14175 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي وعبد الله بن البهي دخل حديث بعضهم في حديث بعض أن أبا بكر الصديق لما استعز به ( استعز به : أي اشتد به المرض وأشرف على الموت . النهاية ( 3 / 228 ) ب ) دعا عبد الرحمن بن عوف وقال : أخبرني عن عمر بن الخطاب ؟ فقال عبد الرحمن : ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني فقال أبو بكر : وإن فقال عبد الرحمن : هو والله أفضل من رأيك فيه ثم دعا عثمان بن عفان فقال : أخبرني عن عمر فقال : أنت أخبرنا به فقال على ذلك يا أبا عبد الله فقال عثمان بن عفان : اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته وأنه ليس فينا مثله فقال أبو بكر : يرحمك الله والله لو تركته لما عدوتك وشاور معهما سعيد بن زيد أبا الأعور وأسيد بن الحضير وغيرهما من المهاجرين والأنصار فقال أسيد : اللهم أعلمه الخيرة بعدك يرضى للرضى ويسخط للسخط الذي يسر خير من الذي يعلن ولم يل هذا الأمر أحد أقوى عليه منه وسمع بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم بدخول عبد الرحمن وعثمان على أبي بكر وخلوتهما به فدخلوا على أبي بكر فقال له قائل منهم : ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا وقد ترى غلظته فقال أبو بكر : أجلسوني أبالله تخوفوني خاب من تزود من أمركم بظلم أقول : اللهم استخلفت عليهم خير أهلك أبلغ عني ما قلت لك من وراءك ثم اضطجع ودعا عثمان بن عفان فقال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده من الدنيا خارجا عنها وعند أول عهده بالآخرة داخلا فيها حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر ويصدق الكاذب أني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيرا فإن عدل فذلك ظني به وعلمي فيه وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب من الإثم والخير أردت ولا أعلم الغيب : { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون } والسلام عليكم ورحمة الله .
ثم أمر بالكتاب فختمه فقال بعضهم : لما أملى أبو بكر صدر هذا الكتاب بقي ذكر عمر فذهب به قبل أن يسمي أحدا فكتب عثمان أني قد استخلفت عمر بن الخطاب ثم أفاق أبو بكر فقال : اقرأ علي ما كتبت فقرأ عليه ذكر عمر فكبر أبو بكر وقال : أراك خفت [ إن أقبلت ] نفسي في غشيتي ( غشيتي : غشى كعني غشيا وغشيانا أغمى فهو مغشي عليه والاسم الغشية القاموس ( 4 / 370 ) ب ) تلك فتختلف الناس فجزاك الله عن الإسلام وأهله خيرا والله إن كنت لها لأهلا ثم أمره فخرج بالكتاب مختوما ومعه عمر بن الخطاب وأسيد بن سعيد القرظي فقال عثمان للناس : أتبايعون لمن في هذا الكتاب ؟ قالوا : نعم فأقروا بذلك جميعا ورضوا به وبايعوا ثم دعا أبو بكر عمر خاليا وأوصاه بما أوصاه به ثم خرج من عنده فرفع أبو بكر يديه مدا فقال : اللهم إني لم أرد بذلك إلا صلاحهم : وخفت عليكم الفتنة فعملت فيهم ما أنت أعلم به واجتهدت لهم رأيي فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم وأحرصه على ما أرشدهم وقد حضرني من أمرك ما حضر فاخلفني فيهم فهم عبادك ونواصيهم بيدك أصلح لهم واليهم واجعله من خلفائك الراشدين يتبع هدي نبي الرحمة وهدي الصالحين بعده وأصلح له رعيته .
( ابن سعد ) ( أخرجه ابن سعد بطوله في الطبقات الكبرى ( 4 / 200 ) ص )