30292 - يا معاذ إنك تقدم على أهل الكتاب وإنهم يسألونك عن مفاتيح الجنة فأخبرهم أن مفاتيح الجنة لا إله إلا الله وأنها تحرق كل شيء حتى تنتهي إلى الله D لا يحجب دونه من جاء بها إلى يوم القيامة مخلصا رجحت بكل ذنب يا معاذ تواضع لله D يرفعك الله واستدق ( واستدق : أي : احتقرها واستصغرها . وهو استفعل من الشيء الدقيق الصغير . النهاية 2 / 127 . ب ) الدنيا يؤتك الله الحكمة فإنه من تواضع لله واستدق الدنيا أظهر الله تعالى الحكمة من قلبه على لسانه ولا تغضبن ولا تقولن إلا بعلم فإن أشكل عليك أمر فاسأل ولا تستحي واستشر فإن المستشير معان والمستشار مؤتمن ثم اجتهد فإن الله D إن يعلم منك يوفقك وإن التبس عليك فقف وأمسك حتى تبينه أو تكتب إلي فيه ولا تضربن فيما لم تجد في كتاب الله ولا في سنتي على قضاء إلا عن ملأ واحذر الهوى فإنه قائد الأشقياء إلى النار وإذا قدمت عليهم فأقم فيهم كتاب الله وأحسن أدبهم وأقرئهم القرآن يحملهم القرآن على الحق وعلى الأخلاق الجميلة وأنزل الناس منازلهم فإنهم لا يستوون إلا في الحدود لا في الخير ولا في الشر على قدر ما هم عليه من ذلك ولا تحابين في أمر الله وأد إليهم الأمانة في الصغير والكبير وخذ ممن لا سبيل عليه العفو وعليك بالرفق وإذا أسأت فاعتذر إلى الناس فعاجل التوبة وإذا أسروا عليك من الجهالة فبين لهم حتى يعرفوا ولا تحاقدهم .
وأمت أمر الجاهلية إلا ما حسنه الإسلام وأعرض الأخلاق على أخلاق الإسلام ولا تعرضها على شيء من الأمور وتعاهد الناس في المواعظ والقصد القصد والصلاة الصلاة فإنها قوام هذا الأمر اجعلوها همكم وآثروا شغلها على الأشغال وترفقوا بالناس في كل ما عليهم ولا تفتنوهم وانظروا في وقت كل صلاة فإن كان أرفق بهم فصلوا بهم أوله وأوسطه وآخره صلوا الفجر في الشتاء وغلسوا بها وأطل في القراءة على قدر ما يطيقون لا يملون أمر الله ولا يكرهونه ويصلون الظهر في الشتاء مع أول الزوال والعصر في أول وقتها والشمس حية والمغرب حين يجب القرص صلها في الشتاء والصيف على ميقات واحد إلا من عذر وأخر العشاء شيئا ما فإن الليل طويل إلا أن يكون غير ذلك أرفق بهم وإذا كان الصيف فأسفر بالفجر فإن الليل قصير فيدركها النوام وصل الظهر بعد ما يتنفس الظل وتبرد الرياح وصل العصر في وسط وقتها وصل المغرب إذا سقط القرص والعشاء إذا غاب الشفق إلا أن يكون غير ذلك أرفق بهم وتعاهدوا الناس بالتذكير وأتبعوا الموعظة بالموعظة فإنه أقوى للعاملين على العمل بما يحب الله ولا تخافوا في الله لومة لائم واتقوا الله الذي إليه ترجعون يا معاذ إني عرفت بلاءك في الدين والذي ذهب من مالك وركبك في الدين وقد طيبت لك الهدية فإن هدي إليك شيء فاقبل .
أبو نعيم وابن عساكر - عن عبيد بن صخر بن لوذان ( كان ممن بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى اليمن . راجع أسد الغابة ( 3 / 542 ) وذكر الحديث في ترجمة معاذ بن جبل ابن الأثير في أسد الغابة ( 5 / 194 و 195 ) . ص ) الأنصاري السلمي