كالجناحين للطير يحملانه في طريق استقامة وان انفرد أحدهما هلك الإنسان وقد قال كثير من العلماء ينبغي أن يغلب الخوف الرجاء طول الحياة فإذا جاء الموت غلب الرجاء وقد رأى كثير من العلماء أن يكون الخوف أغلب على المرء بكثير وهذا كله طريق احتياط ومنه تمنى الحسن البصري أن يكون الرجل الذي هو آخر من يدخل الجنة وتمنى سالم مولى أبي حذيفة أن يكون من أصحاب الأعراف ثم أنس سبحانه بقوله إن رحمت الله قريب من المحسنين .
وقوله سبحانه وهو الذي يرسل الرياح نشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا الآية هذه آية اعتبار واستدلال وقرأ عاصم الرياح بالجمع بشرا بالباء المضمومة والشين الساكنة وروي عنه بشرا بضم الباء والشين ومن جمع الريح في هذه الآية فهو أسعد وذلك أن الرياح حيث وقعت في القرآن فهي مقترنة بالرحمة كقوله ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات واكثر ذكر الريح مفردة إنما هو بقرينة عذاب كقوله سبحانه وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم وقد تقدم إيضاح هذا في سورة البقرة ومن قرأ في هذه الآية الريح بالإفراد فإنما يريد به اسم الجنس وأيضا فتقييدها بنشرا يزيل الاشتراك والإرسال في الريح هو بمعنى الأجراء والإطلاق ونشرا أي تنشر السحاب وأما بشرا بضم الباء والشين فجمع بشير كنذير ونذر والرحمة في هذه آية المطر وبين يدي أي أمام رحمته وقدامها وأقلت معناه رفعته من الأرض واستقلت به وثقالا معناه من الماء والعرب تصف السحاب بالثقل والريح نسوق السحاب من ورائه فهو سوق حقيقة والضمير في سقناه عائد على السحاب ووصف البلد بالموت استعارة بسبب شعثه وجذوبته والضمير في قوله فأنزلنا به يحتمل أن يعود على السحاب أي منه ويحتمل أن يعود على البلد ويحتمل أن يعود على الريح