الجنة لمن ترك المراء وان كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه خرجه أبو داود انتهى من الكوكب الدري وقد ذكرنا هذا الحديث من غير طريق أبي دواد بلفظ أوضح من هذا وقوله سبحانه وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا هذا أمر بالمتاركة وكان ذلك بحسب قلة المسلمين يومئذ قال قتادة ثم نسخ ذلك وما جرى مجراه بالقتال وقال مجاهد الآية إنما هي للتهديد والوعيد فهي كقوله تعالى ذرني ومن خلقت وحيدا وليس فيها نسخ لأنها متضمنة خبرا وهو التهديد وغرتهم الحياة الدنيا أي خدعتهم من الغرور وهو الأطماع بما لا يتحصل فاغتروا بنعم الله وإمهاله وطمعهم ذلك فيما لم يتحصل من رحمته وأعلم أن أعقل العقلاء مؤمن مقبل على آخرته قد جعل الموت نصب عينيه ولم يغتر بزخارف الدنيا كما اغتر بها الحمقى بل جعل همه واحدا هم المعاد وما هو صائر إليه وقد روى البزار في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال من جعل الهموم هما واحدا هم المعاد كفاه الله هم الدنيا ومن تشعبت به الهموم هموم الدنيا لم يبال الله تعالى في أي اوديتها هلك انتهى من الكوكب الدري وقوله سبحانه وذكر به أي بالقرآن وقيل الضمير في به عائد على الدين وأن تبسل في موضع المفعول له أي ليلا تبسل ومعناه تسلم قاله الحسن وعكرمة وقال قتادة تحبس وترهن وقال ابن عباس تفضح وقال ابن زيد تجزي وهذه كلها متقاربة المعنى ومنه قول الشنفري ... هنالك لا ارجو حياة تسرني ... سمير الليالي مبسلا بالجرائر ... .
وباقي الآية بين وأن تعدل كل عدل أي وإن تعطي كل فدية وإن عظمت فتجعلها عدلا لها لا يقبل منها وقال أبو عبيدة وأن تعدل هو من العدل المضاد للجور ورده