37024 - عن خالد بن الوليد قال : لما أراد الله بي من الخير ما أراد قذف في قلبي حب الإسلام وحضرني رشدي وقلت : قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد فليس موطن أشهده إلا وأنصرف وإني أرى في نفسي أني موضع في غير شيء وأن محمدا سيظهر فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى الحديبية خرجت في خيل المشركين فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم في أصحابه بعسفان فقمت بازائه وتعرضت له فصلى بأصحابه الظهر إماما فهممنا أن نغير عليه ثم لم يعزم لنا وكانت فيه خيرة فاطلع على ما في أنفسنا من الهجوم به فصلى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف فوقع ذلك مني موقعا وقلت : الرجل ممنوع - وافترقنا وعدل عن سنن خيلنا وأخذ ذات اليمين فلما صالح قريشا بالحديبية ودافعته قريش بالبراح ( بالبراح : البراح مثل سلام : المكان الذي لا سترة فيه من شجر وغيره . المصباح المنير 1 / 59 . ب ) قلت في نفسي : أي شيء بقي ؟ أي المذهب إلى النجاشي فقد اتبع محمدا وأصحابه آمنون عنده فأخرج إلى هرقل فأخرج من ديني إلى نصرانية أو يهودية فأقيم مع عجمها أو أقيم في داري فيمن بقي ؟ فأنا على ذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلّم في عمرة القضية وتغيبت فلم أشهد دخوله وكان أخي الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي صلى الله عليه وسلّم في عمرة القضية فطلبني فلم يجدني فكتب إلي كتابا فإذا به : .
( بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك ومثل الإسلام يجهله أحد وقد سألني رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : أين خالد ؟ فقلت : يأتي الله به فقال : ما مثل خالد يجهل الإسلام ولو كانت نكايته وحده مع المسلمين على المشركين لكان خيرا له ولقدمناه على غيره فاستدرك يا أخي ما فاتك منه فقد فاتتك مواطن صالحة ) .
قال : فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام وسرتني مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال خالد : وأرى في النوم كأني في بلاد ضيقة جدبة فخرجت إلى بلد أخضر واسع فقلت : إن هذه لرؤيا حق فلما قدمت المدينة فقلت : لأذكرنها لأبي بكر قال : فذكرتها فقال : هو مخرجك الذي هداك الله للإسلام والضيق الذي كنت فيه الشرك فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم قلت من أصاحب إلى محمد صلى الله عليه وسلّم ؟ فلقيت صفوان بن أمية فقلت : يا أبا وهب أما ترى ما نحن فيه إنما نحن أكلة رأس وقد ظهر محمد على العرب والعجم فلو قدمنا على محمد فاتبعناه فإن شرف محمد لنا شرف فأبى علي أشد الإباء وقال : لو لم يبق غيري من قريش ما اتبعته أبدا فافترقنا وقلت : هذا رجل موتور ( موتور : ومنه حديث محمد بن سلمة ( أنا الموتور الثائر ) أي صاحب الوتر بالثأر . 5 / 148 النهاية . ب ) يطلب وترا قتل أبوه وأخوه ببدر قال : فلقيت عكرمة ابن أبي جهل فقلت له مثل ما قلت لصفوان فقال لي مثل ما قال صفوان فقلت له : فاطو ما ذكرت لك قال : لا أذكره وخرجت إلى منزلي فأمرت براحلتي تخرج إلى أن ألقى عثمان بن أبي طلحة فقلت : إن هذا لي لصديق ولو ذكرت له ما أريد ثم ذكرت من قتل من آبائه فكرهت أن أذكره ثم قلت وما علي وأنا راحل من ساعتي فذكرت له ما صار الأمر إليه وقلت له : إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر لو صب عليه ذنوب من ماء خرج وقلت له نحوا مما قلته لصاحبيه .
فأسرع الإجابة وقال : لقد غدوت اليوم وأنا أريد أن أغدو وهذه راحلتي بفج مناخة فأنقذت أنا وهو يأجج ( يأجج فيه ذكر ( بطن يأجج ) هو مهموز بكسر الجيم الأولى : مكان على ثلاثة أميال من مكة . وكان من منازل عبد الله بن الزبير . 5 / 291 النهاية . ب ) إن سبقني أقام وإن سبقته أقمت عليه فأدلجنا سحرة فلم يطلع الفجر حتى التقينا بيأجج فغدونا حتى انتهينا إلى الهدة فنجد عمرو بن العاص بها فقال : مرحبا بالقوم قلنا وبك قال : أين مسيركم ؟ قلنا : ما أخرجك ؟ قال : فما الذي أخرجكم ؟ قلنا : الدخول في الإسلام واتباع محمد قال : وذاك الذي أقدمني قال : فاصطحبنا جميعا حتى قدمنا المدينة فأنخنا بظاهرة الحرة ركابنا وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلّم فسر بنا فلبست من صالح ثيابي ثم عمدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلقيني أخي فقال : أسرع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد أخبر بك فسر بقدومك وهو ينتظركم فأسرعت المشي فطلعت فما زال يبتسم إلي حتى وقفت عليه فسلمت عليه بالنبوة فرد علي السلام بوجه طلق .
فقلت له : إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : الحمد لله الذي هداك قد كنت أرى لك عقلا ورجوت أن لا يسلمك إلا إلى خير قلت : يا رسول الله قد رأيت ما كنت أشد من تلك المواطن عليك معاندا عن الحق فادع الله يغفرها لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : الإسلام يجب ما كان قبله قلت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلّم على ذلك فقال : اللهم اغفر لخالد بن الوليد كلما أوضع فيه من صد عن سبيلك قال خالد : ونقدم عمرو وعثمان فبايعا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكان قدومنا في صفر من سنة ثمان فوالله ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم أسلمت يعدل من أصحابه فيما حزبه .
الواقدي ( كر )