- الحديث الستون : قال النبي صلى الله عليه وسلّم : .
- " يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله فإن كانوا سواءا فأعلمهم بالسنة " .
قلت : أخرجه الجماعة ( 1 ) إلا البخاري واللفظ لمسلم عن أبي مسعود الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواءا فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواءا فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواءا فأقدمهم سلما ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه " قال الأشج في روايته : مكان : سلما سنا انتهى . ورواه ابن حبان في " صحيحه " . والحاكم في " مستدركه " إلا أن الحاكم قال : عوض قوله : " فأعلمهم بالسنة " " فأفقههم فقها فإن كانوا في الفقه سواءا فأكبرهم سنا " انتهى . قال : وقد أخرج مسلم في " صحيحه " هذا الحديث ولم يذكر فيه " أفقههم فقها " وهي لفظة عزيزة غريبة بهذا الإسناد الصحيح وسنده عن يحيى بن بكير حدثنا الليث عن جرير بن حازم عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن صمعج عن أبي مسعود فذكره ثم أخرجه الحاكم عن الحجاج بن أرطاة عن إسماعيل بن رجاء به قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " يؤم القوم أقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواءا فأفقههم في الدين فإن كانوا في الفقه سواءا فأقرأهم للقرآن ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يقعد على تكرمته إلا بإذنه " انتهى . وسكت عنه والباقون من الأئمة يخالفوننا في هذه المسألة ويقولون : إن الأقرأ لكتاب الله يقدم على العالم كما هو لفظ الحديث حتى إذا اجتمع من يحفظ القرآن وهو غير عالم وفقيه يحفظ يسيرا من القرآن قدم حافظ القرآن عندهم ونحن نقول : يقدم الفقيه وأجاب صاحب الكتاب : بأن الأقرأ في ذلك الزمان كان أعلمهم وهذا يرده لفظ الحاكم الأول ويؤيد مذهبنا لفظه الثاني إلا أنه معلول بالحجاج بن أرطاة ويشهد للخصم أيضا حديث عمرو بن سلمة ( 2 ) أخرجه البخاري ( 3 ) عنه قال : كنا بماء وكان الركبان يمرون بنا فنسألهم ما للناس ما لهذا الرجل ؟ فيقولون : يزعم أن الله أرسله أو أوحى إليه وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح فيقولون : أتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق فلما كانت وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم وبدر أبي قومه بإسلامهم فلما قدم قال : جئتكم والله من عند النبي حقا فقال : صلوا صلاة كذا في حين كذا . وصلاة كذا في حين كذا وإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني لما كنت أتلقى من الركبان فقدموني بين أيديهم ( 4 ) وأنا ابن ست أو سبع سنين وكانت علي بردة إذا سجدت تقلصت عني فقالت امرأة من الحي : ألا تغطون عنا أست قارئكم ؟ فقطعوا لي قميصا فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص انتهى . وليس في البخاري لعمرو بن سلمة غير هذا الحديث ولا أخرج له مسلم شيئا .
_________ .
( 1 ) مسلم في " باب من أحق بالإمامة " ص 236 ، وأبو داود في " باب من أحق بالإمامة " ص 93 ، والنسائي في " باب من أحق بالإمامة " ص 127 ، والترمذي فيه في : ص 32 ، وكذا ابن ماجه : ص 70 ، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " ص 243 ، والدارقطني : ص 104 " كالمستدرك " بكلا طريقيه .
( 2 ) عمرو بن سلمة " بكسر اللام " اختلف في صحبته ورواية الطبراني تدل على أنه وفد مع أبيه أيضا " تلخيص " ص 124 .
( 3 ) في " غزوة الفتح - في باب - بعد باب مقام النبي صلى الله عليه وسلّم بمكة " ص 615 ، وأبو داود في : " باب من أحق بالإمامة " ص 93 ، والنسائي في " باب إمامة الغلام قبل أن يحتلم " ص 27 ، والدارقطني : ص 179 .
( 4 ) أجاب ابن القيم في " البدائع " ص 91 - ج 4 عن هذا الحديث بقوله : إن قيل : فقد أم عمرو بن سلمة وهو غلام قيل : سمي غلاما وهو بالغ ورواية : أنه كان له سبع سنين فيه رجل مجهول فهو غير صحيح اه . قلت : كأنه غافل عما في الصحيح وأجاب ابن حزم عن الحديث في " المحلى " ص 218 - ج 4 بقوله : وقد وجدنا لعمرو بن سلمة هذا صحبة ووفادة على النبي صلى الله عليه وسلّم مع أبيه ولو علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم عرف هذا وأقره لقلنا به ثم قال : قوله عليه السلام : " ليؤمكم أقرؤكم " يأمر الامام بأن يؤم والصبي ليس مأمورا به ولا مكلفا فليس هو المأمور بأذان ولا بإمامة فلا يجزئان إلا من مأمور بهما لا ممن لم يؤمر بهما اه . ملخصا وقال ابن عباس : لا يؤم الغلام حتى يحتلم اه . رواه البيهقي : ص 225 - ج 3 ، والدارقطني : ص 105