35684 - عن أبان بن عثمان الأحمر عن أبان بن تغلب عن عكرمة عن ابن عباس قال حدثني علي بن أبي طالب من فيه قال لما أمر الله تعالى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بكر وكان مقدما في كل خير وكان رجلا نسابة فسلم وقال : ممن القوم ؟ قالوا : من ربيعة قال : وأي ربيعة أنتم ؟ من هامها أم لهازمها فقالوا : من الهامة العظمى فقال أبو بكر : وأي هامتها العظمى أنتم ؟ قالوا : من ذهل الأكبر قال : منكم عوف الذي يقال له لا حر بوادي عوف ؟ قالوا : لا قال : فمنكم جساس بن مرة حامي الذمار مانع الجار ؟ قالوا : لا قال : فمنكم بسطام بن قيس أبو اللواء ومنتهى الأحياء ؟ قالوا : لا قال : فمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالبها أنفسها ؟ قالوا : لا قال : فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة ؟ قالوا : لا قال : فمنكم أخوال الملوك من كندة ؟ قالوا : لا قال : فمنكم أصهار الملوك من لخم ؟ قالوا : لا قال أبو بكر : فلستم من ذهل الأكبر أنتم من ذهل الأصغر فقام إليه غلام من بني شيبان حين بقل ( بقل وجهه : أي أول ما نبتت لحيته . النهاية 1 / 147 . ب ) وجهه فقال : .
إن على سائلنا أن نسأله . . . والعبء لا تعرفه أو تحمله .
يا هذا إنك قد سألتنا فأخبرناك ولم نكتمك شيئا فمن الرجل ؟ قال أبو بكر : أنا من قريش : فقال الفتى : بخ بخ من أهل الشرف والرئاسة فمن أي القرشيين أنت ؟ قال : من ولد تيم بن مرة فقال الفتى : أمكنت والله الرامي من سواء الثغرة أمنكم قصي الذي جمع القبائل من فهر فكان يدعى في قريش مجمعا ؟ قال : لا قال : فمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون ( مسنتون : أي مجدبين أصابتهم السنة وهي القحط والجدب . النهاية 2 / 407 . ب ) عجاف ؟ قال : لا قال : فمنكم شيبة الحمد عبد المطلب مطعم طير السماء الذي كأن وجهه القمر يضيء في الليلة الداجية الظلماء ؟ قال : لا قال : فمن أهل الإفاضة بالناس أنت ؟ قال : لا قال : فمن أهل الحجابة أنت ؟ قال : لا قال : فمن أهل السقاية أنت ؟ قال : لا قال : فمن أهل الندوة أنت ؟ قال : لا قال : فمن أهل الرفادة أنت ؟ قال : لا فاجتذب أبو بكر زمام الناقة راجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال الغلام : .
صادف درء السيل درءا يدفعه . . . بهيضه حينا وحينا يصدعه .
( درء : يقال للسيل إذا أتاك من حيث لا تحتسبه : سيل درء أي يدفع هذا ذاك وذاك هذا . ودرأ علينا فلان يدرأ إذا طلع مفاجأة . النهاية 2 / 110 . ب ) .
أما والله لو ثبت لأخبرتك من قريش فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال علي : فقلت : يا أبا بكر لقد وقعت من الأعرابي على باقعة قال : أجل يا أبا حسن ما من طامة إلا وفوقها طامة والبلاء مؤكل بالمنطق . ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار فتقدم أبو بكر فسلم فقال : ممن القوم ؟ قالوا من شيبان بن ثعلبة فالتفت أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : بأبي أنت وأمي هؤلاء غرر الناس وفيهم مفروق بن عمرو وهانيء بن قبيصة والمثنى بن حارثة والنعمان بن شريك وكان مفروق قد غلبهم جمالا ولسانا وكانت له غديرتان ( غديرتان : الغدائر : الذوائب واحدتها غديرة . النهاية 3 / 345 . ب ) تسقطان على تريبته ( تريبته : التريبة : هي أعلى صدر الإنسان تحت الذقن وجمعها الترائب . النهاية 1 / 186 . ب ) وكان أدنى القوم مجلسا فقال أبو بكر : كيف العدد فيكم ؟ فقال مفروق : إنا لنزيد على ألف ولن يغلب ألف من قلة .
فقال أبو بكر : وكيف المنعة فيكم ؟ فقال المفروق : علينا الجهد ولكل قوم جد فقال أبو بكر : كيف الحرب بينكم وبين عدوكم ؟ فقال مفروق : إنا لأشد ما نكون غضبا حين نلقى وإنا لأشد ما نكون لقاء حين نغضب وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد والسلاح على اللقاح والنصر من عند الله يديلنا ( يديلنا : ومنه حديث أبي سفيان وهرقل ( ندال عليه ويدال علينا ) أي نغلبه مرة ويغلبنا أخرى . النهاية 2 / 141 . ب ) مرة ويديل علينا أخرى لعلك أخو قريش فقال أبو بكر : قد بلغكم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلّم ألا هو ذا فقال مفروق : بلغنا أنه يذكر ذاك فإلى م تدعونا يا أخا قريش ؟ فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلّم فجلس وقام أبو بكر يظله بثوبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وإلى أن تؤوني وتنصروني فإن قريشا قد ظاهرت على أمر الله وكذبت رسله واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد .
فقال مفروق بن عمرو إلى م تدعونا يا أخا قريش ؟ فوالله ؟ ما سمعت كلاما أحسن من هذا فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم : { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم } إلى { فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } فقال مفروق وإلى م تدعونا يا أخا قريش ؟ فوالله ما هذا من كلام أهل الأرض فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم : { إن الله يأمر بالعدل والإحسان } إلى قوله { لعلكم تذكرون } فقال مفروق بن عمرو : دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك - وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانيء بن قبيصة فقال : وهذا هانيء شيخنا وصاحب ديننا .
فقال هانيء : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش إني أرى إن تركنا ديننا واتبعناك على دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر إنه زلل في الرأي وقلة نظر في العاقبة وإنما تكون الزلة مع العجلة ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقدا ولكن نرجع وترجع وننظر وتنظر - وكأنه أحب أن يشركه المثنى بن حارثة فقال : وهذا المثنى بن حاثة شيخنا وصاحب حربنا فقال المثنى بن حارثة : سمعت مقالتك يا أخا قريش والجواب فيه جواب هانيء بن قبيصة وتركنا ديننا ومتابعتك على دينك وإنا إنما نزلنا بين ضرتي اليمامة والسمامة .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ما هاتان الضرتان ؟ فقال : أنهار كسرى ومياه العرب فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول وأما ما كان مما يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا أن لا نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا وإني أرى أن هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا أخا قريش مما تكره الملوك فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق وإن دين الله به [ ؟ ؟ ] لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه أرأيتم أن لا تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم أتسبحون الله وتقدسونه ؟ .
فقال النعمان بن شريك : اللهم فلك ذلك فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم { إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا . وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا } ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلّم قابضا على يدي أبي بكر وهو يقول : يا أبا بكر أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها بها يدفع الله بأس بعضهم عن بعض وبها يتحاجزون فيما بينهم فدفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج فما نهضنا حتى بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقد سر بما كان من أبي بكر ومعرفته بأنسابهم .
( ابن إسحاق في المبتدأ عق وأبو نعيم هق معا في الدلائل خط في المتفق قال عق : ليس لهذا الحديث بطوله وألفاظه أصل ولا يروى من وجه يثبت إلا شيء يروى في مغازي الواقدي وغيره مرسل وقد روى داود العطار عن ابن خثيم عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلّم لبث عشر سنين يتبع الحاج في منازلهم في الموسم - فذكر الحديث بجلاف لفظ أبان ودونه في الطول وهو أولى من حديث أبان بن عثمان - انتهى وقال ق : قال الحسن بن صاحب : كتب عني هذا الحديث أبو حاتم الرازي قال ق : وقد رواه أيضا محمد بن زكريا الغلابي وهو متروك عن شعيب بن واقد عن أبان بن عثمان فذكره بإسناده ومعناه وروي أيضا بإسناد آخر مجهول عن أبان بن تغلب - انتهى )