36026 - { أيضا } عن الأحنف بن قيس قال : ما كذبت قط إلا مرة قالوا : وكيف يا أبا بحر ؟ قال : وفدنا على عمر بفتح عظيم فلما دنونا من المدينة قال بعضنا لبعض : لو ألقينا ثياب سفرنا ولبسنا ثياب صوننا فدخلنا على أمير المؤمنين والمسلمين في هيئة وشارة ( شارة : الشارة هي الهيئة وألفها مقلوبة عن الواو . النهاية 2 / 508 . ب ) حسنة كان أمثل .
فلبسنا ثياب صوننا وألقينا ثياب سفرنا حتى إذا طفنا في أوائل المدينة لقينا رجل فقال : انظروا إلى هؤلاء أصحاب دنيا ورب الكعبة قال : فكنت رجلا ينفعني رأيي فعلمت أن ذلك ليس بموافق للقوم فعدلت فلبستها وأدخلت ثياب صوني العيبة وأشرجتها ( واشرجتها : يقال : اشرجت العيبة وشرجتها إذا شددتها بالشرج وهي العرى . النهاية 2 / 456 . ب ) وأغفلت طرف الرداء ثم ركبت راحلتي ولحقت بأصحابي .
فلما دفعنا إلى عمر نبت ( نبت : يقال : نبا عنه بصره ينبو : أي تجافى ولم ينظر إليه . كأنه حقرهم ولم يرفع بهم رأسه . النهاية 5 / 11 . ب ) عيناه عنهم ووقعت عيناه علي فأشار إلي بيده فقال : أين نزلتم ؟ قلت : في مكان كذا وكذا فقال : أرني يدك فقام معنا إلى مناخ ركابنا فجعل يتخللها ببصره ثم قال : ألا اتقيتم الله في ركابكم هذه ؟ أما علمتم أن لها عليكم حقا ؟ ألا قصدتم بها في المسير ؟ ألا حللتم عنها فأكلت من نبت الأرض ؟ .
فقلنا : يا أمير المؤمنين إنا قدمنا بفتح عظيم فأحببنا أن نسرع إلى أمير المؤمنين وإلى المسلمين بالذي يسرهم .
فحانت منه التفاتة فرأى عيبتي فقال : لمن هذه العيبة ؟ قلت : لي يا أمير المؤمنين قال : فما هذا الثوب ؟ قلت : ردائي قال : بكم ابتعته ؟ فألقيت ثلثي ثمنه فقال : إن رداءك هذا لحسن لولا كثرة ثمنه .
ثم انطلق راجعا ونحن معه فلقيه رجل فقال : يا أمير المؤمنين انطلق معي فأعدني على فلان فإنه قد ظلمني فرفع الدرة فخفق ( فخفق : خفقة خفقا من باب ضرب إذا ضربه بشيء عريض كالدرة . المصباح المنير . 1 / 240 . ب ) بها رأسه وقال : تدعون أمير المؤمنين وهو معرض لكم حتى إذا شغل في أمر من أمر المسلمين أتيتموه أعدني أعدني فانصرف الرجل وهو يتذمر ( يتذمر : ومنه حديث موسى عليه السلام ( أنه كان يتذمر على ربه ) أي يجترئ عليه ويرفع صوته في عتابه . النهاية 2 / 167 . ب ) فقال : علي الرجل فألقى إليه المخفقة ( المخفقة : الدرة . النهاية 2 / 56 . ب ) فقال : امتثل فقال : لا والله ولكن أدعها لله ولك قال : ليس هكذا إما أن تدعها لله إرادة ما عنده أو تدعها لي فأعلم ذلك . قال : أدعها لله .
قال : فانصرف ثم مضى حتى دخل منزله ونحن معه فافتتح الصلاة فصلى ركعتين وجلس فقال : يا ابن الخطاب كنت وضيعا فرفعك الله وكنت ضالا فهداك الله وكنت ذليلا فأعزك الله ثم حملك على رقاب المسلمين فجاءك رجل يستعديك فضربته ما تقول لربك غدا إذا أتيته ؟ قال : فجعل يعاتب نفسه في ذلك معاتبة ظننا أنه من خير أهل الأرض .
( كر )