- الحديث التاسع عشر : وعن جابر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحم الخيل يوم خيبر .
قلت : أخرجه البخاري في " غزوة خيبر - وفي الذبائح " ومسلم في " الذبائح " ( 1 ) عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل انتهى . ولفظ البخاري : ورخص في لحوم الخيل .
- قوله : وحديث جابر هذا معارض بحديث خالد والترجيح للمحرم قلت يشير إلى حديث خالد المتقدم أنه عليه السلام نهى عن لحوم الخيل والبغال والحمير وهذا فيه نظر فإن حديث جابر صحيح وحديث خالد بن الوليد متكلم فيه إسنادا ومتنا كما تقدم ومنهم من ادعى نسخه بحديث جابر لأنه قال فيه : وأذن وفي لفظ : ورخص قال الحازمي في " كتابه " ( 2 ) : والإذن والرخصة تستدعي سابقة المنع ولو لم يرد هذا اللفظ لتعذر القطع بالنسخ لعدم التاريخ فوجب المصير إليه وفي " الصحيح " عن أسماء بنت أبي بكر قالت : نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم فرسا فأكلناه وفي رواية : أكلنا لحم فرس عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلم ينكره ثم نقل الحازمي عن بعضهم أنه قال : ليس فيه نسخ ولكن الاعتماد على أحاديث الإباحة لصحتها وكثرة روايتها قالوا : وحديث خالد إنما ورد في قضية معينة وهو أن سبب التحريم في الخيل وفي البغال والحمير مختلف وذلك أنه نهى عن البغال والحمير لذاتها وعن الخيل لأنهم سارعوا في طبخها يوم خيبر قبل أن تخمس فأمر عليه السلام بإكفائها تغليظا عليهم فلما رأوا نهيه عليه السلام من تناول لحوم الخيل والبغال والحمير اعتقدوا أن سبب التحريم واحد حتى نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلّم : أن الله تعالى ورسوله ينهاكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس فحينئذ فهموا أن سبب التحريم مختلف وأن الحكم بتحريم الحمار الأهلي على التأبيد وأن الخيل إنما كان نهيا عن تناول ما لم يخمس فيكون قوله : أذن ورخص دفعا لهذه الشبهة إلا أنه رافع لحكم أول ثم استدل عليه بحديث أبي داود أن الناس قد أسرعوا إلى حظائرهم الحديث .
_________ .
( 1 ) عند مسلم في " الذبائح - باب إباحة أكل لحم الخيل " ص 150 - ج 2 ، وعند البخاري في " غزوة خيبر " ص 606 - ج 2 ، وفي " الذبائح - في باب لحوم الخيل " ص 829 - ج 2 ، وفي " باب لحوم الحمر الأنسية " ص 830 - ج 2 .
( 2 ) قال الحازمي في كتابه " الاعتبار " ص 163 قالوا : والرخصة تستدعي سابقة منع وكذلك لفظ : الإذن قالوا : ولو لم يرد لفظ الرخصة والإذن لكان يمكن أن يقال : القطع بنسخ أحد الحكمين متعذر لاستبهام التاريخ في الجانبين وإذا ورد لفظ الإذن تعين أن الحظر مقدم والرخصة متأخرة فتعين المصير إليها أه