17217 - أحفوا الشوارب ( { باب ما جاء في قص الشارب } .
قال الإمام الترمذي في سننه ما خلاصته : .
كان النبي صلى الله عليه وسلّم يقص أو يأخذ من شاربه . قال : ( وكان خليل الرحمن إبراهيم يفعله ) هذا حديث حسن غريب .
قال الطيبي : يعني كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يتبع سنة إبراهيم E كما ينبئ عنه قوله تعالى : { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن } قيل الكلمات الخمس : في الرأس والفرق وقص الشارب والسواك وغير ذلك انتهى .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ( من لم يأخذ من شاربه فليس منا ) أي : فليس من العاملين بسنتنا وهذان الحديثان يدلان على جواز قص الشارب واختلف الناس في حد ما يقص منه وقد ذهب كثير من السلف إلى استئصاله وحلقه لظاهر قوله : ( احفوا وانهكوا ) وهو قول الكوفيين وذهب كثير منهم إلى منع الحلق والاستئصال وإليه ذهب مالك وكان يرى تأديب من حلقه وروى عنه ابن القاسم أنه قال : إحفاء الشارب مثلة .
قال النووي : المختار أنه يقص حتى يبدو طرف الشفة ولا يحفيه من أصله قال : وأما رواية ( احفوا الشارب ) فمعناها احفوا ما طال عن الشفتين .
قال ابن القيم : وأما أبو حنيفة وزفر وأبو يوسف ومحمد فكان مذهبهم في شعر الرأس والشوارب أن الاحفاء أفضل من التقصير وذكر بعض المالكية عن الشافعي أن مذهبه كمذهب أبي حنيفة في حلق الشارب .
قال الطحاوي : ولم أجد عن الشافعي شيئا منصوصا في هذا وأصحابه الذين رأيناهم المزني والربيع كانا يحفيان شواربهما ويدل ذلك أنهم أخذاه عن الشافعي .
وروى الأثرم عن الإمام أحمد أنه كان يحفي شاربه إحفاء شديدا وسمعته يسأل عن السنة في إحفاء الشارب فقال : يحفي .
وقال حنبل : قيل لأبي عبد الله ترى الرجل يأخذ شاربه ويحفيه أم كيف يأخذه ؟ قال : إن أحفاه فلا بأس وإن أخذه قصا فلا بأس .
قال الشوكاني : والإحفاء ليس كما ذكره النووي من أن معناه أحفوا ما طال عن الشفتين بل الإحفاء الاستئصال كما في الصحاح والقاموس والكشاف وسائر كتب اللغة قال ورواية القص لا تنافيه لأن القص قد يكون على جهة الإحفاء وقد لا يكون ورواية الإحفاء معينة للمراد وكذلك حديث ( من لم يأخذ من شاربه فليس منا ) لا يعارض رواية الإحفاء لأن فيها زيادة يتعين المصير إليها ولو فرض التعارض من كل وجه لكانت رواية الإحفاء أرجح لأنها في الصحيحين .
وذهب الطبري إلى التخيير بين الإحفاء والقص وقال : دلت السنة على الأمرين ولا تعارض فإن القص يدل على أخذ البعض والإحفاء يدل على أخذ الكل وكلاهما ثابت فيتخير فيما شاء .
قال الحافظ : ويرجح قول الطبري ثبوت الأمرين معا في الأحاديث المرفوعة .
قلت : ما ذهب إليه هو الظاهر . تحفة الأحوذي ( 8 / 41 و 42 و 43 ) ب )