14245 - عن عمرو بن ميمون قال : جئت وإذا عمر واقف على حذيفة وعثمان بن حنيف وهو يقول : تخافا أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق ؟ فقال عثمان : لو شئت لأضعفت أرضي وقال حذيفة : لقد حملت الأرض أمرا هي له مطيقة وما فيها كبير فضل فقال : انظرا مالديكما إن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق ثم قال : والله لئن سلمني الله لأدعن أرامل العراق لا يحتجن بعدي إلى أحد أبدا فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب وكان إذا دخل المسجد قام بين الصفوف ثم قال : استووا فإذا استووا تقدم فكبر فلما طعن مكانه فسمعته يقول : قتلني الكلب أو أكلني الكلب فقال عمرو : فما أدري أيهما قال فأخذ عمر بيد عبد الرحمن فقدمه وطار العلج ( العلج : العلج بوزن العجل : الواحد من كفار العجم والجمع علوج وأعلاج . المختار ( 353 ) ب ) وبيده سكين ذات طرفين ما يمر برجل يمينا ولا شمالا إلا طعنه حتى أصاب معه ثلاثة عشر رجلا فمات منهم تسعة فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا ( برنسا : البرنس : قلنسوة طويلة وكان النساك يلبسونها في صدر الإسلام وتبرنس الرجل : لبسه المختار ( 37 ) ب ) ليأخذه فلما ظن أنه مأخوذ نحر نفسه فصلينا الفجر صلاة خفيفة فأما نواحي المسجد فلا يدرون ما الأمر إلا أنهم حين فقدوا صوت عمر جعلوا يقولون : سبحان الله مرتين فلما انصرفوا كان أول من دخل عليه ابن عباس فقال : انظر من قتلني فجال ساعة ثم جاء فقال : غلام المغيرة الصنع ( الصنع : يقال : رجل صنع وامرأة صناع إذا كان لهما صنعة يعملانها بأيديهما ويكسبان بها . النهاية ( 3 / 56 ) ب ) فقال عمر : الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام قاتله الله لقد أمرت به معروفا .
ثم قال لابن عباس : لقد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة فقال ابن عباس : إن شئت فعلنا فقال : بعدما تكلموا بكلامكم وصلوا بصلاتكم ونسكوا نسككم فقال له الناس : ليس عليك بأس فدعا بنبيذ فشربه فخرج من جرحه ثم دعا بلبن فشربه فخرج من جرحه فظن أنه الموت فقال لعبد الله بن عمر : انظر ما علي من الدين فحسبه فوجده ستة وثمانين [ ألف درهم ] فقال : إن وفى بها مال آل عمر فأدها عني من أموالهم وإن لم تف أموالهم فسل بني عدي بن كعب فإن لم تف من أموالهم فسل قريشا ولا تعدهم ( ولا تعدهم : يقال عد عن هذا الأمر : أي تجاوزه إلى غيره . النهاية ( 3 / 191 ) ب ) إلى غيرهم فأدها عني ثم قال : يا عبد الله اذهب إلى عائشة أم المؤمنين فسلم وقل يستأذن عمر بن الخطاب ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست اليوم بأمير المؤمنين أن يدفن مع صاحبيه . فأتاها عبد الله بن عمر فوجدها قاعدة تبكي فسلم عليها ثم قال : يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه قالت : قد كنت والله أريده لنفسي ولأوثرنه اليوم على نفسي فلما جاء قيل هذا عبد الله بن عمر قال : ما لديك ؟ قال : أذنت لك فقال عمر : ما كان شيء أهم عندي من ذلك ثم قال : إذا أنا مت فاحملوني على سريري ثم استأذن فقل : يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لك فأدخلني وإن لم تأذن فردني إلى مقابر المسلمين فلما حمل فكأن الناس لم تصبهم مصيبة إلا يومئذ فسلم عبد الله بن عمر فقال : يستأذن عمر بن الخطاب فأذنت له حيث أكرمه الله مع رسوله ومع أبي بكر فقالوا له حين حضره الموت : استخلف فقال : لا أجد أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو عنهم راض فأيهم استخلف فهو الخليفة بعدي فسمى عليا وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعدا فإن أصابت الإمرة سعدا فذلك وإلا فأيهم استخلف فليستعن به فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة وجعل عبد الله يشاور معهم وليس له من الأمر شيء .
فلما اجتمعوا قال عبد الرحمن بن عوف : اجعلوا أمركم إلى ثلاثة نفر فجعل الزبير أمره إلى علي وجعل طلحة أمره إلى عثمان وجعل سعد أمره إلى عبد الرحمن فأتمر أولئك الثلاثة حين جعل الأمر إليهم فقال عبد الرحمن : أيكم يتبرأ من الأمر ويجعل الأمر إلي ولكم الله علي ألا آلوا عن أفضلكم وأخيركم للمسلمين ؟ قالوا : نعم فخلا بعلي فقال : إن لك من القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلّم والقدم فالله عليك لئن استخلفت لتعدلن ولئن استخلف عثمان لتسمعن ولتطيعن قال : نعم وخلا بعثمان فقال له مثل ذلك فقال عثمان : نعم ثم قال : لعثمان : أبسط يدك يا عثمان فبسط يده فبايعه علي والناس .
( ابن سعد وأبو عبيد في الأموال ش خ ن حب ق ط ) ( أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى واللفظ له ( 3 / 337 ) ص )