37088 - { ش } حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص عن عائشة قالت : خرجت يوم الخندق أقفوا آثار الناس فسمعت وئيد الأرض ورائي فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنه فجلست إلى الأرض فمر سعد وعليه درع قد خرجت منها أطرافه فأنا أتخوف على أطراف سعد وكان من أعظم الناس وأطولهم فمر يرتجز وهو يقول : .
لبث قليلا يدرك الهيجا حمل . . . . . . . ما أحسن الموت إذا حان الأجل .
فقمت فاقتحمت حديقة فإذا فيها نفر من المسلمين فيهم عمر بن الخطاب وفيهم رجل عليه تسبغة ( تسبغة : التسبغة : تسبغة الخوذة : ما توصل به من حلق الدروع فتستر العنق جمع تسابغ 10 / 414 المعجم الوسيط . ب ) له - تعني المغفر - فقال عمر : ويحك ما جاء بك ؟ ويحك ما جاء بك والله إنك لجريئة وما يؤمنك أن يكون تحوزا ( تحوزا : التحوز : من الحوزة وهي الجانب كالتنحي من الناحية يقال : تحوز عنه وتحيز وتحييز تفعيل . 1 / 321 الفائق . ب ) وبلاء قالت : فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت فدخلت فيها فرفع الرجل التسبغة عن وجهه فإذا طلحة بن عبيد الله فقال : يا عمر ويحك قد أكثرت منذ اليوم وأين التحوز والفرار إلا إلى الله .
قالت : ويرمي سعدا رجل من المشركين من قريش يقال له حبان بن العرقة بسهم فقال : خذها وأنا ابن العرقة فأصاب أكجله فقطعه فدعا الله تعالى فقال : اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من قريظة وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية فرقأ كلمه ( كلمه : الكلم : الجراحة . 457 المختار . ب ) وبعث الله الريح على المشركين وكفى الله المؤمنين القتال فلحق أبو سفيان بتهامة ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم ( صياصيهم : الصياصي : الحصون . 297 المختار . ب ) ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة فأمر بقبة فضربت على سعد في المسجد ووضع السلاح فأتاه جبريل فقال : أقد وضعت السلاح ؟ والله ما وضعت الملائكة السلاح فأخرج إلى بني قريظة فقاتلهم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالرحيل ولبس لأمته ( لأمته : لما انصرف النبي صلى الله عليه وسلّم من الخندق ووضع لأمته أتاه جبريل فأمره بالخروج إلى بني قريظة واللأمة : الدرع سميت لالتئامها وجمعها لام ولؤم واستلأم الرجل : لبسها . 3 / 293 الفائق . ب ) فخرج فمر على بني غنم وكانوا جيران المسجد فقال : من مر بكم ؟ قالوا : مر بنا دحية الكلبي وكان دحية يشبه لحيته وسنة وجهه بجبريل .
فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم فحاصرهم خمسة وعشرين يوما فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء عنهم قيل لهم : انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلّم فاستشاروا أبا لبابة فأشار إليهم بيده أنه الذبح فقالوا : ننزل على حكم سعد بن معاذ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : انزلوا على حكم سعد بن معاذ فنزلوا فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى سعد فحمل على حمار له أكاف من ليف وخف به قومه فجعلوا يقولون : يا أبا عمرو حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومن قد علمت لا يرجع إليهم شيئا حتى إذا دنا من دارهم التفت إلى قومه فقال : قد أنى ( أنى : أنى الشيء أنيا وأناء وإنى بالكسر وهي أني كفنى : حان وأدرك . 4 / 301 القاموس . ب ) لسعد أن لا يخاف في الله لومة لائم فلما طلع قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : قوموا إلى سيدكم فأنزلوه قال عمر : سيدنا الله قال : أنزلوه فأنزلوه فقال : يا رسول أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبي ذراريهم وتقسم أموالهم .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : لقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله ثم دعا سعد فقال : اللهم إن كنت أبقيت على نبيك من حرب قريش شيئا فأبقني لها وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك فانفجر كلمه وكان قد برأ حتى ما بقى منه إلا مثل الخرص فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلّم ورجع سعد إلى قبته التي كان ضرب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلّم .
قالت : فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأبو بكر وعمر وكانوا كما قال الله D رحماء بينهم .
قال علقمة : فقلت : أي أمه كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصنع ؟ قالت : كانت عينه لا تدمع على أحد ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته .
قال محمد بن عمرو حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال : لما نام رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين أمسى أتاه جبريل فقال : من رجل من أمتك مات الليلة استبشر بموته أهل السماء فقال : لا إلا أن يكون سعد فإنه أمسى دنفا ( دنفا : دنف المريض كفرح : ثقل . القاموس 3 / 141 . ب ) ما فعل سعد ؟ قالوا : يا رسول الله قد قبض وجاءه قومه فاحتملوه إلى دارهم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الفجر ثم خرج وخرج الناس فبت ( فبت : بت الشيء بتوتا : انقطع وأبت وبت بمعنى انقطع وبت الشيء : قطعه . وانبت : انقطع . وانبت الرجل في السير : جهد دابته حتى أعيت . وفي الحديث : ( إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى ) يقال لمن يبالغ في طلب الشيء ويفرط حتى ربما يفوته على نفسه . المعجم الوسيط 1 / 37 . ب ) رسول الله صلى الله عليه وسلّم الناس مشيا حتى أن شسوع نعالهم لتنقطع من أرجلهم وإن أرديتهم لتسقط عن عواتقهم فقال رجل : يا رسول الله بتت الناس فقال : إني أخشى أن تسبقنا إليه الملائكة كما سبقتنا إلى حنظلة . قال محمد فأخبرني أشعث بن إسحاق قال : فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو يغسل قال : فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلّم ركبتيه فقال : دخل ملك فلم يكن له مجلس فأوسعت له وأمه تبكي وهي تقول : .
ويل أم سعد سعدا . . . . . . . براعة ونجدا .
بعد أياد يا له ومجدا . . . . . . . مقدما سد به مسدا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : كل البواكي يكذبن إلا أم سعد . قال محمد : وقال ناس من أصحابنا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم لما خرج لجنازته قال ناس من المنافقين : ما أخف سرير سعد أو جنازة سعد قال : فحدثني سعد بن إبراهيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال يوم مات سعد : لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا جنازة سعد ما وطئوا الأرض قبل يومئذ . قال فسمعت إسماعيل بن محمد بن سعد ودخل علينا الفسطاط ونحن ندفن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ فقال : ألا أحدثكم بما سمعت أشياخنا يحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال يوم مات سعد : لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا جنازة سعد ما وطئوا الأرض قبل يومئذ ؟ قال محمد : فأخبرني أبي عن أبيه عن عائشة قالت : ما كان أحد أشد فقدا على المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم وصاحبيه من سعد بن معاذ قال محمد : وحدثني محمد بن المنكدر عن محمد بن شرحبيل أن رجلا أخذ قبضة من تراب قبر سعد ففتحها بعد فإذا هو مسك قال محمد : وحدثني واقد بن عمرو بن سعد - قال : وكان واقد من أحسن الناس وأطولهم قال : دخلت على أنس بن مالك فقال لي : من أنت ؟ قلت : أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال : يرحم الله سعدا إنك بسعد لشبيه ثم قال : يرحم الله سعدا كان من أجمل الناس وأطولهم قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى أكيدر دومة فبعث إليه بجبة ديباج منسوج فيها ذهب فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقام على المنبر فجلس فلم يتكلم فجعل الناس يلمسون الجبة ويتعجبون منها فقال : أتعجبون منها ؟ قالوا : يا رسول الله ما رأينا ثوبا أحسن منه قال : فوالذي نفس محمد بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون .
أبو نعيم