14304 - عن موسى بن جبير عن شيوخ من أهل المدينة قالوا : كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص أما بعد فإني قد فرضت لمن قبلي في الديوان ولذريتهم ولمن ورد علينا بالمدينة من أهل اليمن وغيرهم ممن توجه إليك وإلى البلدان فانظر من فرضت له فنزل بك فاردد عليه العطاء وعلى ذريته ومن نزل بك ممن لم أفرض له فافرض له على نحو مما رأيتني فرضت لأشباهه وخذ لنفسك مائتي دينار فهذه فرائض أهل بدر من المهاجرين والأنصار ولم أبلغ بهذا أحدا من نظرائك غيرك لأنك من عمال المسلمين فألحقتك بأرفع ذلك وقد علمت أن مؤنا تلزمك فوفر الخراج وخذه من حقه ثم عف عنه بعد جمعه فإذا حصل لك وجمعته أخرجت عطاء المسلمين وما يحتاج إليه مما لا بد منه ثم انظر فيما فضل بعد ذلك فاحمله إلي واعلم أن ما قبلك من أرض مصر ليس فيها خمس وإنما هي أرض صلح وما فيها للمسلمين فيء تبدأ بمن أغنى عنهم في ثغورهم وأجزأ عنهم في أعمالهم ثم تفيض ما فضل بعد ذلك على من سمى الله واعلم يا عمرو أن الله يراك ويرى عملك فإنه قال تبارك وتعالى في كتابه : { واجعلنا للمتقين إماما } يريد أن يقتدى به وأن معك أهل ذمة وعهد وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلّم بهم وأوصى بالقبط فقال : استوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة ورحما ورحمهم أن أم إسماعيل منهم وقد قال صلى الله عليه وسلّم : من ظلم معاهدا أو كلفه فوق طاقته فأنا خصمه يوم القيامة احذر يا عمرو أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلّم لك خصما فإنه من خاصمه خصمه والله يا عمرو لقد ابتليت بولاية هذه الأمة وآنست من نفسي ضعفا وانتشرت رعيتي ورق عظمي فاسأل الله أن يقبضني إليه غير مفرط والله إني لأخشى لو مات جمل بأقصى عملك ضياعا أن أسأل عنه يوم القيامة .
( ابن سعد )