14172 - { مسند الصديق } عن إسحاق بن بشر حدثنا ابن إسحاق عن الزهري حدثنا ابن كعب عن عبد الله بن أبي أوفى الخزاعي قال : لما أراد أبو بكر غزو الروم دعا عليا وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وسعد ابن أبي وقاص وسعيد بن زيد وأبا عبيدة بن الجراح ووجوه المهاجرين والأنصار من أهل بدر وغيرهم فدخلوا عليه وقال عبد الله بن أبي أوفى وأنا فيهم فقال : إن الله D لا تحصى نعماؤه وهو لا يبلغ جزاءها الأعمال فله الحمد قد جمع الله كلمتكم وأصلح ذات بينكم وهداكم إلى الإسلام ونفى عنكم الشيطان فليس يطمع أن تشركوا به ولا تتخذوا إلها غيره فالعرب اليوم بنو أب وأم وقد رأيت أني أستنفر المسلمين إلى جهاد الروم بالشام ليؤيد الله المسلمين ويجعل الله كلمته العليا مع أن للمسلمين في ذلك الحظ الأوفر لأنه من هلك منهم هلك شهيدا وما عند الله خير للأبرار ومن عاش عاش مدافعا عن المسلمين مستوجبا على الله ثواب المجاهدين وهذا رأيي الذي رأيت فأشار امرؤ علي برأيه . فقام عمر بن الخطاب فقال : الحمد لله الذي يخص بالخير من يشاء من خلقه والله ما استبقنا إلى شيء من الخير قط إلا سبقتنا إليه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وقد والله أردت لقاءك بهذا الرأي الذي رأيت فما قضى أن يكون حتى ذكرته فقد أصبت أصاب الله بك سبل الرشاد سرب ( سرب : سرب في الأرض سروبا من باب قعد ذهب وسرب الماء سروبا جرى . المصباح المنير ( 1 / 370 ) ب ) إليهم الخيل في إثر الخيل وابعث الرجال بعد الرجال والجنود تتبعها الجنود فإن الله ناصر دينه معز الإسلام وأهله ثم إن عبد الرحمن بن عوف قام فقال : يا خليفة رسول الله إنها الروم وبنو الأصفر حديد وركن شديد ما أرى أن تقتحم عليها اقتحاما ولكن تبعث الخيل فتغير في قواصي ( قواصي : قصا المكان قصوا من باب قعد بعد فهو قاص وبلاد قاصية والمكان الأقصى الأبعد والناحية القصوى هذه لغة أهل العالية والقصيا بالياء لغة أهل نجد والأداني والأقاصي الأقارب والأباعد وقصوت عن القوم بعدت وأقصيته أبعدته . المصباح المنير ( 2 / 695 ) ب ) أرضهم ثم ترجع إليك فإذا فعلوا ذلك مرارا أضروا بهم وغنموا من أداني أرضهم فقووا بذلك على عدوهم ثم تبعث إلى أراضي أهل اليمن واقاصي ربيعة ومضر ثم تجمعهم جميعا إليك فإن شئت بعد ذلك غزوتهم بنفسك وإن شئت أغزيتهم .
ثم سكت الناس قال : فقال لهم أبو بكر : ماذا ترون ؟ فقال عثمان بن عفان : إني أرى أنك ناصح لأهل هذا الدين شفيق عليهم فإذا رأيت رأيا تراه لعامتهم صلاحا فاعزم على إمضائه فإنك غير ظنين ( الظنين : المتهم في دينه فعيل مفعول من الظنة : التهمة ( 3 / 163 ) النهاية . ص ) فقال طلحة والزبير وسعد وأبو عبيدة وسعيد بن زيد ومن حضر ذلك المجلس من المهاجرين والأنصار : صدق عثمان ما رأيت من رأي فامضه فإنا لا نخالفك ولا نتهمك وذكروا هذا وأشباهه وعلي في القوم لا يتكلم قال أبو بكر : ماذا ترى يا أبا الحسن ؟ فقال : أرى أنك إن سرت إليهم بنفسك أو بعثت إليهم نصرت عليهم إن شاء الله فقال : بشرك الله بخير ومن أين علمت ذلك ؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : لا يزال هذا الدين ظاهرا على كل من ناواه ( ناواه : ناوأته مناوأه ونواء من باب قاتل إذا عاديته أو فعلت مثل فعله مماثلة ويجوز التسهيل فيقال ناويته ونأى عن الشيء نأيا من باب نفع بعد وأنايته عنه أبعدته عنه في التعدية وانتوى بمعنى نوى ومنه يقال انتوى القوم منزلا بموضع كذا أي قصدوه . المصباح المنير ( 2 / 866 ) ب ) حتى يقوم الدين وأهله ظاهرون فقال : سبحان الله ما أحسن هذا الحديث لقد سررتني به سرك الله ثم إن أبا بكر Bه قام في الناس فذكر الله بما هو أهله وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلّم ثم قال : يا أيها الناس إن الله قد أنعم عليكم بالإسلام وأكرمكم بالجهاد وفضلكم بهذا الدين على كل دين فتجهزوا عباد الله إلي غزو الروم بالشام فإني مؤمر عليكم أمراء وعاقد لهم فأطيعوا ربكم ولا تخالفوا أمراءكم لتحسن نيتكم وشربكم وأطعمتكم { فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون } .
قال : فسكت القوم فوالله ما أجابوا فقال عمر : والله يا معشر المسلمين مالكم لا تجيبون خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقد دعاكم لما يحييكم ؟ أما إنه لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لابتدرتموه . فقال عمرو بن سعيد : فقال : يا ابن الخطاب ألنا تضرب الأمثال أمثال المنافقين فما منعك إذ عبت علينا فيه أن تبتدئ به ؟ فقال عمر : إنه يعلم أني أجيبه لو يدعوني وأغزو لو يغزيني قال عمرو بن سعيد : ولكن نحن لا نغزو لكم إن غزونا إنما نغزو لله فقال عمر : وفقك الله فقد أحسنت فقال أبو بكر لعمرو : اجلس رحمك الله فإن عمر لم يرد بما سمعت أذى مسلم ولا تأنيبه إنما أراد بما سمعت أن ينبعث المتثاقلون إلى الأرض إلى الجهاد فقام خالد بن سعيد فقال : صدق خليفة رسول الله اجلس أي أخي فجلس وقال خالد : الحمد لله الذي لا إله إلا هو الذي بعث محمدا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون فالله منجز وعده ومظهر دينه ومهلك عدوه ونحن غير مخالفين ولا مختلفين وأنت الوالي الناصح الشفيق ننفر إذا استنفرتنا ونطيعك إذا أمرتنا ففرح بمقالته أبو بكر وقال : جزاك الله خيرا من أخ وخليل فقد كنت أسلمت مرتغبا وهاجرت محتسبا قد كنت هربت بدينك من الكفار لكي ما يطاع الله ورسول الله وتعلو كلمته وأنت أمير الناس فسر يرحمك الله .
ثم إنه رجع ونزل خالد بن سعيد فتجهز وأمر أبو بكر بلالا فأذن أن انفروا أيها الناس إلى جهاد الروم بالشام والناس يرون أن أميرهم خالد بن سعيد وكان الناس لا يشكون أن خالد بن سعيد أميرهم وكان أول خلق الله عسكر ثم إن الناس خرجوا إلى معسكرهم من عشرة وعشرين وثلاثين وأربعين وخمسين ومائة كل يوم حتى اجتمع أناس كثير فخرج أبو بكر ذات يوم ومعه رجال من الصحابة حتى انتهى إلى عسكرهم فرأى عدة حسنة لم يرض عدتها للروم فقال لأصحابه : ما ترون في هؤلاء أن نشخصهم ( نشخصهم : شخص يشخص شخوصا خرج من موضع إلى غيره ويتعدى بالهمزة فيقال : أشخصته . المصباح المنير ( 1 / 417 ) ب ) إلى الشام في هذه العدة ؟ فقال عمر : ما أرضى هذه العدة لجموع بني الأصفر فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ فقالوا نحن نرى ما رأي عمر فقال : ألا أكتب كتابا إلى أهل اليمن ندعوهم إلى الجهاد ونرغبهم في ثوابه ؟ فرأى ذلك جميع أصحابه قالوا : نعم ما رأيت افعل فكتب بسم الله الرحمن الرحيم من خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى من قريء عليه كتابي هذا من المؤمنين والمسلمين من أهل اليمن سلام عليكم فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو أما بعد فإن الله كتب على المؤمنين الجهاد وأمرهم أن ينفروا خفافا وثقالا ويجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والجهاد فريضة مفروضة والثواب عند الله عظيم وقد استنفرنا المسلمين إلى جهاد الروم بالشام وقد سارعوا إلى ذلك وقد حسنت في ذلك نيتهم فسارعوا عباد الله ما سارعوا إليه ولتحسن نيتكم فيه فإنكم إلى إحدى الحسنيين إما الشهادة وإما الفتح والغنيمة فإن الله تبارك وتعالى لم يرض لعباده بالقول دون العمل ولا يزال الجهاد لأهل عداوته حتى يدينوا بدين الحق ويقروا بحكم الكتاب حفظ الله لكم دينكم وهدى قلبكم وزكى أعمالكم ورزقكم أجر المجاهدين الصابرين وبعث بهذا الكتاب مع أنس Bه .
( كر )