ومنهم 11 - عمرو بن شرحبيل الهمداني . 12 - ومرة بن شراحبيل . 13 - وزيد بن صوحان . 14 - والحارث بن قيس الجعفي . 15 - وعبد الرحمن بن الأسود النخعي . 16 - وعبد الله بن عتبة بن مسعود . 17 - وخثيمة بن عبد الرحمن . 18 - وسلمة بن صهيب . 19 - ومالك بن عامر . 20 - وعبد الله بن سخبرة . 21 - وخلاس بن عمرو . 22 - وأبو وائل شقيق بن سلمة . 23 - وعبيد بن نضلة . 24 - والربيع بن خيثم . 25 - وعتبة بن فرقد . 26 - وصلة بن زفر . 27 - وهمام بن الحارث . 28 - والحارث بن سويد . 29 - وزاذان أبو عمرو الكندي . 30 - وزيد بن وهب . 31 - وزياد بن جرير . 32 - وكرودس بن هانئ . 33 - ويزيد بن معاوية النخعي وغيرهم من أصحابهما وأكثر هؤلاء لقوا عمر . وعائشة أيضا وأخذوا عنهما وهؤلاء كانوا يفتون بالكوفة بمحضر الصحابة فلو تلي حديث هؤلاء أو فقههم على مجنون لأفاق فلا يستطيع من يدري ما يقول أن يوجه أي مؤاخذة نحو حديث هؤلاء وفقههم وتليهم طبقة لم يدركوا عليا ولا ابن مسعود ولكنهم تفقهوا على أصحابهما وجمعوا علوم علماء الأمصار إلى علومهم وما ذكره ابن حزم منهم نبذة يسيرة فقط وعدد هؤلاء في غاية الكثرة وأمرهم في نهاية الشهرة ولسنا بسبيل سرد أسمائهم إلا أنا نلفت الأنظار إلى عدد الذين خرجوا مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث على الحجاج الثقفي في دير الجماجم سنة 83 ه من الفقهاء القراء خاصة من أهل الطبقتين وبينهم أمثال ( آ ) - أبي البختري سعيد بن فيروز . ( ب ) - وعبد الرحمن بن أبي ليلى . ( ج ) - والشعبي . ( د ) - وسعيد بن حبير قال الجصاص في " أحكام القرآن " ص 71 - 1 : وخرج عليه من القراء أربعة آلاف رجل هم خيار التابعين وفقهاؤهم فقاتلوه مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث اه .
فإذا نظرت إلى علماء سائر الأمصار ( 2 ) يعد من أحسنهم حالا من يهاجر أباه ومن يقبل جوائز الحكام ويساير أهل الحكم وقل بينهم من يخطر له على بال مقاومة الظلم وبذل كل مرتخص وغال في هذا السبيل فبذلك أصبحت أحوال الكوفة في أمر الدين . والخلق . والفقه . وعلم الكتاب . والسنة . واللغة العربية ماثلة أمام الباحث المنصف فيحكم بما تمليه النصفة في الموازنة بين علماء الأمصار . وهذا مما يجعل للكوفة مركزا لا يسامى على توالي القرون ولولا ذلك لما كانت الكوفة معقل أهل الدين يفر اليها المضطهدون طول أيام الجور في عهد الأموية .
وسعيد بن جبير وحده جمع علم ابن عباس إلى علمه حتى أن ابن عباس كان يقول حينما رأى أهل الكوفة يأتونه ليستفتوه : أليس فيكم ابن أم الدهماء ؟ يعني " ابن جبير " يذكرهم ما خصه الله من العلم الواسع بحيث يغني علمه أهل الكوفة عن علم ابن عباس .
وإبراهيم بن يزيد النخعي من أهل هذه الطبقة قد جمع أشتات علوم هاتين الطبقتين بعد أن تفقه على علقمة قال أبو نعيم : أدرك إبراهيم أبا سعيد الخدري وعائشة ومن بعدهما من الصحابة Bهم اه .
وعامر بن شراحيل الشبي الذي يقول عنه ابن عمر لما رآه يحدث بالمغازي : " لهو أحفظ لها مني وإن كنت قد شهدتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم " يفضل أبا عمران إبراهيم النخعي هذا على علماء الأمصار كلها حيث يقول لرجل حضر جنازته عندما توفي سنة 95 ه : " دفنتم أفقه الناس " فقال الرجل : ومن الحسن ؟ قال : أفقه من الحسن ومن أهل البصرة ومن أهل الكوفة وأهل الشام وأهل الحجاز كما أخرجه أبو نعيم بسنده إليه . وأهل النقد يعدون مراسيل النخعي صحاحا بل يفضلون مراسيله على مسانيد نفسه كما نص على ذلك ابن عبد البر في " التمهيد " ويقول الأعمش " : ما عرضت على إبراهيم حديثا قط إلا وجدت عنده منه شيئا وقال الأعمش أيضا : كان إبراهيم صيرفي الحديث فكنت إذا سمعت الحديث من بعض أصحابنا عرضته عليه وقال إسماعيل بن أبي خالد : كان الشعبي وأبو الضحى وإبراهيم وأصحابنا يجتمعون في المسجد فيتذاكرون الحديث فإذا جاءتهم فتيا ليس عندهم منها شيء رموا بأبصارهم إلى إبراهيم النخعي . وقال الشعبي عن إبراهيم : أنه نشأ في أهل بيت فقه فأخذ فقههم ثم جالسنا فأخذ صفو حديثنا إلى فقه أهل بيته فإذا نعيته أنعى العلم ما خلف بعده مثله وقال سعيد بن جبير : تستفتوني وفيكم إبراهيم النخعي ؟ ومما أخرجه أبو نعيم في " الحلية " : حدثنا أبو محمد بن حيان حدثنا أبو أسيد ثنا أبو مسعود ثنا ابن الأصبهاني ثنا عثام عن الأعمش قال : ما رأيت إبراهيم يقول برأيه في شيء قط . اه . ومثله في " ذم الكلام " - لابن مت فعلى هذا يكون كل ما يروى عنه من الأقوال في أبواب الفقه في " آثار " أبي يوسف . و " آثار " محمد بن الحسن و " المصنف " لابن أبي شيبة وغيرها أثرا من الآثار .
والحق أنه كان يروي ويرى فإذا روى فهو الحجة واذا رأى واجتهد فهو البحر الذي لا تعكره الدلاء لتوفر أسباب الاجتهاد عنده بأكملها بل هو القائل : " لا يستقيم رأي إلا برواية ولا رواية إلا برأي " كما أخرجه أبو نعيم بسنده إليه وهي الطريقة المثلى في الأخذ بالحديث والرأي . وقال الخطيب في " الفقيه والمتفقه " : أخبرنا أبو بشر محمد بن عمر الوكيل أخبرنا عمر بن أحمد بن الواعظ ثنا محمد بن معاوية ثنا أبو بكر بن عياش حدثني الحسن بن عبيد الله النخعي قال : قلت لإبراهيم : أكل ما أسمعك تفتي به سمعته ؟ فقال لي : لا قلت : تفتي بما بما لم تسمع ؟ فقال : سمعت الذي سمعت وجاءني ما لم أسمع فقسته بالذي سمعت اه . وهذا هو الفقه حقا وبمثل هذا الإمام الجليل تفقه حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة وكان حماد شديد الملازمة لإبراهيم قال أبو الشيخ في " تاريخ أصبهان " : حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن هارون بن سليمان بن يحيى بن سليمان بن أبي سليمان قال : سمعت أبي يقول : حدثني أبي عن جدي قال : وجه إبراهيم النخعي حمادا يوما يشتري له لحما بدرهم في زنبيل فلقيه أبوه راكبا دابة وبيد حماد الزنبيل فزجره ورمى به من يده فلما مات إبراهيم جاء أصحاب الحديث والخراسانية يدقون على باب مسلم بن يزيد - والد حماد - فخرج إليهم في الليل بالشمع فقالوا : لسنا نريدك نريد ابنك حمادا فدخل إليه فقال : يا بني قم إلى هؤلاء فقد علمت أن الزنبيل أدى بك إلى هؤلاء اه .
وقال أبو الشيخ قبيل هذا : حدثنا أحمد بن الحسن قال : سمعت ابن خالي عبيد بن موسى يقول سمعت جدتي تقول عن جدتها الكبرى عاتكة أخت حماد بن أبي سليمان : قالت : كان النعمان ببابنا يندف قطننا ويشري لبننا وبقلنا وما أشبه ذلك فكان إذا جاء الرجل يسأله عن المسألة قال : ما مسألتك ؟ قال : كذا . وكذا قال : الجواب فيها كذا ثم يقول : على رسلك فيدخل إلى حماد فيقول له : جاء رجل فسأل عن كذا فأجبته بكذا فما تقول أنت ؟ فقال : حدثونا بكذا وقال أصحابنا كذا وقال : إبراهيم كذا فيقول : فأروي عنك ؟ فيقول : نعم فيخرج فيقول : قال حماد كذا اه . هكذا كانت ملازمة بعضهم لبعض وخدمة بعضهم لبعض أوان الطلب وبهذا نالوا بركة العلم . وقد أخرج ابن عدي في " الكامل " بطريق يحيى بن معين عن جرير عن مغيرة قال : قال حماد بن أبي سليمان : " لقيت قتادة وطاوسا ومجاهدا فصبيانكم أعلم منهم بل صبيان صبيانكم أعلم منهم " إنما قاله هذا تحديثا بالنعمة وردا على بعض شيوخ الرواية ممن لم يؤت نصيبا من الفقه حيث كان يفتي في مسجد الكوفة غلطا ويقول : لعل هناك صبيانا يخالفوننا في هذه الفتاوى وماذا يفيد تقدم السن في الرواية لمن حرم الدراية ويريد بالصبيان التلاميذ وقد أخرج ابن عدي في " الكامل " بطريق يحيى بن معين عن ابن إدريس عن الشيباني عن عبد الملك بن إياس الشيباني أنه قال : قلت لإبراهيم : من نسأل بعدك ؟ قال : حمادا اه وحماد بن أبي سليمان هذا توفي سنة 120 .
وقال العقييلي : حدثنا أحمد بن محمود الهروي قال : حدثنا محمد بن المغيرة البلخي قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال : حدثنا محمد بن سليمان الأصبهاني قال : لما مات إبراهيم اجتمع خمسة من أهل الكوفة فيهم عمر بن قيس الماصر وأبو حنيفة فجمعوا أربعين ألف درهم وجاؤوا إلى الحكم بن عتيبة فقالوا : إنا قد جمعنا أربعين ألف درهم نأتيك بها وتكون رئيسنا . فأبى عليهم الحكم فأتوا حماد بن أبي سليمان فقالوا فأجابهم اه وبهذا القدر نكتفي من أنباء هذه الطبقة لكثرة رجالها وتشعب أنبائها مقتصرا على سوق خبرين مما يدل على اتساع الكوفة في الرواية والدراية في تلك الطبقة .
قال أبو محمد الرامهرمزي في " الفاصل " : حدثنا الحسين بن نبهان ثنا سهيل بن عثمان ثنا حفص بن غياث عن أشعث عن أنس بن سيرين قال : أتيت الكوفة فرأيت فيها أربعة آلاف يطلبون الحديث وأربعمائة قد فقهوا اه . وفي أي مصر من أمصار المسلمين غير الكوفة تجد مثل هذا العدد العظيم للمحدثين والفقهاء . وفي هذا ما يدل على أن الفقيه مهمته شاقة جدا فلا يكثر عدده كثرة عدد النقلة . وقال الرامهرمزي أيضا : حدثنا عبد الله بن أحمد بن معدان حدثنا مذكور بن سليمان الواسطي قال : سمعت عفان يقول - وسمع قوما يقولون : نسخنا كتب فلان ونسخنا كتب فلان - فسمعته يقول : نرى هذا الضرب من الناس لا يفلحون كنا نأتي هذا فنسمع منه ما ليس عند هذا ونسمع من هذا ما ليس عند هذا فقدمنا الكوفة فأقمنا أربعة أشهر ولو أردنا أن نكتب مائة ألف حديثا لكتبناها فما كتبنا إلا قدر خمسين ألف حديث وما رضينا من أحد إلا مالأمة ( 3 ) إلا شريكا فإنه أبى علينا وما رأينا بالكوفة لحانا مجوزا اه .
أنظر مصرا يكتب بها - مثل - عفان - في أربعة أشهر . خمسين ألف حديث مع هذا التروي ( 4 ) ومسند أحمد أقل من ذلك بكثير أيعد مثل هذا البلد قليل الحديث ؟ على أن أحاديث الحرمين مشتركة بين علماء الأمصار في تلك الطبقات لكثرة حجهم وكم بينهم من حج أربعين حجة وعمرة وأكثر وأبو حنيفة وحده حج خمسا وخمسين حجة وأنت ترى البخاري يقول : ولا أحصي ما دخلت الكوفة في طلب الحديث حينما يذكر عدد ما دخل باقي الأمصار ولهذا أيضا دلالته في هذا الصدد .
ومما يدل عليه الخبر السابق براءة علماء الكوفة من اللحن الذي اكتظت به بلاد الحجاز والشام ومصر في ذلك العهد وأنت تجد في كلام ابن فارس مدافعته عن مالك في ذلك وقول الليث في ربيعة تجده في " الحلية " وقول أبي حنيفة في نافع تجده في - كتاب - ابن أبي العوام والكلمة التي تروى عن أبي حنيفة ( 5 ) بدون سند متصل على أن وجهها في العربية ظاهرا جدا على فرض ثبوتها عنه وقد توسع المبرد في - اللحنة - أنباء اللاحنين من أهل الأمصار سوى بلاد العراق وقد نقل مسعود بن شيبة جملة من ذلك في " التعليم " على أن مصر كانت تعاشر القبط والشام يساكن الروم وكان الحجاز يطرقه كل طارق من الأعاجم ولا سيما بعد عهد كبار التابعين مع عدم وجود أئمة بها للغة يحفظونها من الدخيل . واللحون وأما الكوفة والبصرة ففيهما دونت العربية فأهل الكوفة راعوا تدوين جميع اللهجات العربية في عهد نزول الوحي ليستعينوا بذلك على فهم أسرار الكتاب والسنة ووجوه القراءة وأهل البصرة انتهجوا مسلك التخير من اللهجات ما يحق أن يتخذ لغة المستقبل فأحد المسلكين لا يغني عن الآخر .
فعلم بذلك مركز الكوفة في الفقه . والحديث . واللغة وأما القرآن فالأئمة الثلاثة من السبعة كوفيون وهم : 1 - عاصم . 2 - وحمزة . 3 - والكسائي وزد خلفا العاشر من بين العشرة وقد سبق بيان قراءة عاصم .
_________ .
( 2 ) يشير الأستاذ المحقق إلى مزية الكوفة وعلمائها علما وديانة وورعا وتقوى وهذا مهم فاعلمه .
( 3 ) يريد : لم نرض في قبول حديث أحد أو روايته إلا ما تلقاه الأمة انظر إلى هذا الشرط الصعب ثم إلى هذا الاستكثار وهذا مهم فاعلمه . " البنوري " .
قال في لسان العرب : واللأم الإتفاق وقد تلاءم القوم والتأموا : اجتمعوا واتفقوا وتلاءم الشيئانإذا اجتمعا واتصلا ويقال : التأم الفريقان والرجلان إذا تصالحا واجتمعا اه . فلينظر هذا المعنى فهو يفيد عدم قبول الأخبار إلا ما ورد من عدة طرق مقبولة .
( 4 ) وعفان هذا هو : عفان بن مسلم الأنصاري البصري شيخ البخاري وأحمد وإسحاق وخلائق وهو الذي يقول فيه ابن المديني : كان إذا شك في حرف من الحديث تركه كذا في " التقريب " ويقول أبو حاتم : إمام ثقة متقن متين ويقول ابن عدي : أوثق من أن يقال فيه شيء كذا في " خلاصة التذهيب " " البنوري " .
( 5 ) يريد بها الأستاذ كلمة " أبا قبيس " وسمعت منه أن المراد به خشية الجزار يقطع عليها اللحم في حوار أهل الكوفة عندئذ لا الجبل المعروف بمكة زادها الله تكريما