- الحديث الخامس : قال عليه السلام : .
- " من طلب القضاء وكل إلى نفسه ومن أجبر عليه نزل عليه ملك يسدده " .
قلت : أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه ( 1 ) عن إسرائيل عن عبد الأعلى بن عامر الثعلبي عن بلال عن أبي موسى ويقال : ابن مرداس عن أنس قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلّم : من سأل القضاء وكل إلى نفسه ومن أجبر عليه نزل إليه ملك فسدده انتهى . ولفظ أبي داود فيه : من طلب القضاء واستعان عليه وكل إليه ومن لم يطلبه ولم يستعن عليه أنزل الله ملكا يسدده انتهى . وأخرجه الترمذي أيضا عن أبي عوانة عن عبد الأعلى الثعلبي عن بلال بن مرداس الفزاري عن خيثمة عن أنس مرفوعا : من ابتغى القضاء وسأل فيه شفعاء وكل إلى نفسه ومن أكره عليه أنزل الله عليه ملكا يسدده انتهى . وقال : حسن غريب وهو أصح من حديث إسرائيل انتهى . وبالسند الأول رواه أحمد وإسحاق بن راهويه والبزار في " مسانيدهم " والحاكم في " المستدرك " وقال : حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه انتهى . وذهل المنذري في " مختصره " عن ابن ماجه فعزاه للترمذي فقط قال ابن القطان في " كتابه " : هذا حديث يرويه أبو عوانة عن عبد الأعلى عامر الثعلبي عن بلال بن مرداس عن خيثمة عن أنس قال : وخيثمة بن أبي خيثمة البصري لم تثبت عدالته قال ابن معين : ليس بشيء وبلال ابن مرداس الفزاري مجهول الحال روى عنه عبد الأعلى بن عامر والسدي وعبد الأعلى بن عامر ضعيف قال : والعجب من الترمذي فإنه أورد الحديث من رواية إسرائيل عن عبد الأعلى عن بلال بن أبي موسى عن أنس ثم قال في رواية أبي عوانة المتقدمة : إنها أصح من رواية إسرائيل ( 2 ) قال : وإسرائيل أحد الحفاظ ولولا ضعف عبد الأعلى كان هذا الطريق خيرا من طريق أبي عوانة الذي فيه خيثمة وبلال انتهى كلامه .
- قوله : روي أن الصحابة Bهم تقلدوا القضاء من معاوية والحق كان بيد علي في نوبته والتابعون تقلدوا القضاء من الحجاج وكان جائرا قلت : تولى أبو الدرداء القضاء بالشام وبها مات وكان معاوية استشاره فيمن يولي بعده فأشار عليه بفضالة بن عبيد الأنصاري فولاه الشام بعده وأما إن الحق كان بيد علي في نوبته فالدليل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلّم لعمار : " تقتلك الفئة الباغية " ولا خلاف أنه كان مع علي وقتله أصحاب معاوية قال إمام الحرمين في " كتاب الإرشاد " : وعلي Bه كان إماما حقا في ولايته ومقاتلوه بغاة وحسن الظن بهم يقتضي أن يظن بهم قصد الخير وإن أخطأوه وأجمعوا على أن عليا كان مصيبا في قتال أهل الجمل وهم طلحة والزبير وعائشة ومن معهم وأهل صفين وهم معاوية وعسكره وقد أظهرت عائشة الندم كما أخرجه ابن عبد البر في " كتاب الاستيعاب " عن ابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال : قالت عائشة لابن عمر : يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري ؟ قال : رأيت رجلا غلب عليك - يعني ابن الزبير - فقالت : أما والله لو نهيتني ما خرجت انتهى . وفي " الطبقات " لابن سعد أن عثمان أفرد معاوية بالشام فلما ولي علي بن أبي طالب الخلافة بعد عثمان فال : معاوية : والله لا ألي له شيئا أبدا ولا أبايعه ولا أقدم عليه حتى كانت الوقعة بينهما بصفين في المحرم سنة سبع وثلاثين فاقتتلوا قتالا شديدا ورجع علي الكوفة بأصحابه مختلفين عليه ورجع معاوية إلى الشام بأصحابه متفقين عليه وأقر فضالة بن عبيد الأنصاري على قضائه بالشام مختصر .
- وأما تقلد الولاية من الحجاج : فروى البخاري في " تاريخه الوسط " حدثنا عمرو بن علي ثنا أبو داود عن سليمان بن معاذ عن أبي إسحاق قال : كان أبو بردة على قضاء الكوفة فعزله الحجاج وجعل أخاه ( 3 ) مكانه انتهى . وقال في مكان آخر : حدثنا الحسن بن رافع ثنا ضمرة قال استقضى الحجاج أبا بردة بن أبي موسى وأجلس معه سعيد بن جبير ثم قتل سعيد بن جبير ومات الحجاج بعده بستة أشهر ولم يقتل بعده أحدا انتهى . وفي " تاريخ أصبهان " للحافظ أبي نعيم في " باب العين المهملة " عبد الله بن أبي مريم الأموي ولى القضاء في أصبهان للحجاج ثم عزله الحجاج وأقام محبوسا بواسط فلما هلك الحجاج رجع إلى أصبهان وتوفى بها انتهى . وقال ابن القطان في " كتابه - في باب الاستسقاء " : وطلحة بن عبد الله بن عوف أبو محمد الذي يقال له : طلحة الندى ابن أخي عبد الرحمن بن عوف تقلد القضاء من يزيد بن معاوية على المدينة وهو تابعي يروي عن ابن عباس وأبي هريرة وأبي بكرة انتهى .
_________ .
( 1 ) عند أبي داود في " القضاء - باب في طلب القضاء " ص 147 - ج 2 ، وعند الترمذي في " الأحكام - باب ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في القاضي " ص 170 - ج 1 ، وعند ابن ماجه في " الأحكام - باب ذكر القضاة " ص 168 ، وفي " المستدرك في الأحكام " ص 92 - ج 4 ، وصححه وتبعه الذهبي في تلخيصه فصححه .
( 2 ) قال ابن الهمام في " الفتح " ص 460 - ج 5 : وأصح من الكل حديث البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الامارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أوتيتها عن غير مسألة أعنت عليها انتهى .
( 3 ) اسمه أبو بكر كما في " الدراية "