- الحديث الخامس عشر : قال عليه السلام : .
- " إذا قال الإمام { ولا الضالين } فقولوا : آمين " وفي آخره : " فإن الإمام يقولها " .
قلت : رواه النسائي في " سننه " أخبرنا إسماعيل بن مسعود نا يزيد بن زريع حدثني معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " إذا قال الإمام : { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فقولوا : آمين فإن الملائكة تقول : آمين وإن الإمام يقول : آمين ( 1 ) فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " انتهى . ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا معمر به ومن طريق عبد الرزاق رواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الأول من القسم الأول بسنده ومتنه والحديث في " الصحيحين " ليس فيه : فإن الإمام يقول : آمين أخرجه البخاري . ومسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " إذا قال الإمام : { ولا الضالين } فقولوا : آمين فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له " انتهى . بلفظ البخاري ولفظ مسلم ( 2 ) قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعلمنا يقول : " لا تبادروا الإمام إذا كبر فكبروا وإذا قال : { ولا الضالين } فقولوا : آمين وإذا قال : سمع الله لمن حمده فقولوا : اللهم ربنا ولك الحمد " انتهى . وأخرجه مسلم ( 3 ) أيضا عن حطان بن عبد الله عن أبي موسى . أنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فعلمنا صلاتنا وبين لنا سنتنا فقال : " إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا وإذا قال : { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فقولوا : آمين يحبكم الله " الحديث . قوله : لما روينا من حديث ابن مسعود " يعني قوله : أربع يخفيهن الإمام " وذكر منها " آمين " وقد تقدم الكلام عليه .
ومن أحاديث الباب ما رواه أحمد . وأبو داود الطيالسي . وأبو يعلى الموصلي في " مسانيدهم " . والطبراني في " معجمه " . والدارقطني في " سننه ( 4 ) " . والحاكم في " المستدرك " من حديث شعبة عن سلمة بن كهيل عن حجر أبي العنبس عن علقمة بن وائل عن أبيه أنه صلى الله عليه وسلّم صلى فلما بلغ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال آمين وأخفى بها صوته انتهى . أخرجه الحاكم ( 5 ) في " كتاب القراءة " ولفظه : وخفض بها صوته وقال : حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه انتهى . وقال الدارقطني : هكذا قال شعبة وأخفى بها صوته ويقال : إنه وهم فيه لأن سفيان الثوري . ومحمد بن سلمة بن كهيل . وغيرهما رووه عن سلمة فقالوا : ورفع بها صوته وهو الصواب انتهى . وطعن صاحب " التنقيح " في حديث شعبة هذا بأنه قد روي عنه خلافه كما أخرجه البيهقي في " سننه " عن أبي الوليد الطيالسي ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل سمعت حجرا أبا عنبس يحدث عن وائل الحضرمي أنه صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلّم فلما قال : { ولا الضالين } قال : آمين رافعا بها صوته قال : فهذه الرواية توافق رواية سفيان وقال البيهقي في " المعرفة " : إسناد هذه الرواية صحيح وكان شعبة يقول : سفيان أحفظ وقال يحيى القطان . ويحيى بن ميعن : إذا خالف شعبة سفيان فالقول قول سفيان قال : وقد أجمع الحفاظ : البخاري . وغيره على أن شعبة أخطأ فقد روى من أوجه : فجهر بها وقال ابن القطان في " كتابه " : هذا الحديث فيه أربعة أمور : أحدها : اختلاف سفيان . وشعبة فشعبة يقول : خفض وسفيان الثوري يقول : رفع . الثاني : اختلافهما في حجر فشعبة يقول : حجر أبو العنبس والثوري يقول : حجر بن عنبس وصوب البخاري . وأبو زرعة قول الثوري ولا أدري لم لم يصوبا قولهما جميعا حتى يكون حجر بن عنبس أبا العنبس ؟ اللهم إلا أن يكون البخاري . وأبو زرعة قد علما له كنية أخرى . الثالث : أن حجرا لا يعرف حاله فإن المستور الذي روى عنه أكثر من واحد مختلف في قبول حديثه للاختلاف في ابتغاء مزيد العدالة بعد الإسلام . والرابع : اختلافهما ( 6 ) أيضا فجعله الثوري من رواية حجر عن وائل وجعله شعبة من رواية حجر عن علقمة بن وائل وصحح الدارقطني رواية الثوري وكأنه عرف من حال حجر الثقة ولم يره منقطعا بزيادة شعبة - علقمة بن وائل - في " الوسط " وهذا هو الذي حمل الترمذي على أن حسنه والحديث إلى الضعف أقرب منه إلى الحسن انتهى كلامه . وهذا الذي قال ابن القطان تفقها قاله ابن حبان صريحا ( 7 ) فقال في " كتاب الثقات " : حجر بن عنبس أبو العنبس الكوفي وهو الذي يقال له : حجر أبو العنبس يروي عن علي . ووائل بن حجر روى عنه مسلمة بن كهيل انتهى .
واعلم أن في الحديث علة أخرى ذكرها الترمذي في " علله الكبير " فقال : سألت محمد بن إسماعيل هل سمع علقمة من أبيه ؟ فقال : إنه ولد بعد موت أبيه لستة أشهر انتهى .
- أحاديث الخصوم : أخرج أبو داود . والترمذي عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر واللفظة لأبي داود قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا قرأ : { ولا الضالين } قال : آمين ورفع بها صوته انتهى . ولفظ الترمذي : ومد بها صوته وقال : حديث حسن ورواه شعبة عن سلمة بن كهيل عن حجر أبي العنبس عن علقمة بن وائل عن أبيه وقال فيه : وخفض بها صوته قال : وسمعت محمدا يقول : حديث سفيان أصح من حديث شعبة وأخطأ فيه شعبة في مواضع : فقال : عن حجر أبي العنبس وإنما هو حجر بن العنبس ويكنى أبا السكن وزاد فيه : عن علقمة وليس فيه علقمة وإنما هو حجر بن عنبس عن وائل وقال : وخفض بها صوته وإنما هو : ومد بها صوته وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث فقال : حديث سفيان أصح من حديث شعبة انتهى كلام الترمذي .
- طريق آخر أخرجه أبو داود . والترمذي عن علي بن صالح ويقال : العلاء بن صالح الأسدي عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه صلى فجهر بآمين وسلم عن يمينه وشماله انتهى . وسكتا عنه .
- طريق آخر رواه النسائي ( 8 ) : أخبرنا قتيبة ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عبد الجبار ( 9 ) بن وائل عن أبيه قال : صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلما افتتح الصلاة كبر ورفع يديه حتى حاذيا أذنيه ثم قرأ فاتحة الكتاب فلما فرغ منها قال : آمين يرفع بها صوته انتهى .
- حديث آخر أخرجه أبو داود . وابن ماجه عن بشر بن رافع عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا تلا : { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال : آمين حتى يسمع من يليه من الصف الأول انتهى . زاد ابن ماجه : فيرتج بها المسجد ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الرابع من القسم الخامس ولفظه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع بها صوته وقال : آمين انتهى . ورواه الحاكم في " المستدرك ( 10 ) " وقال على شرط الشيخين وليس كما قال ورواه الدارقطني في " سننه " وقال : إسناده حسن وينظر أسانيدهم الثلاثة وبشر بن رافع الحارثي ضعفه البخاري . والترمذي . والنسائي . وأحمد . وابن معين . وابن حبان وقال ابن القطان في " كتابه " : بشر بن رافع أبو الأسباط الحارثي ضعيف وهو يروي هذا الحديث عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة وأبو عبد الله هذا لا يعرف له حال ولا روى عنه غير بشر والحديث لا يصح من أجله انتهى كلامه .
- حديث آخر روى إسحاق بن راهويه في " مسنده " أخبرنا النضر بن شميل ثنا هارون ( 11 ) الأعور عن إسماعيل بن مسلم ( 12 ) عن أبي إسحاق عن ابن أم الحصين عن أمه أنها صلت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلما قال : { ولا الضالين } قال : آمين فسمعته وهي في صف النساء انتهى .
_________ .
( 1 ) " الإمام يقول : آمين رواه أحمد في " مسنده " ص 270 - ج 2 ، والدارمي : ص 147 .
( 2 ) في " باب ائتمام الإمام والمأموم " ص 177 .
( 3 ) في " باب التشهد في الصلاة " ص 174 .
( 4 ) ص 124 .
( 5 ) في " أوائل التفسير " ص 232 .
( 6 ) هذه العلة مدفوعة لأن حجرا سمع الحديث عن علقمة عن وائل وسمعه من وائل نفسه أيضا قال البيهقي : ص 57 - ج 2 ، قلت : وأخرج أبو داود الطيالسي في " مسنده " ص 138 : حدثنا شعبة قال : أخبرني سلمة بن كهيل قال : سمعت حجرا أبا العنبس قال : سمعت علقمة بن وائل يحدث عن وائل . وقد سمعت من وائل أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلما قرأ : { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال : آمين خفض بها صوته اه . وفي " البيهقي " في هذا الحديث وقد اختصره قال : أخبرني سلمة بن كهيل قال : سمعت حجرا أبا العنبس قال : سمعت علقمة بن وائل وقد سمعه من وائل أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فذكر الحديث اه .
( 7 ) قلت : الذي قاله ابن حبان هو منصوص في رواية الدارقطني : ص 127 عن وكيع . والمحاربي قالا : ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن حجر أبي العنبس وهو ابن العنبس عن وائل بن حجر الحديث قال الدارقطني : هذا صحيح قال البيهقي ص 57 - ج 2 : وكذلك ذكره محمد بن كثير عن الثوري أي روى محمد بن كثير هذا الحديث عن الثوري وقال فيه : حجر أبو العنبس كما قال شعبة قلت : رواية ابن كثير هذه عند الدارمي : ص 147 ، وعند أبي داود في " باب التأمين " ص 139 .
( 8 ) النسائي في " باب رفع اليدين حيال الأذنين " ص 140 ، ومن طريق يونس بن أبي إسحاق عن أبيه ص 147 .
( 9 ) قال النووي في " شرح المهذب " ص 104 - ج 3 : الأئمة متفقون على أن عبد الجبار لم يسمع من أبيه شيئا وقال جماعة منهم : إنما ولد بعد وفاة أبيه بستة أشهر اه .
( 10 ) ص 223 من حديث أبي هريرة وفيه إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي ضعيف وأخرجه الدارقطني : ص 127 ، وفيه أيضا إسحاق المذكور قال أبو حازم : لا بأس به سمعت ابن معين يثني عليه وقال النسائي : ليس بثقة وقال أبو داود : ليس بشيء كذبه محدث حمص محمد بن عوف الطائي " ميزان " .
( 11 ) هارون : هو ابن موسى الأزدي .
( 12 ) إسماعيل بن مسلم المكي ضعيف " زوائد " ص 114 - ج 2