وهذه إشارة إلى الصبر عن شهوة كسب المال بالوجوه المكروهة واختلف الناس في معنى الحياة الطيبة فقال ابن عباس هو الرزق الحلال وقال الحسن وعلي بن أبي طالب هي القناعة قال ع والذي أقول به أن طيب الحياة اللازم للصالحين إنما هو بنشاط نفوسهم ونبلها وقوة رجائهم والرجاء للنفس أمر ملذ فبهذا تطيب حياتهم وأنهم أحتقروا الدنيا فزالت همومها عنهم فإن انضاف إلى هذا مال حلال وصحة أو قناعة فذلك كمال وإلا فالطيب فيما ذكرناه راتب .
وقوله سبحانه ولنجزينهم الآية وعد بنعيم الجنة قال أبو حيان وروي عن نافع وليجزينهم بالياء التفاتا من ضمير المتكلم إلى ضمير الغيبة وينبغي أن يكون على تقدير قسم ثان لا معطوفا على فلنحيينه فيكون من عطف جملة قسمية على جملة قسمية وكلتاهما محذوفة وليس من عطف جواب لتغاير الإسناد .
انتهى وقوله سبحانه فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله الآية التقدير فإذا أخذت في قراءة القرآن والاستعاذة ندب وعن عطاء أن التعوذ واجب ولفظ الاستعاذة هو على رتبة هذه الآية والرجيم المرجوم باللعنة وهو إبليس ثم أخبر تعالى أن إبليس ليس له ملكة ولا رياسة هذا ظاهر السلطان عندي في هذه الآية وذلك أن السلطان أن جعلناه الحجة فليس لإبليس حجة في الدنيا على أحد لا على مؤمن ولا على كافر إلا أن يتأول متأول ليس له سلطان يوم القيامة فيستقيم أن يكون بمعنى الحجة لأن إبليس له حجة على الكافرين أنه دعاهم بغير دليل فاستجابوا له من قبل أنفسهم ويتولونه معناه يجعلونه وليا والضمير في به يحتمل أن يعود على اسم الله D والظاهر أنه يعود على اسم العدو الشيطان بمعنى من أجله وبسببه فكأنه قال والذين هم بسببه مشركون بالله وهذا الأخبار بأن لا سلطان للشيطان على المؤمنين بعقب الأمر بالاستعاذة يقتضي أن الاستعاذة تصرف كيده كأنها متضمنة للتوكل على الله والانقطاع إليه