37043 - عن أبي جريج عن الزهري قال : قدم خزيمة بن الحكيم السلمي ثم البهزي على خديجة بنت خويلد وكان إذا قدم عليها أصابته بخير ثم انصرف إلى بلاده وإنه قدم عليها مرة فوجهته مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومعه غلام لها يقال له ميسرة إلى بصرى وبصرى من أرض الشام وأحب خزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلّم حبا شديدا حتى اطمأن إليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال له خزيمة : يا محمد إني أرى فيك أشياء ما أراها في أحد من الناس وإنك لصريح في ميلادك أمين في أنفس قومك وإني أرى عليك من الناس محبة وإني لأظنك الذي يخرج بتهامة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم : فإني محمد رسول الله قال : أشهد أنك لصادق وإني قد آمنت بك فلما انصرفوا من الشام رجع خزيمة إلى بلاده وقال : يا رسول الله إذا سمعت بخروجك أتيتك فأبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى إذا كان يوم فتح مكة أقبل خزيمة حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم لما نظر إليه : مرحبا بالمهاجر الأول قال خزيمة : أما والله يا رسول الله لقد أتيتك عدد أصابعي هذه فما نهنهني عنك إلا أن أكون مجدا في إعلانك غير منكر لرسالتك ولا مخالف لدعوتك آمنت بالقرآن وكفرت بالأوثان وأتيتك يا رسول الله غير مبدل لقولي ولا ناكث لبيعتي .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : إن الله يعرض على عبده في كل يوم نصيحة فإن هو قبلها سعد وإن تركها شقي فإن الله باسط يده لمسيء النهار ليتوب فإن تاب تاب الله عليه وإن الحق ثقيل كثقله يوم القيامة وإن الباطل خفيف كخفته يوم القيامة وإن الجنة محظور عليها بالمكاره وإن النار محظور عليها بالشهوات أنعم صباحا تربت يداك .
قال خزيمة : يا رسول الله أخبرني عن ظلمة الليل وضوء النهار وحر الماء في الشتاء وبرده في الصيف ومخرج السحاب وعن قرار ماء الرجل وماء المرأة وعن موضع النفس من الجسد وما شراب المولود في بطن أمه وعن مخرج الجراد وعن البلد الأمين .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : أما ظلمة الليل وضوء النهار فإن الله D خلق خلقا من غشاء الماء باطنه أسود وظاهره أبيض وطرفه بالمشرق وطرفه بالمغرب تمده الملائكة فإذا أشرق الصبح طردت الملائكة الظلمة حتى تجعلها في المغرب وينسلخ الجلباب وإذا أظلم الليل طردت الملائكة الضوء حتى تجعله في طرف الهواء فهما كذلك يتراوحان لا يبليان ولا ينفدان وأما إسخان الماء في الشتاء وبرده في الصيف فإن الشمس إذا سقطت تحت الأرض سارت حتى تطلع من مكانها فإذا طال الليل في الشتاء كثر لبثها في الأرض فسخن الماء لذلك فإذا كان الصيف مرت مسرعة لا تلبث تحت الأرض لقصر الليل فثبت الماء على حاله باردا وأما السحاب فينشق من طرف الخافقين السماء والأرض فيظل عليه الغبار مكفف من المزاد المكفوف حوله الملائكة صفوف تخرقه الجنوب والصبا وتلحمه الشمال والدبور وأما قرار ماء الرجل فإنه يخرج ماؤه من الإحليل وهو عرق يجري من ظهره حتى يستقر قراره في البيضة اليسرى وأما ماء المرأة فإن ماءها في التريبة يتغلغل لا يزال يدنو حتى يذوق عسيلتها وأما موضع النفس ففي القلب معلق بالنياط والنياط يسقي العروق فإذا هلك القلب انقطع العرق وأما شراب المولود في بطن أمه فإنه يكون نطفة أربعين ليلة ثم علقة أربعين ليلة ومشيجا أربعين ليلة وعميسا أربعين ليلة ثم مضغة أربعين ليلة ثم العظم حنيكا أربعين ليلة ثم جنينا فعند ذلك يستهل وينفخ فيه الروح فإذا أراد الله أن يخرجه تاما أخرجه وإذا أراد أن يؤخره في الرحم تسعة أشهر فأمره نافذ وقوله صادق تحملت عليه عروق الرحم ومنها يكون غذاء الوليد وأما مخرج الجراد فإنه نثرة حوت في البحر يقال له الابزار وفيه يهلك وأما البلد الأمين فبلد مكة مهاجر الغيث والرعد والبرق لا يدخلها الدجال وآية خروجه إذا منع الحياء وفشا الزنا ونقض العهد .
( كر ) وابن شاهين