- الحديث الثلاثون بعد المائة : روى .
- أنه عليه السلام سجد سجدتي السهو بعد السلام قلت : أخرجه الأئمة الستة في " كتبهم ( 1 ) " عن عبد الله قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الظهر خمسا فقيل له : أزيد في الصلاة ؟ قال : " وما ذاك ؟ " قالوا : صليت خمسا فسجد سجدتين بعد ما سلم انتهى . ولم يقل مسلم : بعد ما سلم ولكنه أخرج عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم سجد سجدتين بعد السلام والكلام انتهى .
- أحاديث الباب - منها حديث ذي اليدين أخرجه البخاري ( 2 ) . ومسلم عن أبي هريرة قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم العصر فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين فقال : أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت ؟ إلى قال : فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم وحديث عمران بن حصين أخرجه مسلم ( 3 ) عنه أنه رسول الله صلى الله عليه وسلّم صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات فقام رجل يقال له : الخرباق . فذكر له صنيعه فقال : " أصدق هذا ؟ " فقالوا : نعم . فصلى ركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم انتهى .
- حديث آخر : أخرجه أبو داود ( 4 ) . والترمذي عن عبد الرحمن السعودي عن زياد بن علاقة قال : صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين فسبح به من خلفه فأشار إليهم : قوموا فلما فرغ من صلاته وسلم سجد سجدتي السهو فلما انصرف قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصنع كما صنعت انتهى . سكت عنه أبو داود وقال الترمذي : حديث حسن صحيح قال المنذري في " مختصره " . والمسعودي عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود واستشهد به البخاري وتكلم فيه غير واحد قال النووي في " الخلاصة " : وروى الحاكم في " المستدرك ( 5 ) " نحوه من حديث سعد بن أبي وقاص ومثله من حديث عقبة ( 6 ) قال في كل منهما : صحيح على شرط الشيخين .
- حديث آخر : رواه الطبراني في " معجمه الصغير ( 7 ) " حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عمر بن السرح حدثنا أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن صالح بن علي بن عبد الله ابن عباس قال : سمعت أبي عبد الله يحدث عن أبيه محمد قال : صليت خلف أنس بن مالك صلاة فسها فيها فسجد بعد السلام ثم التفت إلينا وقال : أما إني لم أصنع إلا كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصنع انتهى .
حديث آخر : روى ابن سعد في " الطبقات - في ترجمة ابن الزبير ( 8 ) " فقال : أخبرنا عارم بن الفضل حدثنا حماد بن زيد حدثنا عسل بن سفيان عن عطاء بن أبي رباح قال : صليت مع ابن الزبير المغرب فسلم في ركعتين ثم قام فسبح به القوم ثم قام فصلى بهم الركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين قال : فأتيت ابن عباس من فوري فأخبرته فقال : لله أبوك ما ماط عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلّم انتهى .
قوله : في الكتاب : فتعارضت روايتا فعله فبقي التمسك بقوله " يعني حديث ثوبان المتقدم " : لكل سهو سجدتان وهذا فيه نظر لأن الأحاديث قد وردت في السجود قبل السلام من قوله صلى الله عليه وسلّم . منها ما أخرجه مسلم ( 9 ) عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم سجد سجدتين قبل أن يسلم " وأخرج الأئمة الستة في " كتبهم ( 10 ) " عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس " زاد فيه أبو داود . وابن ماجه وهو : قبل التسليم وفي لفظ : قبل أن يسلم ثم ليسلم وأخرج أبو داود ( 11 ) . والنسائي عن أبي عبيدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع وأكبر طنك على أربع تشهدت ثم سجدت سجدتين وأنت جالس قبل أن تسلم ثم تشهدت أيضا ثم تسلم انتهى . وأخرج الترمذي ( 12 ) . وابن ماجه عن عبد الرحمن بن عوف قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلّم يقول : إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أم ثنتين فليبن على واحدة فإن لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثا فليبن على ثنتين فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا فليبن على ثلاث ويسجد سجدتين قبل أن يسلم انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح انتهى . قال الحازمي في " كتابه الناسخ والمنسوخ ( 13 ) " : اختلف الناس في هذه المسألة على أربعة أقوال فطائفة : رأت السجدة بعد السلام عملا بحديث ذي اليدين وهو مذهب أبي حنيفة ( 14 ) وقال به من الصحابة : علي بن أبي طالب . وسعد ابن أبي وقاص . وعبد الله بن الزبير ومن التابعين : الحسن . وإبراهيم النخعي . وعبد الرحمن بن أبي ليلى . والثوري . والحسن بن صالح . وأهل الكوفة وذهب طائفة إلى أن السجود قبل السلام أخذا بحديث ابن بحينة وزعموا أن حديث ذي اليدين منسوخ وحديث ابن بحينة رواه البخاري . ومسلم وأخذا بحديث الخدري رواه مسلم : إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أو أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم انتهى . وبحديث معاوية ثم أخرج عن يحيى بن أيوب حدثنا ابن عجلان أن محمد بن يوسف مولى عثمان بن عفان حدثه عن أبيه أن معاوية بن أبي سفيان صلى بهم فنسى فقام وعليه جلوس فلما كان آخر صلاته سجد سجدتين قبل التسليم ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصنع انتهى . وهذا رواه النسائي في " سننه ( 15 ) " من حديث الليث بن سعد عن محمد بن عجلان به لفظ : ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد أن أتم الصلاة وقال الحازمي : وتابع يحيى بن أيوب عليه ابن لهيعة . وبكر بن الأشج عن ابن عجلان ثم أسند عن الشافعي حدثنا طريف بن حارث عن معمر عن الزهري قال : سجد رسول الله A سجدتي السهو قبل السلام وبعده وآخر الأمرين قبل السلام ثم أكده الشافعي بحديث معاوية المذكور قال : وصحبة معاوية متأخرة قال الحازمي : وطريق الإنصاف أن يقول : إن أحاديث السجود قبل السلام وبعده كلها ثابتة صحيحة وفيها نوع تعارض ولم يثبت تقدم بعضها على بعض برواية صحيحة وحديث الزهري هذا منقطع فلا يدل على النسخ ولا يعارض بالأحاديث الثابتة والأولى حمل الأحاديث على التوسع وجواز الأمرين . المذهب الثالث : أن السهو إذا كان في الزيادة كان السجود بعد السلام أخذا بحديث ذي اليدين وإذا كان في النقصان كان قبل السلام أخذا بحديث ابن بحينة وإليه ذهب مالك بن أنس . القول الرابع : أنه إذا نهض من ثنتين سجدهما قبل السلام أخذا بحديث ابن بحينة وكذا إذا شك فرجع إلى اليقين أخذا بحديث أبي سعيد وإذا سلم من ثنتين سجد بعد السلام أخذا بحديث أبي هريرة وكذا إذا شك وكان ممن يرجع إلى التحري أخذا بحديث ابن مسعود وإليه ذهب أحمد فإنه احتياط ففعل ما فعله النبي A أو قاله في نظير كل واقعة عنه انتهى . وقال البيهقي في " المعرفة " : عن الزهري أنه ادعى نسخ السجود بعد السلام رواه الشافعي حدثنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري فذكره ثم أكده بحديث معاوية أنه عليه السلام سجد فيما قبل السلام وبحديث أبي هريرة كما أخبرنا وساق من طريق الدارقطني بسنده عن عكرمة عن عمار عن يحيى بن أبي كثير حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله A : " إذا صلى أحدكم فلم يدر أزاد أم نقص فليسجد سجدتين وهو جالس ثم يسلم قال أبو هريرة : ومعاوية متأخر الإسلام إلا أن بعض أصحابنا زعم أن قول الزهري : منقطع وأحاديث السجود : قبل . وبعد ثابتة قولا وفعلا وتقديم بعضها على بعض غير معلوم برواية صحيحة والله أعلم انتهى ( 16 ) .
_________ .
( 1 ) البخاري في " السهو - في باب إذا صلى خمسا " ص 163 ، ومسلم في : ص 212 ، والنسائي : ص 185 ، وأبو داود في " باب إذا صلى خمسا " ص 153 ، والترمذي في " باب ما جاء في سجدتي السهو بعد السلام والكلام " ص 52 ، وابن ماجه : ص 85 .
( 2 ) في " السهو " ص 164 ، ومسلم في " باب السهو في الصلاة " ص 213 ، واللفظ له وأبو داود في " باب السهو في السجدتين " ص 192 ، والنسائي في " باب ما يفعل من سلم من اثنتين ناسيا وتكلم " ص 182 ، والترمذي : ص 52 ، وابن ماجه : ص 86 .
( 3 ) ص 214 ، وابن جارود : 128 .
( 4 ) في " باب من نسي أن يتشهد وهو جالس " ص 155 ، والترمذي في " باب ما جاء في الإمام ينهض من الركعتين ناسيا " ص 48 .
( 5 ) ص 323 ، والطحاوي : ص 256 .
( 6 ) أخرجه الحاكم في " المستدرك " ص 325 .
( 7 ) ص 87 .
( 8 ) لم أجد ترجمة ابن الزبير في " الطبقات " فليراجع والحديث أخرجه البيهقي : ص 360 - ج 2 عن حماد بن زيد باسناده وأخرجه الطحاوي : ص 256 .
( 9 ) في " السهو في الصلاة " ص 211 ، وابن جارود : ص 126 ، وغيرهما .
( 10 ) البخاري في " السهو " ص 164 ، وكذا مسلم : ص 210 ، وأبو داود في " باب من قال : يتم على أكثر ظنه " ص 155 ، وابن ماجه في " باب ما جاء في سجدتي السهو قبل السلام " ص 86 ، والنسائي في " باب التحري " ص 185 ، والترمذي في " باب فيمن يشك في الزيادة والنقصان " ص 53 ، والزيادة في أبي داود . وابن ماجه فقط والدارقطني : ص 144 .
( 11 ) ص 154 .
( 12 ) الترمذي ص 53 ، وصححه وابن ماجه : ص 86 ، وأحمد : ص 193 ، والحاكم في " المستدرك " ص 325 ، على شرط مسلم وقال الحافظ في " التلخيص " ص 113 : وهو معلول ثم ذكر العلة .
( 13 ) ص 85 .
( 14 ) وبحديث ابن مسعود عن البخاري في " باب التوجه نحو القبلة حيث كان " ص 58 من قوله عليه السلام في حديث طويل : " إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين " اه . قال الحازمي في " الاعتبار " : هذا حديث صحيح متفق عليه أخرجاه في " الصحيح " من حديث منصور وله في " الصحاح " طرق اه .
( 15 ) في " باب ما يفعل من نسي شيئا من صلاته " ص 186 .
( 16 ) الاستدراك : أغفل الإمام المخرج أحاديث التشهد في السهو وتبعه العيني : وابن الهمام ولم يذكرا من ذلك شيئا وقد قال في " الهداية " : ثم يتشهد ثم يسلم قلت : روى الترمذي في " باب التشهد - في سجدتي السهو " ص 52 ، وأبو داود في " باب سجدتي السهو فيهما تشهد وتسليم " ص 156 ، وابن حزم في " المحلى " من طريق أبي داود : ص 170 - ج 4 ، وابن جارود في " المنتقى " ص 129 ، كلهم عن محمد بن يحيى الذهلي عن محمد بن عبد الله الأنصاري والحاكم في " المستدرك " ص 323 عن محمد بن إدريس الحنظلي عن الأنصاري وأخرج البيهقي في " سننه " ص 354 - ج 2 ، من طريق الحاكم عن الأشعث عن ابن سيرين عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عمران بن حصين أن النبي A صلى بهم فنسى فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم اه . سكت عنه أبو داود . وابن حزم وقال الترمذي : هذا حديث حسن وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وأخرج مسلم الحديث عن إسماعيل بن إبراهيم . وعبد الوهاب عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران ابن حصين رفعه وفيه : ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم اه . وقد تقدم وروى الطحاوي في ص 252 عن ربيع المؤذن عن يحيى بن حسان حدثنا وهيب حدثنا منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : رسول الله A : " إذا صلى أحدكم فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب فليتمه ثم ليسلم ثم ليسجد سجدتي السهو ويتشهد ويسلم " ورجاله ثقات وأخرج أبو داود في " باب من قال : يتم على أكثر ظنه " ص 154 ، والدارقطني : ص 145 ، والبيهقي : ص 356 - ج 2 عن أبي عبيدة عن عبد الله عن رسول الله A قال : إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع وأكبر ظنك على أربع تشهدت ثم سجدت سجدتين وأنت جالس قبل أن تسلم ثم تشهدت أيضا ثم تسلم اه . قال أبو داود : رواه عبد الواحد عن حصيف ولم يرفعه ووافق عبد الواحد أيضا سفيان . وشريك . وإسرائيل واختلفوا في الكلام في متن الحديث ولم يسندوه وروى الطحاوي : ص 256 ، وأحمد : ص 429 - ج 1 ، والبيهقي : ص 345 - ج 1 عن أبي عبيدة عن عبد الله قال : السهو أن يقوم في قعود أو يقعد في قيام أو يسلم في الركعتين فإنه يسلم ثم يسجد سجدتي السهو ويسلم اه . قلت : أبو عبيدة عن أبيه مرسل والله أعلم