قال الإمام الترمذي في سننه ما خلاصته : .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ( احفوا الشوارب واعفوا اللحى ) .
( واعفوا اللحى ) من الاعفاء وهو الترك وقد حصل من مجموع الأحاديث خمس روايات : اعفوا وأوفوا وأرخوا وارجوا ووفروا ومعناها كلها تركها على حالها .
قال ابن السكيت وغيره : يقال في جمع اللحية لحى ولحى بكسر اللام وضمها لغتان والكسر أفصح قال الحافظ : قال الطبري : ذهب قوم إلى ظاهر الحديث فكرهوا تناول شيء من اللحية من طولها ومن عرضها وقال قوم : إذا زاد على القبضة يؤخذ الزائد ثم ساق بسنده إلى ابن عمر أنه فعل ذلك وإلى عمر أنه فعل ذلك برجل ومن طريق أبي هريرة أنه فعله .
ثم حكى الطبري اختلافا فيما يؤخذ من اللحية هل له حد أم لا فأسند عن جماعة الاقتصار وعلى أخذ الذي يزيد منها على قدر الكف .
وعن الحسن البصري : أنه يؤخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش وعن عطاء نحوه قال : وحمل هؤلاء النهي على منع ما كانت الأعاجم تفعله من قصها وتخفيفها قال : وكره آخرون التعرض لها إلا في حج أو عمرة وأسنده عن جماعة واختار قول عطاء وقال : إن الرجل لو ترك لحيته لا يتعرض لها حتى أفحش طولها وعرضها لعرض نفسه لمن يسخر به .
واستدل بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها . انتهى .
ثم قال الحافظ : وقال عياض : يكره حلق اللحية وقصها وتحذيفها وأما الآخذ من طولها وعرضها إذا عظمت فحسن بل تكره الشهرة في تعظيمها كما يكره في تقصيرها كذا قال . وتعقبه النووي بأنه خلاف ظاهر الخبر في الأمر بتوفيرها قال : والمختار تركها على حالها وأن لا يتعرض لها بتقصير ولا غيره وكان مراده بذلك في غير النسك لأن الشافعي نص على استحبابه فيه . أ هـ .
قلت : لو ثبت حديث عمرو بن شعيب المذكور في الباب المتقدم ( أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها ) لكان قول الحسن البصري وعطاء أحسن الأقوال وأعدلها لكنه حديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج به .
وأما قول من قال : إنه إذا زاد على القبضة يؤخذ الزائد واستدل بآثار ابن عمر وعمر وأبي هريرة Bهم فهو ضعيف لأن أحاديث الاعفاء المرفوعة الصحيحة تنفي هذه الآثار فهذه الآثار لا تصلح للاستدلال بها مع وجود هذه الأحاديث المرفوعة الصحيحة فأسلم الأقوال هو قول من قال بظاهر أحاديث الاعفاء وكره أن يؤخذ شيء من طول اللحية وعرضها والله أعلم . انتهى . تحفة الأحوذي ( 8 / 46 و 47 ) ب .
قال صاحب الدر المختار : ولا بأس بنتف الشيب وأخذ أطراف اللحية والسنة فيها القبضة ولذا يحرم على الرجل قطع لحيته .
قال ابن عابدين في حاشيته عند قوله ( ولا بأس بنتف الشيب ) قيده في البزازية بأنه لا يكون على وجه التزين .
وقوله : ( والسنة فيها القبضة ) وهو أن يقبض الرجل لحيته فما زاد منها على قبضة قطعه كذا ذكره محمد في كتاب الآثار عن الإمام وقال وبه أخذ .
حاشية ابن عابدين ( 6 / 407 ) ب ) وعفوا اللحى .
( م ت ن ) عن ابن عمر ( عد ) عن أبي هريرة