14184 - عن سعيد بن المسيب قال : لما ولي عمر بن الخطاب خطب الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلّم حمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس إني علمت أنكم كنتم تونسون مني شدة وغلظة وذلك أني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكنت عبده وخادمه وكان كما قال الله تعالى : { بالمؤمنين رؤوف رحيم } فكنت بين يديه كالسيف المسلول إلا أن يغمدني أو ينهاني عن أمر فأكف وإلا أقدمت على الناس لمكان لينه فلم أزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم على ذلك حتى توفاه الله وهو عني راض والحمد لله على ذلك كثيرا وأنا به أسعد ثم قمت ذلك المقام مع أبي بكر خليفة رسول الله بعده وكان قد علمتم في كرمه ودعته ( ودعته : الدعة : الخفض والهاء عوض من الواو تقول منه : ودع الرجل بالضم فهو وديع أي ساكن ورجل متدع أي صاحب دعة واستراحة . الصحاح للجوهري ( 3 / 1296 ) ) ولينه فكنت خادمه كالسيف بين يديه أخلط شدتي بلينه إلا أن يتقدم إلي فأكف وإلا أقدمت فلم أزل على ذلك حتى توفاه الله وهو عني راض والحمد لله على ذلك كثيرا وأنا به أسعد ثم صار أمركم إلي اليوم وأنا أعلم فسيقول قائل : كان يشتد علينا والأمر إلى غيره فكيف به إذا صار إليه ؟ واعلموا أنكم لا تسألون عني أحدا قد عرفتموني وجربتموني وعرفتم من سنة نبيكم ما عرفت وما أصبحت نادما على شيء أكون أحب أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عنه إلا وقد سألته فاعلموا أن شدتي التي كنتم ترون ازدادت أضعافا إذ صار الأمر إلي على الظالم والمعتدي والأخذ للمسلمين لضعيفهم من قويهم وإني بعد شدتي تلك واضع خدي بالأرض لأهل العفاف والكف منكم والتسليم وإني لا آبى ( آبى : الاباء بالكسر والمد مصدر قولك أبى يأبى بالفتح فيهما مع خلوه من حروف الحلق وهو شاذ أي امتنع فهو آب وأبى وأبيان بفتح الباء وتأبى عليه : امتنع . المختار ( 2 ) ب ) إن كان بيني وبين أحد منكم شيء من أحكامكم أن أمشي معه إلى من أحببتم منكم فلينظر فيما بيني وبينه أحد منكم فاتقوا الله عباد الله وأعينوني على أنفسكم بكفها عني وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحضاري النصيحة فيما ولاني الله من أمركم ثم نزل .
( أبو حسين بن بشران في فوائده وأبو أحمد الدهقان في الثاني من حديثه ك واللالكائي )