أن رسول الله A نزل بين ضجنان . وعسفان وأن جبريل أتى النبي A فأمره أن يقسم أصحابه الحديث وروى الطحاوي : ص 187 من حديث جابر قال : حتى إذا كنا بنخل ثم ذكر قصة الصلاة وقال : ففي يومئذ أنزل الله D إقصار الصلاة اه قال في " وفاء الوفاء " ص 381 - ج 1 : حتى نزل نخلا وهي غزوة ذات الرقاع اه