- الحديث الرابع : روى ابن عباس . وسمرة .
- الإخفاء بالقراءة في صلاة الكسوف .
قلت : أما حديث ابن عباس فرواه أحمد في " مسنده " ( 1 ) وكذلك أبو يعلى الموصلي في " مسنده " حدثنا حسن بن موسى الأشيب أنبأ ابن لهيعة حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن عكرمة عن ابن عباس قال : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلّم الكسوف فلم أسمع منه فيها حرفا من القراءة انتهى . ورواه أبو نعيم في " الحلية - في ترجمة عكرمة " من طريق الواقدي حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن يزيد ابن أبي حبيب به ورواه الطبراني في " معجمه " حدثنا علي بن المبارك حدثنا زيد بن المبارك حدثنا موسى بن عبد العزيز حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال : صليت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم كسفت الشمس فلم أسمع له قراءة انتهى . ورواه البيهقي في " المعرفة " من طريق ابن لهيعة كما رواه أحمد ومن طريق الحكم بن أبان كما رواه الطبراني ومن طريق الواقدي كما رواه أبو نعيم ثم قال : وهؤلاء وإن كانوا لا يحتج بهم ولكنهم عدد وروايتهم توافق الرواية الصحيحة عن ابن عباس أنه عليه السلام قرأ نحوا من سورة البقرة هكذا أخرجاه في " الصحيحين " قال الشافعي : فيه دليل على أنه لم يسمع ما قرأ إذ لو سمعه لم يقدره بغيره ويدفع حمله على البعد رواية الحكم بن أبان : صليت إلى جنبه ويوافق أيضا رواية محمد بن إسحاق بإسناده عن عائشة قالت : فحزرت قراءته ويوافق أيضا حديث سمرة بن جندب ( 2 ) وإنما الجهر عن الزهري فقط وهو وإن كان حافظا فيشبه أن يكون العدد أولى بالحفظ من الواحد انتهى كلامه .
- حديث آخر : إلا أنه غير صريح وهو الذي أشار إليه البيهقي : أخرجه البخاري . ومسلم عن ابن عباس قال : انخسفت الشمس فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم والناس معه فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة ثم ركع وساق الحديث وقد تقدم قال الشافعي : فيه دليل على أنه لم يسمع ما قرأ إذ لو سمعه لم يقدره بغيره هكذا نقله البيهقي عنه وقال القرطبي في " شرح مسلم " : هذا دليل لمن قال : يخفي القراءة لأنه لو جهر لعلم ما قرأ وقال المنذري في " حواشيه " : هذا الحديث يدل على الإسرار وقياسه على قول عائشة ( 3 ) في حديث آخر فحزرت قراءته قال : فقيل : فعله لبيان الجواز وقيل يقدم المثبت على النافي وقيل : يحتمل أن يكون جهر في خسوف القمر وفيه نظر لأن حديث عائشة قد جاء فيه ما يدل على أنه في كسوف الشمس ولم يحفظ أنه عليه السلام جمع في خسوف القمر إنما هو شيء روى عن ابن عباس انتهى كلامه . وقال ابن تيمية في " المنتقى " : يحمل حديث الإخفاء على أنه لم يسمعه لبعده لما ورد في رواية مبسوطة : أتينا والمسجد قد امتلأ انتهى .
واعلم أن الحديث غير صريح في الإخفاء وإن كان العلماء كلهم يحملوه عليه ولكن قد ينسى الإنسان الشيء المقروء بعينيه وهو مع ذلك ذاكر لقدره فيقول : قرأ فلان نحو سورة البقرة وهو قد سمع ما قرأ ثم نسيه والله أعلم .
وأما حديث سمرة : فأخرجه أصحاب الأربعة ( 4 ) عن الأسود بن قيس حدثني ثعلبة بن عباد العبدي قال : قال سمرة بن جندب : بينما أنا وغلام من الأنصار نرمي غرضين لنا حتى إذا كانت الشمس وقد تقدم بتمامه في " أول الباب " واللفظ لأبي داود واختصره الباقون ولفظهم : قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في كسوف لا يسمع له صوتا انتهى . ولفظ النسائي : في كسوف الشمس وقال الترمذي : حديث حسن صحيح انتهى . ورواه الحاكم في " المستدرك " مطولا . ومختصرا وقال : حديث صحيح على شرط البخاري . ومسلم ولم يخرجاه انتهى . قال ابن حبان : وكان سمرة في أخريات الناس فلذلك لم يسمع صوت النبي صلى الله عليه وسلّم انتهى . وقد تقدم إبطال هذا .
_________ .
( 1 ) ص 293 ، و ص 350 ، والطحاوي : ص 197 ، والبيهقي : ص 335 - ج 3 .
( 2 ) البخاري في " باب صلاة الكسوف جماعةط ص 143 ، ومسلم : ص 298 ، وبهذا اللفظ أخرج أبو داود في : ص 175 : من حديث أبي هريرة أيضا .
( 3 ) أبو داود في " باب القراءة في صلاة الكسوف " ص 175 .
( 4 ) أبو داود في " باب من قال : أربع ركعات " ص 175 ، والنسائي : ص 219 ، والترمذي في " باب كيف القراءة في الكسوف " ص 730 ، وابن ماجه في " باب ما جاء في صلاة الكسوف " ص 91 ، والحاكم : ص 334 - ج 7 ، مختصرا و ص 330 ، مطولا والطحاوي : ص 197