30317 - عن عمران بن حصين قال : قدم وفد بني نهد ( بني نهد : هم قبيلة باليمن كانوا يتكلمون بألفاظ غريبة وحشية لا تعرفها أكثر العرب وكان صلى الله عليه وسلّم يخاطب كل قوم ويكاتبهم بلغتهم وذلك من أنواع بلاغته صلى الله عليه وسلّم فكان يتكلم مع كل ذي لغة غريبة بلغته ومع كل ذي لغة بليغة بلغته اتساعا في الفصاحة واستحداثا للألفة والمحبة فكان يخاطب أهل الحضر بكلام ألين من الدهن وأرق من المزن ويخاطب أهل البدو بكلام أرسى من الهضب وأرهف من الغضب فانظر إلى دعائه صلى الله عليه وسلّم لأهل المدينة حين سألوه ذلك فقال : اللهم بارك لهم في مكيالهم وبارك لهم في صاعهم ومدهم وفي رواية اللهم بارك لنا في تمرنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا وبارك لنا في مدنا اللهم إني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك إبراهيم لمكة ثم انظر دعاءه لبني نهد وقد وفدوا عليه في جملة الوفود فقام طهفة بن رهم الهندي يشكو الجدب إليه فقال : يا رسول الله أتيناك من غوري تهامة الخ الحديث . السيرة النبوية للدحلان على هامش السيرة الحلبية 3 / 80 و 81 .
قال صاحب التعليق على كنز العمال الطبعة الثانية 10 / 408 : لما كان حديث طهفة بن زهير الوافد إلى النبي صلى الله عليه وسلّم في سنة تسع مع أكثر وفود العرب كما في الاستيعاب وشكاته من جدب بلاده وجوابه عنه عليه السلام قد عنى بشرحه وتفسير ألفاظه أكابر أئمتنا رحمهم الله ورأوا أن الحاجة ماسة إلى ذلك لما اشتملت عليه من غرابة الألفاظ التي لا يعرفها أكثر العرب لما بيننا وبينهم من التفاوت البعيد فنحن أشد حاجة منهم إلى ذلك وقد نقل شرحها وتفسير ألفاظها مفتي الشافعية بمكة المشرفة السيد أحمد دحلان في سيرته المشهورة عن المواهب اللدنية فاقتفينا أثرهما في ذلك تسهيلا على المطالعين وإعانة للشاردين وقد أورد تلك الشكاة صاحب كنز العمال من طريقين : طريق عمران بن حصين Bه وهي هذه ومن طريق علي Bه وهي الآتية في رقم ( 30325 ) وفيهما اختلاف في الزيادة والنقصان وكثرة التحريف وقلته وبالنظر في كل من الطريقين يحصل للناظر معرفة تفسير ألفاظ الشكاة وجوابها وما كان من تصحيف فيهما صححناه في متن الكنز اكتفاء بما في التعليق وما كان بين حاجزين في المتن فهو من المنقول عنه .
قال : أي طهفة : غوري الخ . ) بن زيد على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : يا رسول الله أتيناك من غوري ( غوري تهامة : ما انحدر منها ) تهامة على أكوار ( أكوار الميس : الأكوار : الرجل . الميس : بفتح الميم وسكون التحتية : شجر صلب تعمل منه رحال الإبل . ) الميس ترتمي بنا العيس نستجلب ( نستجلب الصبير : بالحاء المهملة والصبير : بفتح الصاد المهملة وكسر الوحدة سحاب أبيض متراكب يتكاثف أي : نستدر السحاب ) الصبير ونستخلب ( ونستخلب الخبير : بالخاء المعجمة فيهما والخبير : هو العشب في الأرض شبه بخبير الإبل وهو وبرها واستخلابه احتشاشه بالمخلب وهو المنجل وقيل نستخلب الخبير أي نقتطع النبات ونأكله ) الخبير ونستعضد ( ونستعضد البرير : أي نقطعه والبرير : ثمر الأراك وكانوا يأكلونه في الجدب لقلة الزاد ) البرير ونستخيل ( ونستخيل الرهام : بكسر الراء وهي الأمطار الضعيفة واحدتها رهمة أي نتخيل الماء في السحاب القليل ) الرهام ونستجيل ( ونستجيل الجهام : بالجيم أي نراه جائلا يذهب به الريح ههنا وههنا والجهام بفتح الجيم : السحاب الذي فرغ ماؤه ) الجهام من أرض ( من أرض غائلة النطا : بكسر النون أي المهلكة للبعد : يقال : بلد نطي أي بعيد ) غائلة النطا غليظة الوطا ( غليظة الوطا : الوطء والوطا : والميطأ ما انخفض من الأرض بين النشاز والاشراف . القاموس 321 ) قد نشف ( قد نشف المدهن : المدهن بالضم : نقرة في الجبل ومستنقع الماء وكل موضع حفره السيل وآلة الدهن وقارورته وهذا كناية عن جفاف الماء في جميع نواحيهم ) المدهن ويبس ( ويبس الجعثن : الجعثن : بالجيم والمثلثة المكسورتين بينهما مهملة ساكنة آخره نون : أصل النبات ) الجعثن وسقط ( وسقط الأملوج من البكارة : الأملوج بضم الهمزة واللام وبالجيم : هو نوى المقل كما في حديث طهفة . وقيل : هو ورق من أوراق الشجر يشبه الطرفاء والسرو . وقيل : هو ضرب من النبات ورقه كالعيدان . وفي رواية ( سقط الأملوج من البكارة ) هي جمع بكر وهو الفتي السمين من الإبل : أي سقط عنها ما علاها من السمن برعي الأملوج . فسمى السمن نفسه أملوجا على سبيل الاستعارة . قاله الزمخشري في الفائق . 6 / 2 النهاية 4 / 353 . ب ) الأملوج من البكارة .
ومات ( ومات العسلوج : بضم العين والسين المهملتين آخره جيم : هو الغصن إذا يبس وذهبت طراوته يريد أن الأغصان يبست وهلكت من الجدب ) العسلوج وهلك ( وهلك الهدي : بفتح الهاء وكسر الدال المهملة وشد الياء كالهدي بسكون الدال وتخفيف الباء : ما يهدى إلى البيت الحرام من النعم لينحر فأطلق على جميع الإبل وإن لم تكن هدايا لصلوحها له تسمية للشيء ببعضه ) الهدي ومات ( ومات الودي : بشد الياء : هو فسيل النخل يريد هلكت الإبل ويبست النخيل ) الودي برئنا ( وبرئنا إليك من الوثن : أي الصنم يعنون أنهم تركوا عبادة الأصنام والالتجاء إليها ) يا رسول الله من الوثن والعنن ( والعنن : وفي حديث طهفة ( برئنا إليك من الوثن والعنن ) العنن : الاعتراض . يقال : عن لي الشيء أي اعترض كأنه قال : برئنا إليك من الشرك والظلم . وقيل : أراد به الخلاف والباطل : ومنه حديث سطيح . أم فاز فازلم به شأو العنن يريد اعتراض الموت وسبقه . النهاية 3 / 313 . ب ) وما يحدث الزمن لنا دعوة المسلمين وشريعة الإسلام ما طما ( ما طما البحر : بالطاء المهملة أي : ارتفع بأمواجه ) البحر وقام تعار ( وقام تعار : بكسر المثناة بالفوقية بعدها عين مهملة فألف فراء بزنة كتاب : اسم جبل يصرف ولا يصرف باعتبار المكان والبقعة ) ولنا ( ولنا نعم همل : بفتحتين أي مهملة لا رعاة لها ولا فيها ما يصلحها ويهديها فهي كالضالة ) نعم همل .
أغفال ( أغفال : الإبل الأغفال : التي لا لبن فيها ) لا تبض ( لا تبض ببلال : أي ما يقطر منها لبن . يقال : بض الماء إذا قطر وسال . النهاية 1 / 132 . والبلال أراد به اللبن . النهاية 1 / 153 . ب ) ببلال ووقير ( ووقير : الوقير : القطيع من الغنم ) كثير الرسل ( كثير الرسل : بفتح الراء أي شديدة التفرق في طلب الرعي ) قليل ( قليل الرسل : بكسر فسكون : اللبن ) الرسل أصابنا سنية ( سنية : بالتصغير للتعظيم ) حمراء ( حمراء : شديدة أي أصابها جدب شديد ) مؤزلة ( مؤزلة : آتية بالأزل أي القحط ) ليس لها علل ( ليس لها علل : هو الشرب ثانيا ) ولا نهل ( ولا نهل : هو الشرب أولا أي لشدة القحط ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : اللهم بارك لهم في محضها ( في محضها : بالحاء المهملة والضاد المعجمة : أي خالص لبنها ) ومخضها ( ومخضها : بالمعجمتين : ما مخض من اللبن وهو الذي حرك في السقاء حتى يتميز زبده فيؤخذ منه ) ومذقها ( ومذقها : وهو اللبن الممزوج بالماء والضمائر لأرضهم أو أنعامهم المذكورة في كلام طهفة فدعا النبي صلى الله عليه وسلّم لهم في ألبانهم بأقسامها والقصد الدعاء لهم بخصب أرضهم وسقيها فكأنه قال : اللهم أسق بلادهم واجعلها مخصبة ملبنة ) وفرقها ( وفرقها : بكسر الفاء وبعضهم يقول بالفتح وهو مكيال يكال به اللبن . النهاية 3 / 440 . ب ) واحبس ( واحبس : وفي كلام طهفة : ( رأيت راعيها ) وفي الكنز واحبس ) راعيها على الدثر ( الدثر : بالمهملة المفتوحة ثم المثلثة الساكنة ويجوز فتحها ثم الراء : المال الكثير وقيل : الخصب والنبات الكثير لأنه من الدثار وهو الغطاء لأنها تغطي وجه الأرض ) ويانع الثمر .
وافجر ( وافجر لهم الثمد : بفتح المثلثة وإسكان الميم وتفتح : الماء القليل أي صيره كثيرا ) لهم الثمد وبارك لهم في الولد من أقام الصلاة كان مؤمنا ومن أدى الزكاة لم يكن غافلا ومن شهد أن لا إله إلا الله كان مسلما لكم يا بني نهد ودائع ( ودائع الشرك : قيل : المراد بها العهود والمواثيق التي كانت بينهم وبين من جاورهم من الكفار ) الشرك ووضائع ( وضائع الملك : بكسر الميم : هي الوظائف التي تكون على الملك وهو ما يلزم الناس في أموالهم من الزكاة والصدقة أي لكم الوظائف التي تلزم المسلمين لا تتجاوز عنكم ولا نزيد عليكم فيها شيئا بل أنتم كسائر المسلمين ) الملك ما لم يكن عهد ولا موعد ولا تثاقل ( ولا تثاقل : يعني لا تتثاقل عن الصلاة أي لا تتخلف عنها وعن أدائها في وقتها ) عن الصلاة ولا تلطط في ( ولا تلطط : بضم المثناة الفوقية ثم اللام الساكنة ثم طاءين الأولى مكسورة والثانية ساكنة أي لا تمنع الزكاة يقال لط الغريم إذا منعه حقه . وقال في النهاية 4 / 250 : في حديث طهفة ( لا تلطط في الزكاة ) أي لا تمنعها . يقال : لط الغريم وألط إذا منع الحق . ولط الحق بالباطل إذا ستره .
قال أبو موسى : هكذا رواه القتيبي على النهى للواحد . والذي رواه غيره ( ما لم يكن عهد ولا موعد ) ولا تثاقل عن الصلاة ولا يلطط في الزكاة ولا يلحد في الحياة ) وهو الوجه ولأنه خطاب للجماعة واقع على ما قبله ) الزكاة ولا تلحد ( ولا تلحد : بضم المثناة الفوقية وإسكان اللام وكسر الحاء المهملة آخره دال مهملة أي : لا تمل عن الحق ما دمت حيا والخطاب لطهفة بن رهم وفي السيرة الدحلانية : ولا تلحد في الحياة بصنيعة الفعل وقال في النهاية 4 / 236 ومنه حديث طهفة ( لا يلطط في الزكاة ولا يلحد في الحياة ) أي لا يجري منكم ميل عن الحق ما دمتم أحياء . قال أبو موسى : رواه القتيبي ( لا تلطط ولا تلحد ) على النهى للواحد ولا وجه له لأنه خطاب للجماعة ) في الحياة من أقر بالإسلام فله ما في الكتاب ومن أقر بالجزية فعليه ( فعليه الربوة : بكسر الراء وفتحها وضمها أي الزيادة يعنى من تقاعد عن إعطاء الزكاة فعليه الزيادة في الفريضة عقوبة له وهو صادق بأي زيادة كانت أي يزاد في عقوبته ولو بقتاله فإن مانع الزكاة يقاتل .
أخي القارئ الكريم : لقد نقلت إليك وحرصت أشد الحرص على شرح هذه الألفاظ الغريبة الواردة في الحديثين رقم 30317 و 30325 من السيرة النبوية للشيخ أحمد دحلان ومن التعليق على كنز العمال الطبعة الثانية ومن كتب اللغة وإذا أردت المراجعة فارجع إلى السيرة للدحلان من صفحة 82 - 85 على هامش السيرة الحلبية وإلى التعليق على كنز العمال 10 / 409 - 412 تجد بغيتك وإذا رأيت خطأ فأصلحه جزاك الله خيرا . ب ) الربوة وله من رسول الله صلى الله عليه وسلّم الوفاء بالعهد والذمة .
الديلمي ( حديث طهفة بن زهير أورده ابن الأثير في أسد الغابة رقم ( 2643 ) ( 3 / 96 ) وفسر الغريب من الحديث لغاية دعاء النبي صلى الله عليه وسلّم اللهم بارك لهم في محضها . . . الخ . ص )