- الحديث الثالث : روي أنه عليه السلام أمر بتوريث امرأة أشيم الضبابي من عقل زوجها أشيم .
قلت : روي من حديث الضحاك بن سفيان ومن حديث المغيرة بن شعبة .
- فحديث الضحاك بن سفيان : أخرجه أصحاب السنن الأربعة ( 1 ) عن سفيان بن أبي عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر أنه كان يقول : الدية للعاقلة لا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى قال الضحاك بن سفيان : كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن أورث امرأة أشيم الضابي من دية زوجها فرجع عمر انتهى . أخرجه أبو داود والنسائي في " الفرائض " وابن ماجه في " الديات " والترمذي - فيهما - وقال : حديث حسن صحيح ورواه أحمد في " مسنده " حدثنا سفيان به ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " ( 2 ) أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب قال : ما أرى الدية إلا للعصبة لأنهم يعقلون عنه فهل سمع أحد منكم من رسول الله صلى الله عليه وسلّم في ذلك شيئا ؟ فقال الضحاك بن سفيان الكلابي وكان عليه السلام استعمله على الأعراب : كتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فأخذ به عمر انتهى . أخبرنا ابن جريج عن الزهري به وزاد : وكان قتل خطأ ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في " معجمه " وابن راهويه في " مسنده " وصحح عبد الحق في " أحكامه " هذا الحديث وتعقبه ابن القطان في " كتابه " وقال : أن ابن المسيب لم يسمع من عمر إلا نعيه النعمان بن مقرن ومن الناس من أنكر سماعه منه ألبتة انتهى .
- وأما حديث المغيرة : فأخرجه الدارقطني في " سننه ( 3 ) عن محمد بن عبد الله الشعيثي عن زفر بن وثيمة عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كتب إلى الضحاك أن يورث امرأة أشيم الضبابي من ديته انتهى . وزفر بن وثيمة مجهول الحال قاله ابن القطان وتفرد عنه الشعيثي قال الذهبي : وثقه ابن معين ودحيم ثم أخرجه عن محمد بن عبد الله الشعيثي عن زفر بن وثيمة عن المغيرة بن شعبة أن زرارة بن جزء قال لعمر بن الخطاب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كتب إلى الضحاك ان سفيان أن يورث الحديث . قال الدارقطني في " كتاب المؤتلف والمختلف " : وزرارة بن جزء له صحبة روى عنه المغيرة بن شعبة قال : - وهو بكسر الجيم - هكذا يعرفه أصحاب الحديث وأهل العربية يقولون : - بفتح الجم - انتهى . وأخرجه الطبراني ( 4 ) في " معجمه " عن محمد بن عبد الله الشعيثي عن زفر بن وثيمة البصري عن المغيرة بن شعبة أن أسعد بن زرارة الأنصاري قال لعمر بن الخطاب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كتب إلى الضحاك بن سفيان أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها انتهى . قال الطبراني : وأسعد بن زرارة صحابي يكنى أبا أمامة توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم في السنة الأولى من الهجرة انتهى .
- قوله : عن عمر Bه أنه قال : لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلهم جميعا قلت : رواه مالك في " الموطأ " ( 5 ) أخبرنا يحيى بن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل نفرا : خمسة أو سبعة برجل قتلوه غيلة وقال : لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلهم به انتهى . وعن مالك رواه محمد بن الحسن في " موطأه " والشافعي في " مسنده " وذكره البخاري في " صحيحه - في كتاب الديات " ولم يصل به سنده ولفظه : وقال ابن بشار : حدثنا يحيى عن عبيد الله عن ابن عمر أن غلاما قتل غيلة فقال عمر : لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلهم به وقال مغيرة بن حكيم عن أبيه : أن أربعة قتلوا صبيا فقال عمر مثله انتهى . ورواه أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا عبد الله بن نمير عن يحيى بن سعيد به ومن طريق ابن أبي شيبة رواه الدارقطني في " سننه " ( 6 ) ورواه ابن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع ثنا العمري عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب قتل سبعة من أهل صنعاء برجل وقال : لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلهم انتهى . ورواه مطولا عبد الرزاق في " مصنفه " فقال : أخبرنا ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار أن حي بن يعلى أخبرنا أنه سمع يعلى يخبر بهذا الخبر وأن اسم المقتول أصيل قال : كانت امرأة بصنعاء لها ربيب فغاب زوجها وكان لها أخلاء فقالوا : إن هذا الغلام هو يفضحنا فانظروا كيف تصنعون به فتمالأوا عليه وهم سبعة نفر مع المرأة فقتلوه وألقوه في بئر غمدان فلما فقد الغلام خرجت امرأة أبيه وهي التي قتلته وهي تقول : اللهم لا تخف علي من قتل أصيلا قال : وخطب يعلى الناس في أمره قال : فمر رجل بعد أيام ببئر غمدان فإذا هو بذباب عظيم أخضر يطلع من البئر مرة ويهبط أخرى قال : فأشرف على البئر فوجد ريحا منكرة فأتى إلى يعلى فقال : ما أظن إلا قد قدرت لكم على صاحبكم وقص عليه القصة فأتى يعلى حتى وقف على البئر والناس معه فقال أحد أصدقاء المرأة ممن قتله : دلوني بحبل فدلوه فأخذ الغلام فغيبه في سرب من البئر ثم رفعوه فقال : لم أقدر على شيء فقال رجل آخر : دلوني فدلوه فاستخرجه فاعترفت المرأة واعترفوا كلهم فكتب يعلى إلى عمر فكتب إليه أن اقتلهم فلو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به انتهى .
- وفي الباب : ما رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب قال : خرج رجال سفر فصحبهم رجل فقدموا وليس معهم فاتهمهم أهله فقال شريح : شهودكم أنهم قتلوا صاحبكم وإلا حلفوا بالله ما قتلوه فأتى بهم إلى علي وأنا عنده ففرق بينهم فاعترفوا فأمر بهم فقتلوا انتهى . حدثنا أبو معاوية عن مجالد عن الشعبي عن المغيرة بن شعبة أنه قتل سبعة برجل انتهى . وروى عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : لو أن مائة قتلوا رجلا قتلوا به انتهى .
_________ .
( 1 ) عند أبي داود في " أواخر الفرائض " ص 261 - ج 2 ، وعند ابن ماجه في " الديات - في باب الميراث من الدية " ص 194 ، وعند الترمذي " فيه - في باب ما جاء في المرأة ترث من دية زوجها " ص 182 - ج 1 ، وفي " الفرائض في باب ما جاء في ميراث المرأة من دية زوجها " ص 33 - ج 2 .
( 2 ) وعند الدارقطني أيضا من طريق عبد الرزاق في " الفرائض " ص 458 .
( 3 ) عند الدارقطني في " الفرائض " ص 457 .
( 4 ) قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ص 230 - ج 4 في حديث أسعد بن زرارة : رواه الطبراني ورجاله ثقات وفي حديث زرارة بن جزى رواه الطبراني ورجاله ثقات وأخرج عن أنس بن مالك Bه أن قتل أشيم كان خطأ قال : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح انتهى .
( 5 ) عند مالك في " الموطأ - في باب ما جاء في الغيلة والسحر " ص 342 ، وفي " الموطأ " للإمام محمد بن الحسن الشيباني : ص 226 ، وقال محمد : وبهذا نأخذ وهو قول أبي حنيفة وعامة من فقهائنا رحمهم الله انتهى . وعند البخاري في " الديات - في باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم " ص 1018 - ج 2 .
( 6 ) عند الدارقطني في " الحدود - والديات " ص 373 ، وراجع الحديث الآتي بعد هذا الحديث في " السنن " للدارقطني