37456 - عن عروة بن الزبير قال : جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية بعد مصاب أهل بدر بيسير في الحجر وكان عمير شيطانا من شياطين قريش وكان ممن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأصحابه ويلقون منه عناء وهم بمكة وكان ابنه وهب بن عمير أسارى بدر فذكر أصحاب القليب ومصابهم فقال صفوان : والله إنه ليس في العيش خير بعدهم فقال له عمير : صدقت والله أما والله لولا دين علي ليس له عندي قضاء وعيال أخشى عليهم الضيعة ( الضيعة : أي أنها تضيع وتتلف . النهاية 3 / 108 . ب ) بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله فإن لي قبله علة ( علة : يقال : هم بنو علات إذا كان أبوهم واحدا وأمهاتهم شتى الواحدة علة مثل جنات وجنة . المصباح المنير 2 / 583 . ب ) ابني أسير في أيديهم فاغتنمها صفوان منه فقال : فعلي دينك أنا أقضيه عنك وعيالك مع عيالي أسوتهم ما بقوا لا يسعهم شيء ويعجز عنهم قال عمير : فاكتم علي شأني وشأنك قال : أفعل ثم إن عميرا أمر بسيفه فشحذ ( فشحذ : يقال : شحذت الحديدة أشحذها بفتحتين والذال معجمة : أحددتها . المصباح المنير 1 / 416 . ب ) له وسم ثم انطلق حتى قدم المدينة فبينا عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين في المسجد يتحدثون عن يوم بدر ويذكرون ما أكرمهم الله به وما أراهم من عدوهم إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب حين أناخ بعيره على باب المسجد متوشحا السيف فقال : هذا الكلب عدو الله قد جاء متوشحا سيفه فدخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأخبره خبره قال : فأدخله علي .
فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه ( فلببه : لببت الرجل ولببته إذا جعلت في عنقه ثوبا أو غيره وجررته به . النهاية 4 / 223 . ب ) بها وقال لرجال ممن كان معه من الأنصار : ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فاجلسوا عنده واحذروا هذا الخبيث عليه فإنه غير مأمون ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه قال : أرسله يا عمر ادن يا عمير فدنا ثم قال : أنعموا صباحا - وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير بالسلام تحية أهل الجنة قال : أما والله إن كنت يا محمد لحديث عهد بها قال ما جاء بك يا عمير ؟ قال : جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه قال : فما بال السيف في عنقك ؟ قال : قبحها الله من سيوف وهل أغنت شيئا قال : صدقني ما الذي جئت له قال : ما جئت إلا لذلك فقال : بلى قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر فذكرتما أصحاب القليب من قريش ثم قلت : لولا دين علي وعيالي لخرجت حتى أقتل محمدا فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني له والله حائل بيني وبينك فقال عمير : أشهد أنك رسول الله قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان فوالله إني لأعلم أن ما أتاك به إلا الله فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق ثم تشهد شهادة الحق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : فقهوا أخاكم في دينه وأقرؤه وعلموه القرآن وأطلقوا له أسيره ففعلوا ثم قال : يا رسول الله إني كنت جاهدا في إطفاء نور الله شديد الأذى لمن كان على دين الله وإني أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام لعل الله أن يهديهم وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلحق بمكة وكان صفوان حين خرج عمير بن وهب يقول لقريش : أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تنسيكم وقعة بدر وكان صفوان يسأل عنه الركبان حتى قدم راكب فأخبره بإسلامه فحلف أن لا يكلمه أبدا ولا ينفعه بنفع أبدا فلما قدم عمير مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام ويؤذي من خالفه أذى شديدا فأسلم على يديه أناس كثير .
إسحاق وابن جرير