( تابع ... 4 ) : - الحديث التاسع والثلاثون : يوجد في بعض نسخ " الهداية - للشافعي " ما ... .
والثاني : أن في الحديث الأول كان خروجه صلى الله عليه وسلّم من البيت ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلّم معهم في تلك الصلاة روى أحمد في " مسنده " ص 93 - ج 5 من حديث جابر أنه عليه السلام دخل المسجد فأبصر قوما قد رفعوا أيديهم الحديث بخلاف الحديث الثاني فإن رفعهم فيه كان خلف النبي صلى الله عليه وسلّم لقوله : كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم قلنا : السلام عليكم .
الثالث : أن الحديث الأول يدل على أن الرفع كان فعل قوم مخصوصين من المصلين وهم الذين كانوا إذ ذاك يتنفلون في المسجد سواء فعل جميع المصلين أو بعضهم سوى الذين لم يكونوا إذا ذاك في الصلاة بخلاف الحديث الثاني فإن الرفع الذي نهى عنه عليه السلام في هذا الحديث كان فعل جميعهم .
والرابع : أن الحديث الثاني يدل على أن رفعهم كان كرفع المصافح عند السلام ولا يمكن أن يكون هذا هو الرفع في الحديث الأول لأنهم كانوا فرادى .
الخامس : أن الحديث الأول ورد على الرفع ونهى عنه بلفظ عام أي " اسكنوا في الصلاة " بخلاف الثاني فإنه ورد في الإشارة والإيماء ونهى عنه بلفظ يختص بحالة السلام .
( 6 ) أبو داود في " باب من لم يذكر الرفع عند الركوع " ص 116 ، والترمذي في " باب رفع اليدين عند الركوع " ص 35 ، والنسائي في " باب ترك رفع اليدين للركوع " ص 158 ، وفي " باب الرخصة في ذلك " ص 161 ، وأحمد : ص 442 - ج 1 .
( 7 ) اعلم أن قول ابن المبارك هذا أوقع كثيرا من أهل الحديث في مغلطة وظنوا أن حديث ابن مسعود الذي رواه الترمذي وحسنه هو الذي قال فيه ابن المبارك : لم يثبت وهذا ليس بصحيح لأن الحديث الذي قال فيه ابن المبارك هو الذي ذكره الترمذي تعليقا : إنه عليه السلام لم يرفع يديه إلا في أول مرة ولفظه عند الطحاوي : أنه عليه السلام كان يرفع يديه في أول تكبيرة ثم لا يعود هذا الحديث هو الذي يحكي فعل النبي صلى الله عليه وسلّم قولا يدل على السلب الكلي المناقض للايجاب الجزئي الذي يثبته حديث ابن عمر وهذا الحديث رواه الطحاوي في " شرح الآثار " ص 132 ، والدارقطني : ص 111 ، وغيرهما ولفظه عند الدارقطني عن عبد الله قال : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلّم ومع أبي بكر ومع عمر فلم يرفعوا أيديهم إلا عند التكبيرة الأولى في افتتاح الصلاة وهذا إن ثبت يناقض حديث ابن عمر فلهذه النكتة أورده الترمذي عقيب حديث ابن عمر وضعفه ولم يورده بعد حديث ابن مسعود الذي رواه من فعله وأما الحديث الذي حكى به ابن مسعود فعله عليه السلام بفعله فهو الذي رواه الترمذي وحسنه وابن حزم في " المحلى " ص 88 - ج 4 وصححه . وأحمد . وغيرهم وهذا لا يعارض حديث ابن عمر وهو ثابت عند الترمذي وبين الحديثين بون بائن وقع في الاشتباه من لم يعط النظر حقه فجر قول ابن المبارك إلى الحديث الفعلي وهذا أبعد عن سواء الطريق وهذا واضح لا سيما في النسخة - التي أفرد فيها بعد قول ابن المبارك " باب من لم يرفع يديه إلا في أول مرة " كما في نسخة عبد الله بن سالم البصري شيخ الشيخ " الشاه ولي الله " الدهلوي الموجودة في " مكتبة بير جهندا - بالسند " وفي " نسخة الشيخ عبد الحق " كما في " شرح سفر السعادة " ثم أورد بعدها حديث ابن مسعود وحسنه وذكر من عمل به وهذا هو الموافق لعادة الترمذي أنه إذا كان في مسألة اختلاف بين الحجازيين والعراقيين يورد مستدلهما في أبواب متعاقبة والله أعلم .
( 8 ) ص 96 .
( 9 ) قال ابن معين . والنسائي : ثقة وقال أبو حاتم : صالح وقال أبو داود : وكان من العباد وذكر فضله قال : وكان أفضل أهل الكوفة وذكره ابن حبان في الثقات قال أحمد بن صالح المصري : يعد في وجوه الكوفيين الثقات وفي موضع آخر : هو ثقة مأمون وقال ابن المديني : لا يحتج به إذا انفرد وقال ابن سعد : كان ثقة يحتج به وليس بكثير الحديث قال أحمد : لا بأس بحديثه كذا في " التهذيب " .
( 10 ) ص 112 ، والبيهقي : ص 79 - ج 2 .
( 11 ) في نسخة " هو المحفوظ " - " حاشية الطبع القديم " .
( 12 ) الدارقطني : ص 109 والبيهقي : ص 81 - ج 2 ، والطحاوي : ص 132 .
( 13 ) هو ابن عبد الهادي تبع البيهقي كما في " سننه " ص 81 - ج 2 ، وهو تابع في ذلك أبا بكر بن إسحاق وهو أحمد بن إسحاق بن أيوب النيسابوري الإمام الجليل الضبعي أحد الأئمة الجامعين بين الفقه والحديث " طبقات الشافعية " ص 81 - ج 2 .
( 14 ) قوله : " وليس في نسيان ابن مسعود لذلك ما يستغرب " .
أقول : ليس في نسيان ابن مسعود ولا غيره ما يستغرب لأنه شيء ورثه ابن آدم من أبيه وقد قال الله تعالى : { نسي ولم نجد له عزما } لكن النسيان ههنا غريب جدا لأنه إما يريد به المعنى الأصلي له وهو ضد الحفظ أو يريد به الجهل وأيا ما أريد به فهو ههنا مستغرب جدا لأن رجلا هو سادس ستة في الإسلام ولازم النبي صلى الله عليه وسلّم كأنه من أهل بيته يصلى خلفه ويرى كل يوم يرفع النبي صلى الله عليه وسلّم يديه عند الركوع والرفع منه سبع عشرة مرة في الفرائض فضلا عن النوافل إلى أكثر من عشرين سنة وهو خلفه في الصف الأول ويلي رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليأخذ عنه الصلاة ويقتدي به ويعمل بعمله ثم بعد النبي صلى الله عليه وسلّم يصلي خلف أبي بكر في خلافته ثم خلف عمر ويراهما يرفعان أيديهما عند الركوع والرفع منه ثم ينسى مثل هذا أو يجهل وله مذكر كل يوم عن أمامه وعلى يمينه ويساره وقد عمل به هو مع النبي صلى الله عليه وسلّم عشرين سنة فليت شعري إن رجلا بلغ نسيانه بهذه المثابة أو يجهل مثل هذه الأمور فهذا ليس بنسيان بل هذا الرجل إن كان فدماغه مؤوف وإلى الله المشتكى فيمن جوز هذا في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم فضلا عن أسبقهم في الإسلام وألزمهم للنبي صلى الله عليه وسلّم صحبة وأعلمهم بالقرآن لأجل حديث رواه هو ولم يعمل به من يفتي هذا المجوز به فإن قيل : إنما نسي ابن مسعود لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يداوم عليه ولم يواظب على ذلك أبو بكر ولا عمر ولا غيرهم من أصحاب النبي A قلنا : هذا هو المراد بحديث ابن مسعود فأي نسيان بعد ذلك ؟ .
قوله : " وقد نسي من القرآن وهي المعوذتان " .
قلت : ما يدري أبا بكر أن ابن مسعود نسي المعوذتين والمعروف عن ابن مسعود أنه كان يحفظهما ويحكها عن المصاحف ويقول : إنما أمر النبي A أن يتعوذ بهما وهذا أمر يرجع إلى التوقيف في الكتابة وهذا كما روي عنه إسقاط الفاتحة من مصحفه بإسناد صحيح وكأن يقرأ بها في الصلوات كلها وهذا أفضل أمة محمد A أبو بكر Bه وكان على هذا الظن في كتابة القرآن جملة واحدة حتى راجعه عمر في ذلك وهذا كاتب الوحي زيد بن ثابت لما قيل له في كتابة القرآن جملة واحدة ثقل عليه كثقل الجبل فلو قيل : كان ابن مسعود في كتابة المعوذتين والفاتحة على هذا الرأي الذي كان عليه الصديق وكاتب الوحي في كتابة القرآن جملة واحدة فأي ضرر على ابن مسعود في ذلك ؟ مع أن في ثبوت هذا عنه أيضا نظرا قد قال ابن حزم في " الحلى " ص 13 - ج 1 : كل ما روي عن ابن مسعود من أن المعوذتين وأم القرآن . لم يكونا في مصحفه فكذب موضوع لا يصح وإنما صحت عنه قراءة عاصم عن زر بن جيش عن ابن مسعود فيها أم القرآن والمعوذتان وقال السيوطي في " الاتقان " ص 79 : قال النووي في " شرح المهذب " : أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن وأن من جحد منها شيئا كفر وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح لوقوع سمع أبي بكر بن إسحاق حديث عبد الله بن عمرو عند الشيخين قال : سمعت رسول الله A يقول : " استقرئوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن مسعود " فبدأ به اه . وحديث أبي بكر Bه قال : قال النبي A : " من سره أن يقرأ القرآن غضا فليقرأ على قراءة ابن أم عبد " أحمد : ص 7 ، والطيالسي : ص 44 ، وحديث أبي هريرة عن النبي A قال : " من أحب أن يقرأ القرآن غريضا كما أنزل : فليقرأ قراءة ابن أم عبد " أحمد : ص 446 - ج 2 ، وحديث عمرو بن الحارث قال : قال رسول الله A : " من أحب أن يقرأ القرآن غضا فليقرأ على قراءة ابن أم عبد " أحمد : ص 2279 - ج 4 ، وحديث ابن عباس قال : إن رسول الله A كان يعرض القرآن كل سنة على جبريل فلما كانت السنة التي قبض فيها عرضه عليه عرضتين فكانت قراءة ابن مسعود آخرهن " مستدرك " ص 230 - ج 2 ، وقال : صحيح وحديث أبي ظبيان قال : قال ابن عباس : أي قراءة تقرأ ؟ قلت : القراءة الأولى قراءة ابن أم عبد فقال : هي القراءة الآخرة أن رسول الله A يعرض عليه القرآن في كل عام قال : أراه في كل شهر رمضان فلما كان العام الذي مات فيه عرضه عليه مرتين فشهد عبد الله ما نسخ وبدل الطحاوي : ص 209 ، وأحمد : ص 262 ، وغيرهما من الأحاديث الصحيحة التي ذكرها يطول ثم أراد اتباع النبي A والعمل بوصيته وظن أن ابن مسعود نسي المعوذتين لكان الأولى به أن ينساهما كما نسي ابن مسعود وحاشا ابن مسعود أن ينساهما أو ينكرهما كما ذكرنا من قبل وأنه أعلم أصحاب النبي A بكتاب الله كما أخبر هو عن نفسه وصدقه على ذلك أصحاب النبي A البخاري : ص 748 .
قوله : " ونسي ما اتفق العلماء على نسخه ونسي قيام الاثنين خلف الإمام " اه .
أشار به إلى حديث ابن مسعود أخرجه مسلم في " صحيحه - في باب الندب على وضع الأيدي على الركب " ص 202 ، عن علقمة والأسود أنهما دخلا على عبد الله فقال : أصلي من خلفكم ؟ فقالا : نعم فقام بينهما وجعل أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله ثم ركعنا فوضعنا أيدينا على ركبنا فضرب أيدينا ثم طبق بين يديه ثم جعلهما بين فخذيه فلما صلى قال : هكذا فعل رسول الله A اه . وفي رواية : كأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله A اه .
قلت : ههنا مسألتين : التطبيق . وقيام الإمام بين الاثنين وكلاهما ليس من النسيان في شيء " بل فيه التصريح بأنه حفظ سنة النبي A في التطبيق . كأنه ينظر إلى أصابع النبي A . غاية الأمر أنه حفظ سنة خالفها سنة أخرى يمكن أن يكون من تنوع العبادات كالأذان . والإقامة . والتشهد . وتكبيرات العيدين أو من قبيل الرخصة كما ظن الشافعي C ومن وافقه في قصر صلاة السفر مع أن النبي A لم يثبت عنه أنه أتم الصلاة في السفر وقوله في حديث ابن مسعود : أمرنا بالركب . أو نهينا عن هذا ليس بشيء منهما حكاية لفظ النبي A بل أدى به ما فهم من لفظ النبي A ولم يذكر هو وفهم بعض أصحاب النبي A ليس بحجة على بعض آخر وليس التطبيق بمتفق على نسخه بل ذهب إلى التخيير بين أخذ الركب والتطبيق علي بن أبي طالب Bه وروى ابن أبي شيبة من طريق عاصم بن حمزة عنه قال : فإن شئت قلت : هكذا " يعني وضعت يديك على ركبتيك " وإن شئت طبقت وإسناده حسن قاله الحافظ في " الفتح " ص 227 - ج 2 ، وهذا التأويل هو المتعين وكيف يظن بابن مسعود - أنه يرى النبي A كل يوم سبع عشرة مرة . وأبا بكر Bه . وعمر Bه أنهم يضعون أيديهم على الركب - وينسى ذلك ابن مسعود ولا يذكره مذكر ؟ .
وأما مسألة توسط الإمام بين الاثنين فهذا أيضا ليس من باب النسيان في شيء بل من باب حفظ سنة النبي A في ذلك الباب غاية ما يقال : إن في المسألة سنة أخرى نسخت هذه السنة التي حفظها ابن مسعود وكم من مصل لا يتفق له في عمره أن يقتدي بإمام ليس معه إلا واحد ؟ فإن لم يتفق لابن مسعود بعد ما حفظ السنة الأولى أن يصلي خلف النبي A ومعه رجل آخر فقط فلا حرج فإن هذا قلما يقع وقد اعتذر ابن سيرين عن ذلك بأن المسجد كان ضيقا ذكر البيهقي في " باب المأموم يخالف السنة في الموقف " ص 99 - ج 3 ، وفي ص 181 ، على أن الحديث الذي استدل به على مذهب ابن مسعود هو قيام الإمام بين الاثنين ليس بنص في ذلك وما فيه التصريح يمكن أن يكون من تصرف الرواة فقد روى أحمد في " مسنده " ص 459 - ج 1 عن يعقوب عن ابن إسحاق : قال : وحدثني عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي عن أبيه : قال : دخلت أنا . وعمي علقمة على عبد الله بن مسعود - بالهاجرة - قال : فأقام الظهر ليصلي فقمنا خلفه فأخذ بيدي . ويد عمي ثم جعل أحدنا عن يمينه . والآخر عن يساره ثم قام بيننا فصففنا خلفه صفا واحدا ثم قال : هكذا كان رسول الله A يفعل إذا كانوا ثلاثة اه .
فهذه الرواية تدل على أن ابن مسعود توسط بين أسود . وعلقمة ولكن كان إمامهما وهما خلفه فعلى هذا الاختلاف بين هذا وبين ما اختاره الجمهور والله أعلم . وظاهر كلام ابن قيم في " البدائع " يدل على أن ما فعل ابن مسعود هو السنة الدائمة المستمرة إذا كان أحد المأمومين صبيا قال في ص 91 - ج 4 منه : روى أنس : صليت خلف رسول الله A أنا ويتيم لنا وأم سليم خلفنا يحتمل أن يكون كان أحدهما محتلما ويحتمل أن يكونا صبيين أما إذا كان أحدهما بالغا فعلى حديث ابن مسعود أنه صلى بعلقمة . والأسود وأحدهما غير محتلم فأقام أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره ورفعه إلى النبي A .
قوله : " ونسي أن النبي A صلى الصبح يوم النحر في وقتها " اه .
( يتبع ... )