4670 - عن ابن عباس قال : أردت أن أسأل عمر بن الخطاب عن قوله D : { وإن تظاهرا عليه } فكنت أهابه حتى حججنا معه فلما قضينا حجتنا قال : مرحبا بابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما حاجتك ؟ قلت أخبرني عن قول الله D : { وإن تظاهرا عليه } من هما ؟ قال : ما تسأل عنها أحدا أعلم بذلك مني كنا ونحن بمكة لا يكلم أحد منا امرأته إذا كانت له حاجة سفع - ( قبض برجليها واجتذبها ومنه لنسفعا بالناصية . انتهى . قاموس ) - برجليها فقضى منها حاجته .
فلما قدمنا المدينة تزوجنا من نساء الأنصار فجعلن يكلمننا ويراجعننا فقمت إليها بقضيب فضربتها به فقالت : يا عجبا لك يا ابن الخطاب فإن رسول الله صلى الله عليه وسلّم تكلمه نساؤه فدخلت على حفصة فقلت : يا بنية أنظري لا تكلمي رسول الله صلى الله عليه وسلّم بشيء ولا تسأليه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليس عنده دينار ولا درهم يعطيكن فما كان لك من حاجة حتى دهنك فسليني وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا صلى الصبح في مصلاه وجلس الناس حوله حتى تطلع الشمس ثم يدخل على نسائه امرأة امرأة يسلم عليهن ويدعو لهن فإذا كان يوم إحداهن كان عندها وأنها أهديت لحفصة عكة فيها عسل من الطائف أو من مكة فكان النبي صلى الله عليه وسلّم إذا دخل عليها حبسته حتى تلعقه وتسقيه منها وإن عائشة أنكرت احتباسه عنها فقالت لجويرية عندها حبشية يقال لها خضراء إذا دخل على حفصة فادخلي عليها فأنظري ما يصنع ؟ فأخبرتها الجارية بشأن العسل فأرسلت إلى صواحبها فأخبرتهن وقالت : إذا دخل عليكن فقلن : إنا نجد منك ريح مغافير ثم إنه دخل على عائشة فقالت يا رسول الله أطعمت شيئا منذ اليوم ؟ لكأني أجد منك ريح مغافير وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم أشد شيء عليه أن يوجد منه ريح شيء فقال : هو عسل والله لا أطعمه أبدا حتى إذا كان يوم حفصة قالت : يا رسول الله إن لي حاجة إلى أبي نفقة لي عنده فأذن لي آتيه فأذن لها ثم أرسل إلى مارية جاريته فأدخلها بيت حفصة فوقع عليها فقالت حفصة : فوجدت الباب مغلقا فجلست عند الباب فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو فزع ووجهه يقطر عرقا وحفصة تبكي فقال : ما يبكيك ؟ قالت : إنما أذنت لي من أجل هذا ؟ أدخلت أمتك بيتي ثم وقعت عليها على فراشي ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن ؟ أما والله لا يحل لك هذا يا رسول الله فقال : والله ما صدقت أليس هي جاريتي وقد أحلها الله لي ؟ أشهدك أنها علي حرام ألتمس رضاك لا تخبري بهذا امرأة منهن فهي عندك أمانة .
فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة فقالت : ألا أبشرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد حرم عليه أمته وقد أراحنا الله تعالى منها : فأنزل الله : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } ثم قال : { وإن تظاهرا عليه } فهي عائشة وحفصة كانتا لا تكتم إحداهما الأخرى شيئا فجئت فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم في مشربته فيها حصير وإذا سقاء من جلود معلقة وقد أفضى جنبه إلى الحصير فأثر الحصير في جنبه وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف فلما رأيته بكيت فقال : ما يبكيك ؟ قلت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فارس والروم يضطجع أحدهم على الديباج فقال : هؤلاء قوم عجلوا طيباتهم في الدنيا والآخرة لنا فقلت يا رسول الله : فما شأنك ؟ فعن خبر أتاك اعتزلتهن ؟ فقال : لا ولكن بيني وبين أزواجي شيء فأقسمت أن لا أدخل عليهن شهرا ثم خرجت على الناس فقلت : يا أيها الناس ارجعوا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان بينه وبين أزواجه شيء فأحب أن يعتزل فدخلت على حفصة فقلت : يا بنية أتكلمين رسول الله صلى الله عليه وسلّم وتغيظينه ؟ فقالت : لا أكلمه بعد بشيء يكرهه ودخلت على أم سلمة وكانت خالتي فقلت لها كنحو ما قلت لحفصة فقالت : عجبا لك يا عمر كل شيء قد تكلمت فيه حتى تريد أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلّم وبين أزواجه ؟ ما يمنعنا أن نغار على رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأزواجكم يغرن عليكم ؟ وأنزل الله تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها } الآية .
( طس وابن مردويه )